المجتمع

الرسام والفنان يونس البلوشي: الكاريكاتير لسان الشارع ونبضه

الكاريكاتير رسالة عميقة للتعبير عن مختلف القضايا وإبرازها بصورة غير تقليدية، وهو فن لا يقل شأنا عن غيره من الفنون، ورغم ذلك فهو سلاح ذو حدين ..فنان الكاريكاتير يونس البلوشي في حوار مع (المرأة) والكثير عن هذا الفن الذي وصفه بأنه صاحب رسالة.

12

 في البداية حدثنا من هو يونس البلوشي؟

رسام كاريكاتير عُماني محترف، ومحب للرسم والقراءة وحاصل على البكالوريوس في إدارة الأعمال ، بدأت بالخروج بفن الكاريكاتير بمنتصف 2009 عبر منتديات الانترنت وحققت إنتشاراً كبيراً حينها ، وساهمت بطرح الكثير من الرسوم المتعلقة بمختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والرياضية و الاجتماعية والتي كان من النادر التطرق لها كاريكاتيراً في ذلك ، و حريص على التعريف بفن الكاريكاتير بشكل كبير عبر الأدوات المتاحة ، وأستخدم في الرسم طريقة مبتكرة وهي الرسم باستخدام الفأرة و برنامج الرسام (Paint).

 ما هو مفهوم الكاريكاتير بالنسبة لك؟

بالنسبة لي هو عالم من الخيال لا ينتهي إن بدأت فيه بالإبحار فلا تمني للنفس بالتوقف ، الكاريكاتير هو وسيلتي للتعبير بالرسم وهو فن صاحب رسالة عميقة مباشرة وغير مباشرة يمكن تفسيرها بعدة طرق ، و هو فن ناقد أيضاً و يبحث في النقيض في حياتنا و يسلط الضوء عليها بشكل فكاهي ساخر وهو من أرقى الفنون التعبيرية وأكثرها صعوبة لاعتماده على مخزون الرسام الثقافي والمعرفي وكيفية إدارة استقاطاته المعرفية على ما يتناوله من قضايا ، كما أنه سلاح إعلامي ذو حدين ، وللكاريكاتير دور كبير في توجيه الرأي العام وتوعيته وإظهار سلبياته وجعلها تطفو إلى السطح وهو ليس بأقل شأنا من أي برنامج حواري في الشأن نفسه ، ويمكن تلخيص فوائد الكاريكاتير في الآتي : فن يوجه ويشكل الرأي العام ، الأقرب وصولاً إلى القارىء ، سريع الانتشار كونه صورة ، فن يختصر الأحداث، عنصر من عناصر التغيير ، من أرقى فنون التعبير، سلاح إعلامي فكاهي ذو حدين ، تبيان حجم النقيض في حياتنا، لسان الشارع و صوته،

وعموماً فلقب ” رسام كاريكاتير ” يجب أن يطلق على شخص واحد يرسم الكاريكاتير ويكون صاحب الفكرة .33

كيف يمكن ان  ينعكس سلبا الفهم الخاطئ لرسم الكاريكاتير؟

متلقو الكاريكاتير أناس مختلفين فكرياً وبعضهم مستقل بفكره وطريقة فهمه للأمور وهذا يعتمد على تأثيرات عديدة منها سعة الإطلاع أو تأثير بيئته التي نشأ عليها في فهم بعض الرموز التي تستخدم في الكاريكاتير  أو الجهل برموز الأشياء ودلالاتها ، فالبعض يترك مفهوم الرسمة بالكامل ليدقق على جزئية معينة ويحاول فرض رأيه على الجميع بأن في الكاريكاتير إساءة وينتقل بالإساءة إلى الرسام لأنه يظن أن في بعض الكاريكاتيرات مساساً بمعتقده أو بفكره فيحدث نوع من الخوف لديه لتشكل أنطباع لدى الناس عن معتقده فيشعر بالخطر  ، من جانب آخر فإساءة الفهم للكاريكاتيرات أمر طبيعي لأن الناس لا يتفقون بطريقة تفكيرهم فهنالك دائما ” مع ” و ” ضد ” ، ومع هذا يجب أن يحرص الرسام على وضوح فكرته ووصولها للشارع لأنه صوت الشارع أساساً .

