حوار: رضية الهاشمية
صعدت السلم الوظيفي بكل ثقة و إقتدار، كيف لا! وقد صقلت مهاراتها وخبراتها بفضل سعيها المتواصل نحو التعلم و الحصول على المعرفة، تعشق العمل الخيري، وهو يأتي في طليعة اهتماماتها التي دأبت للعمل بها من أجل خدمة المجتمع. التحقت للدراسة في جامعة السلطان قابوس بعدما أنهت دراستها الثانوية العامة، وبعد مرور ثلاثة أعوام حصلت على مؤهل الدبلوم في المحاسبة المالية بمعدل امتياز من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ونتيجة للمعدل العالي الذي حصلت عليه، أتُيحت لها الفرصة لمواصلة مشوارها التعليمي لنيل شهادة البكالوريوس، لكن وبسبب الظروف الاسرية التي واجهتها لم تسنح لها الفرصة لمواصلة الدراسة.
تؤمن أن الأقدار الجميلة تأتي بشكل غير مخطط له، فقد حصلت مباشرة على وظيفة في بنك مسقط في عام 2004 كمستشارة تأمين مصرفي في قسم المبيعات، وخلال تلك الفترة حققت نجاحا في الحصول على أعلى معدل للمبيعات، لكنها لم تكن تشعر بأن هذا هو مجال عملها، لذا قررت الإستقالة والالتحاق بشركة نفطية تابعة لشركة نفط عمان، عملت فيها لمدة 5 سنوات متواصلة في قسم المحاسبة وكانت مهامها تتلخص في إعداد جدول الرواتب والمصروفات والتقارير المالية وغيرها. بالنسبة لها كانت تلك فترة صقلت فيها مهاراتها وجعلتها تتقدم على السلم بنجاح، لكن الأقدار اعترضت طريقها وقررت الشركة الإنتقال إلى صحار مما أدى بها الحال إلى أن تقدم استقالتها كونها مستقرة في مسقط وهي أم ولديها أسرة، حيث انتقلت للعمل في البنك الأهلي عام 2008 بقسم المالية، وكانت تلك فرصة ذهبية للانطلاق في القطاع المصرفي.
عملت في البنك الأهلي بوظيفة أخصائي أول في قسم المالية لمدة 5 سنوات، وكانت تصفها بأجمل سنوات حياتها المهنية، وقد تدرجت في المناصب تباعا حتى وصلت إلى وظيفة مدير. حيث قامت بإدارة الجوانب المالية في عدد من المشاريع الكبيرة التي كان البنك يتعامل معها. كما أنها في الوقت نفسه كانت تواصل مشوارها التعليمي حتى حصلت على مؤهل بكالوريوس المحاسبة مع مرتبة الشرف وعلى شهادة محاسب إسلامي معتمد، إلى أن حملتها الأقدار للإنتقال للعمل لدى بنك العز الإسلامي والذي كان ما يزال في بداية التأسيس .
تحدثنا طاهرة عن طبيعة عملها؟ والمهام الموكلة لها بشكل عام حيث تقول: التحقت ببنك العز الإسلامي بالتحديد في قسم المالية وكنت في طليعة الموظفين الذين شهدوا الفترة التأسيسية للبنك، وقد كانت الفترة الأولى فترة تحدي لحداثة الصيرفة الإسلامية في السوق العماني وفي القطاع المصرفي بشكل عام، و لكن بفضل تكاتف الجهود والرغبة في تجاوز التحديات تمكنا ولله الحمد من المضي قدما في المسار الصحيح . في بنك العز الإسلامي بدأت مشواري بوظيفة مدير إلى أن وصلت اليوم ولله الحمد إلى رئيسة قسم، وقد أمضيت حتى الآن 8 سنوات في بنك العز الإسلامي كما يقال بحلوها ومرها، وتضطلع مهامي في كيفية المساهمة لتطوير المنتجات وإدارة الأصول المالية وإدارة تقريبا مختلف الشؤون ذات العلاقة بالجوانب المالية والمحاسبية في البنك، وخلال هذه الفترة نلت تكريما من البنك لمساهمتي في توفير مبلغ 130 ألف ريال عماني للبنك من حيث إعادة النظر في العقود والفواتير وإقناع العملاء في بعض المسائل ذات العلاقة بالجوانب المالية .
