من احترافية الكاميرا إلى العمل الإنساني

من احترافية الكاميرا إلى العمل الإنساني

الطبيعة ملعب عشاق الكاميرا، أو كما يقول البعض أنها مسرح كبير يستطيع فيها حامل الكاميرا أن يترجم فيها ابداعاته وهواياته في عالم التصوير والإحترافية، لم تكن تدرك شوق أن الطبيعة في عمان ستكون نقطة انطلاقة لها في عالم الإبداع والتميز و أنها نقطة ستأخذها نحو أحلام أخرى تتابع و تتوالى بعدها.

فبعد زيارتها للسلطنة أكتشفت أنها تمتلك موهبة جميلة استلهمتها من جمال الطبيعة و براءة الأطفال، حيث ألتقطت صو لأطفال في طبيعة صلالة الساحرة وهو ما دفعها للإستمرار والمواصلة بعدما أبدى الجميع الإعجاب بما صورته.

شوق المزروعية شابة إماراتية شغوفه وطموحة، تسعى نحو تحقيق النجاح والتميز في مختلف المجالات، محترفة في تصوير بورترية الأطفال وهو أمر قادها نحو دراسة العلوم الإنسانية الدولية، والذي تعمقت فيه بعد زيارتها لأحد الدول الفقيرة لتصوير وجوه الأطفال فكانت انطلاقتها الأخرى نحو العمل الإنساني الدولي…

ألتقت المرأة بشوق للتتعرف عليها عن قرب، ولتحكي لنا قصة تعلقها بدراسة العمل الإنساني والذي ارتبطت به بعد تعلقها بتصوير وجوه الأطفال وأيضا للحديث عن الجوائز التي حصلت عليها على مستوى دولة الأمارات وحول الطموحات والأهداف التي تسعى لها في المستقبل ….

نبذة عن شوق المزروعي ؟
شوق بنت أحمد المزروعية  ومصورة فوتوغرافية من دولة الامارات العربية المتحدة، من مدينة كلباء بالتحديد الواقعة على حدود سلطنة عمان، طالبة علاقات دولية وعلوم سياسية في جامعة الشارقة، خريجة مدرسة بوكسوود في إنجلترا عام 2015، حاصلة على جائزة الشارقة للتميز التربوي وجائزة حمدان للتميز التربوي، طموحها لا حدود له وتسعى دائما للبحث عن ما هو مميز و يخدم الجميع .

     حدثينا عن بدايتك و انطلاقتك في عالم التصوير الفوتوغرافي ؟
كان والداي دائما يرددان في مسامعي حكمة جميلة وهي ” أن الانسان يستطيع تعلم أي مهارة والاحتراف بها بمجرد أن يجتهد بالتدريب الدائم و بمجرد أن يُؤْمِن بقدراته وبأنه سيستطيع الوصول في يوم ما لهدفه حتى ولو بعد حين وبمجرد الإيمان بهذه الفكرة يصبح الوصول لأي مهارة في العالم سهلاً”، فمنذ الطفولة كنت أسعى دائما لتعلم المهارات والهوايات المختلفة، منها كتابة الشعر، الفروسية، الإنشاد، وأخيراً وليس آخراً  الرسم والتصوير الفوتوغرافي، فكنت دائما أسعى لتعلم ما هو جديد ومفيد و عشقت التنافس بجنون حيث كنت أحاول ان أكون من المتميزين في جميع المجالات  العلمية والعملية ولا أخشى من أن يتفوق علي أحد في مجال ما، بل كنت أسعى لأن أكون أفضل منه، فهذه الميزة جعلتني أجتهد لتعلم كل شي صعب وكل شي نادر و مميز. كانت البداية في مهارة التصوير الفوتوغرافي في عام 2012، عندما ألهمتني طبيعة سلطنة عمان الساحرة، بمدى جمال الكاميرا وأهميتها في توثيق هذه المناظر الجميلة، وبدأت بتصوير الأطفال في هذه الطبيعة الساحرة حتى اكتشفت بأنني جمعت أجمل عنصرين في الحياة بصورة واحدة الا وهم “الأطفال” والطبيعة الساحرة .