كيف تضمن وصول رسالتك الرمزية بنجاح إلى المتابعين في ظل وجود الكثير من القيود على حرية التعبير في معظم البلدان العربية؟

أولاً ينبغي أن نعرف أن حرية التعبير لا تعني الإساءة للآخر وأنها حرية يفترض أن لا تكون مطلقة بل بضوابط معينة غير مبالغ فيها ، وأن يكون التركيز في الكاريكاتير على الفكرة لا الأشخاص قدر الإمكان ، وأحاول جاهداً البعد عن الصيغة المباشرة في الطرح وتبسيط مفهوم الكاريكاتير ليصل للجميع وهو أمر يتحمله الرسام والمتلقي ، فالمتلقي إن كان بعيداً عن الأحداث من حوله يجد صعوبة في فهم الكاريكاتير ومناسبة نشره وصعوبة كذلك في تفكيك معانيه ومع هذا فالكاريكاتير يحدث تساؤلاً لدى المتلقي فيحفزه للبحث عن مقاصده ، وبلا شك أن حرية التعبير ليست متاحة بشكل كبير في البلدان العربية بل مؤطرة حول قضايا معينة رغم شعارات البعض عن الحرية ولا يوجد قانون واضح لحماية الصحفي ، ولأن لدينا تابوهات أو محظورات لا تمس مجتمعياً لمغالاتنا في تقدير واحترام شخوص معينة ، لذا فالدوران حول هذه التابوهات أفضل من التعمق فيها وهنا يبرز دور الرمزية في تجاوز الطرح المباشر .343

هل وقعت عرضة لسرقة أحدى رسوماتك؟

وقعت فعلاً في سرقة للرسوم الكاريكاتيرية من خلال نشرها دون علم بعدة وسائل إعلامية ربحية لأكثر من مره وتم الإعتذار لأكثر من مرة كذلك ، ومن صور السرقة حذف التوقيع والتعديل على بعض التعليقات وإضافة أشياء عليها ، وهذا أمر بالغ الخطورة فقد تستخدم للإساءة للآخرين بتحريف معناها ، ومن باب الأمانة يجب على الجميع من متلقين ومتابعين لهذا الفن أو أي فن أدبي أن يراعي توثيق الحقوق لأصحابها لأنها عمل فيه جهد و حقوق و ملكية .

 ماذا عن الحجب والمنع؟هل تم منع أو حجب أي من رسوماتك ؟

لنتفق أن هنالك وسيلة إعلامية تنشر لك ، و أن هذه الوسيلة خاضعة لتوجهات معينة ، وحجب بعض الرسوم يعتمد على أمرين ينبغي احترامهما فالأول هو توجه الصحيفة و ما تراه مناسباً للنشر ،والآخر هو ضعف الكاريكاتير وصعوبة وصوله للقارئ ، فالحفاظ على مستوى معين من الإبداع في كل كاريكاتير صعب ، فقد تجد رسمة لها قوة في التعبير والدلالات والأخرى أقل ، وهنالك رسوم لم تنشر لي حقيقة وقد تكون للأمرين الذين ذكرتهما آنفاً أو لأسباب أخرى لا أعلمها .

 متى نشأت لديك موهبة الرسم؟1677

أنا محب لمجلة ماجد وقد أثرت بي ،وكنت أرسم منذ الصغر حين كنت في الإبتدائية قبل أن تتحول إلى حلقات الآن ، ومررت بالعديد من مدرسي التربية الفنية من عمانيين و وافدين وكانت مدرستنا تضج بالموهوبين في مجالات شتى وكنت أحظى بإشادات وتوصيات للاهتمام بي وكنت أحب الرسم بأنواعه ، وكنا نقوم بمهارات فنية  كالحرق على الخشب و تشكيل نماذج ومجسمات لبعض الأماكن المشهورة و ممارسة الخط العربي و رسم الوجوه و التلوين بأنواعه ، بدأت في الكاريكاتير في المرحلة الإعدادية و لطالما ظننت أنني أستطيع رسم الكاريكاتير على نحو أتفوق فيه على تلك اللوحات الكاريكاتيرية  الإرشادية المعلقة على أعمدة مدرستنا آنذاك ، ولم يكن الكاريكاتير فناً واضحاً بالنسبة لي سوى أنني بدأت بتحويل الابتسامات المتداولة إلى كاريكاتير لفترة ولم يهتم بما أقوم به أحد قبل خروجي بهذا الفن عبر أدوات التواصل الاجتماعي ، حقيقة لا أذكر من الذي أوقعني في فن الكاريكاتير ، كل شيء مر بسرعة و أنت في عالم يجب أن تبحث فيه عن ما يميزك لكي لا تكون نسخة مكررة من أحدهم  .

