حوار

عفاف .. الفتاة التي رأت النور في آخر النفق

عفاف .. الفتاة التي رأت النور في آخر النفق

 

عفاف الاسماعيلي، قصة أمل، ولدت من رحم المعاناة، تروي ان الارادة هي المفتاح، وأن الحلم بداية النجاح، رأت ذات يوم ضوءا في آخر النفق، فأدركت أن حلمها سوف يتحقق، لتكتب اليوم تفاصيل حكاية إبداع ، تنقلها لكم (المراة) عن صاحبة عفاف كوتور.

 

 

بداية الرحلة

بدأت رحلة “عفاف” الحقيقية بعد أربع سنوات قضتها في مدرسة الأمل للصم والبكم، في عالمٍ كانت “الاشارة” فيه سيدة الموقف.. لتذهب مع والدها الى دولة أخرى للعلاج كانت نتيجة العلاج ايجابية جداً وفوق الوصف، بعد ان أكد الطبيب بأن “عفاف” يمكنها ان تسمع وتستطيع التحدث أيضاً ليرسم بذلك خطاً جديداً لحياتها وبصيص أمل غمرها وعائلتها بالسعادة.

عادت عفاف من بريطانيا بروحٍ أخرى، كشخصٍ آخر.. فبعد أن لفّ السكون عالمها وغمر الصمت أيامها، صار بإمكانها أن تسمع وأن تتمتم بالكلمات.

 

الخطوات الأولى

لم تعد عفاف الى مدرسة الأمل كما كانت، بل في هذه المرة أصر والدها أن تلتحق بالمدارس العامة، العالم الذي كان غريباً جداً عليها، فبعد أن اعتادت عالم “الاشارة” والصمت، دخلت فجأة الى عالم يضج بالأصوات المختلفة، أصواتُ الضحك، البكاء، الصراخ والهمسات وكل ما يثير الجلبة ويدعو للاندهاش، للطفلة التي كانت تحتضن الصمت منذ بداية أعوامها.

لم يتركها الأهل ولا الاصدقاء لحظة واحدة، فقد أحيطت عفاف بمن قدم لها الدعم الكامل لتتلقى تعليمها بشكل طبيعي وتدرس وتجتهد وتنمي مهاراتها وتشق طريقها في الحياة تغمرها الآمال لمستقبلٍ باهر.
لطالما رافقها حلم قيادة الطائرة كواحد من الأمور المحببة التي دارت في خلدها، ولكن حين انتهت من المدرسة وبدأ مشوار الجامعة الحقيقي، قررت عفاف دراسة الفنون نظراً لحبها واتقانها للعمل بيديها.


الطريق نحو المستقبل

في بريطانيا، البلدة ذاتها التي شهدت علاجها، خاضت عفاف غمار الدراسة الجامعية لتحصل على الشهادة وتعود الى وطنها وتبذل جهدها في إعماره وبناء ذاتها.

وحين عادت، حاولت أن تقدم في أماكن مختلفة، لتتدرب وتتعلم وتبدأ وظيفتها، ولكنها دائما ما كانت تقابل بالرفض حاولت عفاف بشتى الطرق أن تجد لنفسها مقعداً في إحدى المؤسسات، ولكن لم يمنحها أحد هذا الحق البسيط الذي تستحقه.

فكان لابد لها من خوض تجربة أخرى دون البقاء مكتوفة الأيدي بانتظار عطف أحدهم، فابتدأت عفاف بتدريب نفسها على الخياطة والحياكة وتصميم الأزياء مستفيدة من المهارات والأمور التي تعلمتها في دراستها، وبدى الاعجاب يرتسم على وجوه العائلة لنتاجها وسرعة تمرسّها.


الدخول الى عالم التصميم

قررت عفاف بعد أن نالت قطعها إعجاب من حولها، أن تبدأ جدياً بتصميم الألبسة التقليدية العمانية للعائلة، وبدت قطعها متقنة وجميلة!

فأخذت تتوسع وتبدأ بتصميم الألبسة للنساء والتي تحوي لمسات تقليدية وأيضاً لمسات حديثة راقية وكان لهذا صداه وزبائنه مما جعلها تخطو خطى كبيرة نحو مشروعها الخاص وتفتتح محلها الأول والذي يحمل اسم “عفاف كوتور”.

“عفاف كوتور” يرى النور

لا تزال عفاف تشرف بنفسها على خياطة القطع التي يحويها محلها، فقد عملت طويلاً لوحدها وأتقنت كل التفاصيل الصغيرة في الحياكة، وهي في الفترة الصباحية تختار وتنتقي وتشتري الاقمشة والخامات والخرزات وتشرف على حياكتها وبعد ذلك تتفرغ في الفترة المسائية للمحل وزواره ومتطلباتهم وقد اتسعت رقعة تصاميمها لتشمل ألبسة الفتيات الصغار، العباءات النسائية، الجلابيات وكذلك الألبسة العمانية التقليدية.

 

آمال كبيرة

لم تنتهي أحلام المصممة عفاف الاسماعيلية عند هذا الحد بل تتمنى أن تصل بتصاميمها الى العالمية وترى النور خارج السلطنة بدءً بالخليج وانتهاءً بالدول الأجنبية حيث وطن المصممين الكبار الذين تتابعهم بكثرة.
وقد طلبت منها الجمعية المختصة بالصم والبكم أن تعلم بعض المهتمين من تلك الفئة الخياطة والحياكة والتصميم لتأخذ بأيديهم الى النجاح الذي وصلت له، حيث أن فرصهم قليلة في الالتحاق بالدراسات الجامعية، كما أن فرصة احتضانهم من قِبل أحد ما لتعليمهم وتدريبهم ضئيلة.


خذوا بأيديهم!

أخيراً تشير المصممة عفاف الاسماعيلية الى أنه لا يوجد ما يسمى بالمستحيل، فلكلِ شخص قدراته التي أودعها الله فيه وبإمكانه أن يستغلها لينجح ويستمر في العطاء ويثبت نفسه في المجتمع، وتتمنى أن يتم دعم فئات ذوي الاحتياجات الخاصة ويتم الأخذ بأيديهم، فهم مبدعون ويستطعون فعل الكثير إن أعطيت لهم المساحة وتذللت لهم الصعوبات.

Categories: حوار

أضف تعليقاً