     هل صحيح أن عمان هي من ألهمتك و صعدت بك نحو النجاح؟
صحيح كما ذكرت سابقا، كانت بدايتي في محافظة صلالة الجميلة، حيث كنت مع عائلتي في زيارة ترفيهية لهذه المحافظة الساحرة وفِي هذه المنطقة اكتشفت ميولي لتصوير بورتريه الأطفال بعدما إلتقطت عدة صور بكاميرتي المتواضعة لأحد الأطفال في الطبيعة الخلابة حيث اثارت الصور دهشة العائلة وأبهرتهم، ولجمال تفاصيل الصورة وانبهار الجميع بها، أعطتني جرعة شجاعة كبيرة للتعمق في المجال وثقة تامة دفعتني للأمام و مع دخولنا في عصر التكنولوجيا والتطور، اقترحت والدتي علي التسجيل في مواقع التواصل الاجتماعي منها الانستقرام وتويتر ومشاركة أعمالي الفنية مع فئات مختلفة من المجتمع  مما ساهم بوصولي إلى 25 الف متابع في الانستقرام خلال شهرين فقط وكان هذا بمثابة دافع كبير لي لتقديم المزيد وبدأت بعدها بالتعمق في المجال من خلال التثقف في أنواع الكاميرات و اقتناء الكثير من أنواع الكاميرات المختلفة منها الاحترافية واليومية الخفيفة، ومن عمان انطلقت رحلتي العالمية بتصوير الأطفال .

   أفضل العدسات المستخدمة في تصوير البورترية برأيك ؟

 تصوير البورترية عالم عميق جدا وليس بالسهل لمن يريد أن يحترف فيه ولكن لا يوجد ما هو مستحيل، فالصورة التي تلتقط للأشخاص  كالأطفال لا تتوقف عند حدود تصويريه فقط بل تتجاوز ذلك لتعبر عن شخصيته وحالته النفسية، حيث أن المصور يجعل المشاهد للصورة يدخل في أعماق الشخص الذي تم تصويره . تعتبر العدسةأهم من الكاميرا نفسها من وجهة نظري فمن افضل الأنواع هي العدسة ذات البعد البؤري 24mm بفتحة f/2.8 ، وهذه العدسة تمكننا من التصوير في المستوى الكامل، حيث نستطيع أن يرى المشاهد  الشخصية الرئيسيّة في الصورة ” كالطفل مثلا” في المقدمة بينما تكون أمام المشاهد معرفة تفاصيل خلفية الصورة التي تكون واضحة تماما بجميع تفاصيلها، كوننا نتحدث عن عدسة ذات الزاوية الكبيرة.

     ماهي أهم عوامل نجاح صورة بورتريه؟
هناك الكثير من العوامل التي قد تحدد مدى جمالية الصورة و أتزانها، فلابد من وجود شخصية مناسبة لتمثل فكرة الصورة بطريقه صحيحة فيجب لكل صورة أن تحمل حكاية أو فكرة معينة لجذب المشاهدين، وأهم ما أركز عليه شخصياً هو العين، فالعين هي العنصر الذي قد يبرز الصورة بشكل جميل جداً خصوصا لو كانت النظرات بريئة وجذابة كنظرات الأطفال وذلك يساهم في إعطاء الصورة حسّ جميل يصل الى المشاهد بطريقة سريعة ويلامس قلبه، أما العامل الاخر فهو العفوية، فالتصنع في التصوير لا يعطي المشاهد إحساس بمصداقية ما يراه وهذا ما جعلني أتخصص بمجال الأطفال ؛ لانه من يعيش مع الأطفال ويكرس وقته كامل لتصويرهم سيعلم بأن جميع النتائج ستكون عفوية وبريئة وهذا ما يساهم بجذب المشاهدين. ومن العوامل المهمة أيضاً جودة الكاميرا وعدستها، حيث يجب على المصور أن يحمل حقيبة بها كاميرا ذو دقة عالية وعدسات مختلفة ليستطيع التنويع في نتائج جلسة التصوير والوصول لنتائج مرضية .

