1967م
أبدع سيد الألغاز الفنان السريالي رينيه ماغريت حينما قدم للعالم لوحته ’فن الحياة‘ (The Art of Living) مختتماً بها حياته الفنية. كانت هذه اللوحة صادمة ومفاجأة ففيها يتجسد رجلٌ يرتدي بدلة زرقاء عادية ولكن بلا رأس وتطفو فوق رقبته كرة برتقالية ضخمة وفي منتصفها وجه غير واضح الملامح. هل فقد هذا الرجل عقله بسبب الضغوط التي تفرضها توجهاته وتساؤلاته؟ أو أن هذه الكرة هي انعكاس لوعيه إذ تطفو بحُريّة بين عناصر الفن ولا تمت للواقع بصلة؟
وخلال نفس العام احتضنت هافانا في كوبا معرض ’صالون دي مايو‘ بحضور بعض من أبرز الفنانين وأكثرهم تأثيراً في الأرض. وضم المعرض لوحات بريشة رينيه ماغريت وبيكاسو، وغيرها بتوقيع عددٍ من أفضل الفنانين بهدف عرض هذه التحف أمام أكبر عدد ممكن من الجمهور. وتوج هذا المعرض بابتكار كوبا كوليكتيفا (Cuba Colectiva) وهي عبارة عن لوحة جدارية عملاقة تم تنفيذها خلال ليلة واحدة بأيادي الفنانين المحليين ومن سافروا إلى البلاد من الخارج. ويجسد هذا العمل مجموعة رؤية حقيقية من النفوس المُبدعة ممن يتشاركون الثقافة والحرفية ذاتها.
2023م
وبعد عقودٍ من الزمن وعلى مسافة آلاف الأميال وتحديداً في سلطنة عُمان، يفكر رينو سالمون، المدير الإبداعي في أمواج في مفاهيم عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ بما هو قادم. كان سالمون مذهولاً بقوة السريالية التي تُحبط توقعاتنا ومعها ننتظر تقديم شيئاً ما ولكنها تبهرنا بشيء مختلف تماماً حيث تحرف الواقع لتكشف لنا عن رؤى وحقائق أعمق مما كنا نعتقد. وليس من الغريب أن يقود البحث سالمون إلى لوحة ’فن الحياة‘. لكن الشيء الذي لم يتوقعه هو عند بحثه عن صورة لعمل ماغريت، يجد صورة على شكل طابع تم إصداره لإحياء ذكرى ’صالون دي مايو‘
. قد تبدو العلاقة مع كوبا مصادفة، فلم يمض وقت طويل حتى شكلت كوبا مصدر إلهامه في ابتكار عطر أوبس XIV – رويال توباكو.
وهنا تكتمل الأحجية… وتتشكل الفكرة رويدا رويدا في ذهنه…
أوبس XV – كينج بلو
منذ ابتكارها في عام 2010م، تُشكل المجموعة المكتبية من أمواج اللوحة العطرية التي قدمت فيها الدار عدداً من أشهر عطورها حيث اشتهرت بأفكارها المغامرة وتناقضاتها الجريئة. وترتبط جميع ابتكارات المجموعة المكتبية بمفاهيم المعرفة؛ إذ تتخذ أشكالاً من عالم افتراضي متغير (كما في أوبس V – وودز سيمفوني)، أو قدرتها على الجذب مثل (أوبس VII – ريكلس ليذر)، أو في القوة والجسارة التي تمنحها لمن يطمح إليها مثل (أوبس XIV – رويال توباكو).
وهذا ما جعل سالمون يدرك فوراً أن المجموعة المكتبية هي ملاذه الأمثل لاستكشاف انجذابه للسريالية. تعمّق سالمون في ماهية وهدف الفن السريالي وقدرته على مخالفة التوقعات، وربط بينه وبين هدف إقامة معرض ’صالون دي مايو‘ وتخطيه لكل حدود الفن الرفيع ومشاركة المعرفة وتبادلها مع الأخرين. شارك سالمون هذه الأفكار مع مبتكري العطور أليكسز جرجين وحامد ميراتي – كاشاني.
وقال رينو سالمون: “طلبت من مبتكري العطور صياغة عطر تتفتح نغماته بدون أن تكشف عن هويته… عطر يتطور ويفاجئ مرتديه… ولكن يمنحه شعور فريد بتوقيع دار العطور العالمية أمواج التي تعتز بتراثها العُماني. فما يميز هذا العطر هو جعل مرتديه يشعرون بأنه غير متوقع ولكنه يتناغم بحرية مع محيطه وفيه تفوق اليكسز وحامد على أنفسهما”.