وفي سؤالنا لها عن أبرز اهتماماتها على الصعيد العملي والشخصي تقول طاهرة: بعيداً عن الحديث في الأشياء المتعلقة بالجوانب المالية، عندما أضع خطوتي الأولى على عتبات البنك عند انتهاء العمل وأنا متجهة للخارج فإن ما يشغلني دائما هو العمل الخيري لهذا المجتمع المتسامح، فقد كنت أقوم بمد الأسر المعسرة بالاحتياجات اللازمة بتجميعها من قبل أهلي والأقارب، ومع مرور الوقت تولدت لدي فكرة وهي إعادة تدوير كل الأشياء التي أقوم بجمعها للأسر المتعففة مثل الملابس والكماليات والأدوات الضرورية وغيرها، وقد كبرت الفكرة وقمت بالجلوس مع الأسر المعسرة لمعرفة المواهب والمهارات التي تملكها فقمنا بتوفير الأشياء التي تؤدي وتمكن كل أسرة من الإعتماد على نفسه، فكنت أقوم بمتابعة كل أسرة منتجة لمدة 6 أشهر و أجلب مشترين لما تنتجه وبعد 6 أشهر أدرك تماما بأن كل أسرة تكون قادرة ومهيئة للاعتماد على نفسها ليكون لها مصدر دخل مختلف عن عطاء الناس بشراء المنتجات، قد لا تكون هذه هواية بالنسبة للآخرين ولكن بالنسبة لي أرى بأنها هواية ومهارة يجب أن أفيد بها غيري .
وحول الإنجازات التي حققتها على الصعيدين العملي والشخصي تقول طاهرة:على الصعيد العملي حصلت على تكريمات متواصلة فعندما كنت أعمل في البنك الأهلي حصلت على أفضل تقييم لمدة سنتين متواصلتين في قسم المالية بفضل من الله والأستاذ سعيد الحاتمي الذي كان هو الداعم الأول لنا الذي كان يشغل منصب المدير المالي آن ذاك، وهذا بحد ذاته شرف كبير لي وعلى الثقة التي كانت توليها لي الإدارة العليا، وهنا في بنك العز الإسلامي حصلت على عدد من التكريمات مثل مساهماتي الدائمة في الأعمال التطوعية وكما اسلفت سابقا تكريمي لقيامي بتوفير مبلغ مالي للبنك،أما على الصعيد الشخصي فإنني أواصل حاليا دراستي لنيل شهادة معايير المحاسبة الدولية وقد أنهيت بنجاح المستوى الأول وعند حصولي على الشهادة فإن هذا سيكون أفضل ما حققته خلال هذه الفترة، فالرغبة في تحقيق الإنجاز لا حدود ولا سقف له.
وفي حديثها عن أبرز التحديات التي واجهتها ؟ وكيف استطاعت التغلب عليه تقول: لعل أبرز التحديات التي تواجه العاملين بالقطاع المصرفي هو التعامل مع شريحة مختلفة من العملاء وأن كل عميل لديه شخصية مختلفة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تغير وتعاقب الإدارات العليا في المؤسسة بمعنى التعامل مع أشخاص جدد وإدارة جديدة ونمط جديد، لكنني ومن منطلق عملي أدركت ان الأرقام ليست الحقيقة المطلقة الوحيدة ولكن هناك عوامل أخرى غير مالية وجب إلقاء الضوء عليها لتحقيق أهداف المؤسسة.
وفي سؤالنا لها عن رأيها بالسياسات والقوانين التي تبنتها السلطنة هل أنصفت المرأة وساهمت في تمكينها، أم أننا بحاجة إلى دعم أكبر للمرأة تجيبنا طاهرة: سأركز في حديثي في هذه النقطة على القطاع المصرفي كوني أعمل في هذا القطاع، وما أود قوله هو أن مختلف المؤسسات المصرفية المرخصة في السلطنة تعمل على تمكين المرأة العمانية لتولي مناصب قيادية أسوة بالرجل، وتخلق البيئة المناسبة التي تؤهلها لذلك وهذا ما يبدوا جليا لكم ولي، حتى عند توسيع الرؤية من شكل أفقي إلى شكل عمودي سنجد أن حضور المرأة بارز، و أن الكثير من النساء لديهن مشاريع خاصة أو أنهن شريكات في مشاريع متعددة رائدة على مستوى السلطنة، و سنجدهن أيضا في مناصب عليا سواء في المشهد الحكومي أو في القطاع الخاص، وهذا إن دل فإنما يدل على مرونة القوانين والأنظمة التي تبنتها السلطنة في أن تكون المرأة شريكة مع الرجل في مشوار البناء لهذا الوطن العزيز .
Categories: حوار