    منهم المصورين الذين لفتوا نظرك في بدايتك واستنبطت أفكارك منهم ؟
هناك الكثير من الشخصيات المميزة والأسماء التي سعيت لأن أصل الى احترافهم وابداعهم ومنهم المصور علي عيسى مصور الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ال مكتوم، حيث ألهمني بالكثير من الأفكار في صوره الرائعه ولطالما سعيت لان أصل لاحترافه وسنصل بأذن الله مع الوقت، لان التصوير يعتمد على الممارسة المستمرة، كلما استمرينا في التصوير كلما اكتشفنا تفاصيل ادق وتعلمنا من اخطائنا وتعلمنا كل ما هو جديد، والخطأ يساهم كثيراً في الاحتراف اذا تمت معالجته والتعلم منه  .

      كنتي مصورة و أصبحتي ناشطة انسانية، حدثينا عن هذه المرحلة ولماذا قررتي التوجة لدراسة  مجال الإنسانية الدولية ؟
بدأت الفكرة في أحد الأيام عندما توجهت لأحد الدول الفقيرة باحثة عن وجوه جميلة لتصويرها فوجدت نفسي بين مجموعة من الأطفال يريدون التصوير بعد أن حملوا الكاميرا التي أحملها ولأول مره في حياتهم، وعند سؤالي لهم قالو نحن نراها فقط في التلفزيون أما في الواقع فنراها في أحد المحلات القريبة من مقر سكننا ولم يسبق لنا أن حملنا كاميرا بأيدينا فدعينا نجرب، فوجدت نفسي ألعب في ظل هؤلاء الاطفال ناسيةً الكاميرا التي أوصلتني لهنا و رأيت بأن ملامحهم البريئة أجمل من أي ملامح أخرى وأخذت استمع لهم ولاحوالهم وعشت أجوائهم البسيطة  لفترة  بسيطة جداً ولكن تغيرت تماما بعد هذه الفترة وبعودتي أصبحت أشارك في جميع الأمور الانسانية مع الكثير من الجمعيات الخيرية في الدولة وخارجها فتخصصت بعدها في مجال العلاقات الدولية والعلوم السياسية وبشكل أخص في مجال الانسانية الدولية في جامعة الشارقة وتعمقت في موضوع الطفل وحماية الطفل بشكل أخص حيث ساهم المجال الدراسي الذي اخترته أن يغرس الانسانية في ضميري كسياسية ناجحة..وأصبحت أحمل ضميري وكاميرتي لأي دولة في العالم معطيةً الباحثين عن أمل.. أمل في الحياة.
فأحسست بعدها بشغفي الكبير في المجال الإنساني وقد يساهم الانسان بسعادة غيره حتى ولو بصورة، وأخذت عضوية في مراكز الخدمات الانسانية التي تخدم أصحاب الهمم فكنت أشارك اصحاب الهمم في كل فعالياتهم السنوية طوال 7 أعوام الاخيرة، حتى تخرجت من الثانوية العامة بهدف أن أصبح ناشطة إنسانيه، فكان الأقرب لي لتحقيق الهدف هو المجال السياسي وذلك لشغفي الكبير به حيث تعتبر الإنسانيه من أهم مقومات السياسي الناجح وهذا ما شجعني على الانخراط في هذا المجال، وبعدها بدأت بتكثيف أبحاثي عن مجال(السياسة والإنسان ) حتى انهيت بحثي الاول المكون من 100 صفحة عن علاقة الانسان بالسياسية، وقمت بمناقشته. فكانت الفكرة في البدايه شغف وأصبحت واقع أعيش فيه حالياً.