يفوح هذا العطر بالعود: أحد أشهر أشكال العطور الأصيلة وأكبرها قيمة وعراقة في الشرق الأوسط. ولكن هذا العود يختلف عن أي عود قدمته أمواج من قبل إذ يبدو جامحاً وبرياً وعندما يرتبط بالباتشولي والبخور وخشب الصندل، يثري حواس مرتديه بشغفٍ بدائي جامح.
وفي الوقت نفسه، يتطور هذا العطر بسلاسة ويتألق ويشدو ببراعة تخطف الأنفاس. فهو عبارة عن عود لا تتفتح نغماته مثل العود إذ يسبقها شذى حمضي رائع.
يتقارب عطر أوبس XV – كينج بلو مع فكرة النغمات العطرية ’الزرقاء‘ والعطور ذات الشخصية التقليدية مثله مثل الشخصية التي ترتدي البدلة في لوحة ’فن الحياة‘ إذ تتفتح نغماته برائحة اليوسفي النابضة بالحياة. ويضيف الفلفل الوردي بريقاً لافت للانتباه بينما يزيد الكشمش الأسود من حدته. ولكن سرعان ما تظهر نغمة مختلفة ترتبط فيها النفحات الحسيّة للعنبر بالماندرين. أما خشب الأوك، فيبرز النغمات الخشبية وقبل أن ندرك أين نحن، يفوح العود مجدداً لتزداد الحيرة والغموض.
يمزج هذا العطر بين تفرد السريالية التي تخاطب الإدراك والروح المنفتحة لصالون دي مايو فهو يطرح أسئلة بلا نهاية ويمر بمنعطفات غريبة واكتشافات غير متوقعة. هل هي من الأرض: متجذرة في الأرض ومتصلة بمحيطها؟ أم تطفو هذه الاكتشافات على ارتفاع بكل حرية ودون قيود؟ ؟ بالتأكيد ستختلف الإجابات من شخص لآخر. ولكن ستكون جميعها غير متوقعة. وفجأة ستظهر من لا شيء.
عن العود المستخدم في العطر
لتجسيد المفاهيم والأحاسيس التي أراد سالمون تجسيدها في عطر أوبس XV – كينج بلو، صاغ مبتكرو العطور زيت عود بجودة استثنائية من إنتاج أجمل، أحد أبرز موردي العطور في العالم. وتعرف هذه الدرجة باسم ’عود سيلفر‘. ورأي كل من أليكسز وحميد أن تباين هذا العود بين القوة البرية الجامحة والأناقة الناعمة سيكون له دور كبير في تكوين هذه الشخصية المميزة لعطر كينج بلو.
التقديم
وفقاً للتصاميم التي أعيد ابتكارها مؤخراً للمجموعة المكتبية، يأتي عطر أوبس XV – كينج بلو في زجاجة أمواج الشهيرة على شكل الخنجر بلون الكمأة الترابية. أما العبوة، فهي تصور إحدى اللوحات الفنية بلمسات بلون الأزرق من تصميم لويس ميرتنز.
وفي الحملات المرئية التي أطلقتها الدار لهذا العطر من إخراج ألكسندرا ريغيوا، استخدمت الدار منحوتات جولييت زاكويتز حيث تقدم فيها مشهد يبرز شخصية أوبس المذهلة. ونسجت أعمال ميرتنز الفنية بأناقة في صور فالنتين أباد.
معلومات عن العطر
أمواج ’أوبس XV – كينج بلو‘
تتفتح نغماته بنفحات حمضية نابضة بالحياة ثم تتحول بجرأة وتفوح بشغف بري جامح دون أن تخفت قوة العود في نغماته الأساسية.
من ابتكار: أليكسز جروجن وحامد ميراتي-كاشاني
العائلة العطرية: حمضي، عنبري، خشبي
التعتيق: 10 أسابيع (إنضاج 5 أسابيع + نقع 5 أسابيع)
التركيز: عطر يحتوي على زيت عطري نقي بنسبة 35%
النغمات العليا: ماندرين، كشمش أسود، فلفل وردي
النغمات الوسطى: لبان، عنبر
النغمات الأساسية: خشب الصندل، خشب الأوك، باتشولي، عود سيلفر، جلد
Categories: Magazine, المرأة مول