 بمن تأثرت بالفنانين؟ومن يعجبك منهم؟و هل سبق وان شاركت في المسابقات سواء أكانت محلية أو دولية؟

أنا متابع للكاريكاتير لا لمن يقوم برسمه وقد يكون البحث عن الرسام جزء من ثقافة الكاريكاتير لأن البعض يظن أن حياة الرسام تنعكس على أعماله الفنية وهذا أمر يحتمل الصواب والخطأ و يفترض أن يعنينا ما يقدمه للعالم من رسوم كاريكاتيرية ، أنا يعجبني أي رسام ما دام يقدم رسمة جميلة معبرة ولا يهم إن كان مشهوراً أو في بداية الطريق ، بالنسبة للمسابقات فأنا لم أسعى لها يوماً ، ولكنها مهمة لحصد الإعتراف بموهبتك ، أنا فنان خال من الجوائز و بعيد عن المسابقات و لست عضوا في جمعية الفنون التشكيلية ، و أثق أن موهبتي استثنائية ونادرة .

 هل لك مشاركات في الصحف؟

بدأت في النشر لعدة صحف محلية و مجلات لفترة طويلة وحين أردت أن أكون جزءاً منها كرسام محترف متعاقد معهم ، أتضح لي أنهم كانوا يريدون رسوماً مجانية ولم يراعوا الجهد فيها ، وتمت مماطلتي لأكثر من مره مما دفعني لإيقاف الرسوم إليها ومحاولة البحث عن جهة صحفية تتبنى موهبتي و كنت جاداً في الخروج بموهبتي وكنت أدفع نفسي بنفسي ولله الحمد توفقت مع جريدة عُمان والفرصة التي أتاحها لي سعادة الرئيس التنفيذي ورئيس التحرير سابقاً الأستاذ عبدالله الرحبي ، ولازلت رسام كاريكاتير بجريدة عُمان إلى الآن ولله الحمد .

كيف ترى ثقافة المجتمع في جانب الكاركاتير وما مدى قبولهم لمثل هذا الفن؟

يحظى كاريكاتير ( رسام عُمان ) بقبول واسع جدا ، و تأتيني طلبات كثيرة لتعلم الكاريكاتير من مبتدئين موهوبين أو شغوفين بهذا الفن ، وحتى طريقة (الماوس والرسام) أصبحت محببة لهم بعد أن أنتقدت فيها لوجود برامج أفضل في الرسم ، و تأتيني كذلك رسائل من البعض يفتقدون فيها الرسوم الكارياتيرية لو تأخرت عليهم أو مضى وقت ولم أنشر فيه شيئاً عبر أدوات التواصل الإجتماعي وكذلك طلبات لمساهمات بكاريكاتيرات بمعارض طلابية أو بصحف يقوم عليها طلبة من عدة الجامعات لاسيما قسم الإعلام ، لذلك أظن أن هنالك قبول واسع للكاريكاتير فقد اجتهدت كثيراً للتعريف به إلى ما وصل إليه هذا الفن ولله الحمد ،والمجال بالطبع يتسع للجميع ، وهنالك توجه لوضع مساحة للكاريكاتير بتلفزيون سلطنة عُمان بعد ترحيب معالي الدكتور عبدالله الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بفكرة تخصيص مساحة لهذا الفن الذي لا تكاد تخلو منه أي صحيفه عمانية اليوم .

كلمة أخير؟

رسام الكاريكاتير ليس شخصاً سلبياً وليس باحثاً عن مشاكل بل هو شخص حباه الله بموهبة مميزة جدا ونادرة بالتعبير  بالرسم كما يعبر الكاتب بالكتابة و الشاعر بالشعر و غيرهم ، رسام الكاريكاتير هو صاحب رسالة و صاحب فن صادق يميل إلى صوت الشارع لأنه جزء منه و يتفاعل مع قضايا العالم لأنه كذلك جزء منه و لأنه رسام للكاريكاتير فوسيلته في التعبير هي الكلام بالرسم ، و لأنه كذلك صوت الشارع فالرموز الغاضبة برسومه هي نتيجه إلى أن هنالك شيء يستحق أن نلتفت إليه وأن لا نتجاوزه ، فنحن لسنا بالمدينة الفاضلة كما أن الإيجابية ليس لفظاً وليست مدحاً وتفاؤلاً مصطنعاً بل هي اليوم الذي نرى فيه النهار والليل معاً والشمس والقمر والأرض والسماء دون مبالغة وشكرا للجميع على دعمهم لي من أخوة وأخوات وأشكر مجلة المرأة العمانية هذه المساحة للتعريف بي و بفن الكاريكاتير ، شكرا لكم .

أضف تعليقاً