  حدثينا عن مشاركاتك المحلية والدولية ؟
شاركت في الكثير من الفعاليات في الدولة التي تضم الامور التطوعية كالتنظيم، والمساهمة في توزيع الافطار في شهر رمضان مع الجماعات التطوعية بالاضافة للكثير من الامور التطوعية الاخرى، وكرمت من قبل الشيخ حمدان ال مكتوم في جائزة حمدان للتميز التربوي بعد مناقشتي لقضية أصحاب الهمم حيث تعايشت معهم لمدة عام وتعلمت الكثير من الأساسيات في التعامل مع أصحاب الهمم ومشاركتهم في رحلاتهم الفنية وصناعة الاعمال اليدوية وبيعها بالاضافة للمساعدة في علاجهم عن طريق اللعب و الحركة وحملت عدة شهادات من المؤسسات المختصة بذلك، وقمت بتشكيل فريق كامل مكون من 30 طالب وطالبة لتبني هذه القضية، وحالياً ولله الحمد أصبحنا نرى أصحاب الهمم في المدارس مع بقية الأطفال وهذا بفضل حكام الدولة حفظهم الله الذين ساهموا في إنجاح هذه القضية، وساهمت أيضاً في المشاركة بالاعمال الانسانية في خارج الدولة كالاغاثات والبناء وتوزيع الطعام، بالاضافة لفوزي في جائزة الشارقة و مسابقة وطني هويتي والكثير من المسابقات الاخرى المرتبطة بالعمل الإنساني .. مثلت دولة الامارات العربية في الكثير من الموتمرات حول العالم ومنها في الكويت و شاركت في مهرجان الجنادرية في السعودية بالاضافة لمشاركتنا الاطفال بتعليم اللغة الانجليزية في المملكة المتحدة بالاضافة للكثير من الندوات والفعاليات في الدولة، فأصبح تركيزي فقط هو الطفل وسعادة الطفل حول العالم .

  أهم الجوائز التي حصلتي عليها في مجال التصوير الفوتوغرافي ؟
بفضل الله تعالى وبفضل عائلتي حصلت على الكثير من الجوائز منها جائزة أفضل صورة لمدينة كلباء، جائزة الشيخة لطيفة للتصوير الفوتوغرافي، جائزة أفضل صورة معبرة ليوم العصاء البيضاء، جائزة السدرة للتصوير الفوتوغرافي بالاضافة لمشاركتي في الكثير من المعارض في الدولة وخارجها كمعرض الكويت للطفل، ومعرض المركز الثقافي في إمارة الشارقة لعاميين متتاليين .

  الانترنت أسهمت في تطوير التصوير الفوتوغرافي والتعريف به بشكل كبير ماذا قدمت لشوق المزروعي ؟
ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بأن تعرف الناس من هي شوق المزروعي وما هي الموهبة التي تقدمها، وهذا كان دافع كبير لي للتقدم والتطور وبذل المزيد والمزيد، فبدأت الفكرة عندما اقترحت علي والدتي أن أقوم بعمل حساب في موقع التواصل الاجتماعي ( الانستقرام ) لمشاركة الناس الصور الفوتوغرافية التي أقوم بالتقاطها، وأتعلم من انتقادات المصورين ونصائحهم فكانت هي الوسيلة الأمثل للمصورين لنشر مواهبهم وإبداعاتهم ولكن المختلف هو في أول شهرين فقط حصلت على أكثر من 20 ألف متابع وأغلبهم من المصورين المعروفين في الدولة وخارجها وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في التعرف على الكثير من الشخصيات الهامة التي دعمتني في مسيرتي الفنية/ الانسانية وحالياً لدي ما يفوق 100 الف متابع في الانستقرام ونتمنى أن نصل إلى العالمية .

  أشياء لا تزالي ترغبين في تحقيقها وتسعين لها؟
لا يقف طموح الانسان الطموح عند حد معين، فدائما ما يسعى جاهداً لان يصل بحلمه إلى القمة، ووصول الانسان الى القمة ما هو الا هدف الجميع، لذلك طموحي هي أن أصل بأحلامي الى الفضاء التي لا نهاية لها، فالقمة ما هي الا بداية العظماء، ونتمنى بأن تصل رسالتنا الانسانية الى العالم ككل، فبدأت من عمان ولكن الهدف عالمي .