المجتمع

المقارنة القياسية

ترجمة: أ. مي جمال

للكاتب: Xenia Taliotis

المقال من مجلة : Teen Breathe

عدد: Issue 19، 2020

هل حدث أنك لم تقارن نفسك يوماً ما بأحد؟ من غير المستغرب أن تكون إجابتك لا، لأنك ربما قد بدأت مقارنة شيء بآخر بمجرد أن أصبح لديك الوعي واللغة المناسبة للقيام بذلك. وتعود محاولتك الأولى للقيام بمقارنات إلى مرحلة كتب الأطفال التي جعلتك تدرك مقدار التنوع الموجود في عالمنا. فبعض الأشجار أطول وبعض الناس أكبر سناً وبعض الحيوانات أسرع. لربما بدأت النظر من حولك ومراقبة العالم الواقعي عند إدراكك لمفهوم المقارنة، كأن تلاحظ الاختلافات في الحجم والعمر بين الأطفال والكبار، وفي السرعة بين السيارات والدراجات، وفي درجة الحرارة بين الحساء وسلطة الخضار.

 وقد تصبح المقارنة جزء من حياتك وكلامك بدون أن تلاحظ ذلك مع تقدمك في السن. فإذا استخدمت المقارنة بشكل موضوعي، فإنها تساعدك على تطوير التفكير النقدي ومهارات الاستطلاع، مع تعزيز قدرتك على الوصف المعمق والدقيق. فتشبيه قطتك بالوسادة من شأنه أن يعطي فكرة أفضل عن حجمها بدلاً من القول إنها كبيرة. ورغم ضرورة المقارنة، إلا أنها قد تسبب مشكلات في الحالات التنافسية، كإصدار أحكام على أحد الأصدقاء بأنه أذكى وأجمل وأسرع عداء، أو كإصدار أحكام على نفسك بشأن موقعك على مسطرة القياس بين من هم أفضل أو أسوأ منك. قد يكون طبيعياً أن تقارن نفسك مع أشخاص آخرين، إلا أنه لا بد لك أن تدرك سلبية ذلك رغم ما ينجم عنه من آثار إيجابية من قبيل أن تدفعك مقارنة معتدلة للقيام بالعمل بشكل أفضل، فتجتهد أكثر في تحضيرك للامتحان نتيجة ملاحظتك النتائج والدرجات العالية لصديقك الذكي والمجتهد.

في خمسينيات القرن الماضي وضع عالم النفس Leon Festinger مفهوماً للمقارنة الاجتماعية، يوضح الآثار السلبية لاستمرار الناس بمقارنة أنفسهم بالآخرين، على نحو يشوه صورتهم تجاه بعضهم البعض وما ينجم عنه من أفكار سلبية. وأشار Festinger إلى أنه عندما يقوم الناس بمقارنات اجتماعية، فإما ينظرون للأعلى أو للأسفل؛ إنهم بمعنى آخر يقيسون أنفسهم بالأفضل والأسوأ، فالمقارنة بالأشخاص الأفضل تولد شعور بعدم الكفاءة، لاعتقادك بأنك لن تضاهي مثلك الأعلى الذي تقارن نفسك به باستمرار، كما ستولد النظرة الدونية أحكام قاسية بحق غيرك، فتشعر بتحسن مستمر عند كل انتقاد. ليس هذا فحسب؛ فهناك مشكلة أخرى لشرك المقارنة الاجتماعية مع الجميع، وخاصة ذوي الشهرة الأفضل أو الأقل منك، فإذا بدأت مقارنة نفسك بممثلين مثل Millie Bobby Brown أو Noah Jupe قد تشعر أنه يستحيل عليك الوصول إلى هذه النجومية، ولا بد لك أن تعي هنا أنه لكل شخص روعته وتميزه كما يقول الكاتب الأمريكي Max Ehrmann  في قصيدته Desiderata ” تصبح قاسياً وعبثياً عندما تقارن نفسك بالآخرين، وذلك لأنه دائماً يوجد أشخاص أفضل أو أسوأ منك، فلا يمكنك أبدًا أن تكون الأفضل أو الأسوأ، بل أبذل قصارى جهدك وتصرف على طبيعتك”.

ثلاث نصائح مهمة

وجّه تركيزك: لا تقارن نفسك بأقرانك، وإنما قارن نفسك بمثل أعلى، فإذا أردت أن تكون صديقًا أو طالبًا أفضل مما كنت عليه في العام الماضي، اسأل نفسك؛ كيف يمكنك تحقيق ذلك؟ حاول ألا تعيش حياة شخص آخر، بل استثمر ما لديك عبر إدراك الأشياء التي تجيدها وتستمتع بها. 

كن حقيقياً: ابتعد قدر الإمكان عن أناس ومواقف تجعلك تشوه نظرتك لنفسك، من خلال عدم إشغال الوقت الذي تقضيه على شبكة الإنترنت في البحث عن حياة غير حقيقية لأشخاص آخرين.

اطلب المساعدة: إذا كنت تشعر أن المقارنة الاجتماعية تؤثر سلباً على صحتك، اتصل بشخص ناضج ذو ثقة، ويمكنك أيضاً زيارة مواقع إلكترونية مهمة تقدم النصح (youngminds.org.uk،themix.org.uk ، childline.org.uk). ويقول الياباني Zenkei Shibayama عن المقارنة “لا تفكر الزهرة في التنافس مع الزهور الأخرى المجاورة لها، فهي تزهر فقط”.

 

Categories: المجتمع

أضف تعليقاً