المرأة تحاور أول عمانية تدير قمرة مستشفى النهضة
د.قمرة السريرية: نجحت المهمة
عندما قبلت الدكتورة قمرة بنت سعيد السريرية ، مهمة قيادة قمرة واحد من أكبر المستشفيات الحكومية في السلطنة بعد تعينها مديرا تنفيذيا لمستشفى النهضة ، قبل أربعة سنوات، كانت تؤمن يومها أن الطريق أمام مهمتها لن يكون مفروشا بالورود ، وأن الكثير من التحديات في أنتظارها ، الا انها اليوم وهي تقيم تلك التجربة ، تنظر للخلف مستذكرة تلك السنوات،وبعد أن اخذت نفسا عميقا: “الحمد لله ، نجحت المهمة” ، المرأة تحاور قمرة وتستذكر معها التجربة وقصة النجاح.
حوار ـ بتول اللواتية
بداية من هي الدكتورة قمرة بنت سعيد السريرية ؟
انا امرأة عمانية، طبيبة استشاريه في الصحة العامة درست الطب في جامعة السلطان قابوس وبدأت حياتي العملية في 2001 حيث تنقلت بين الرعاية الأولية، وعدة مستشفيات ومن ثم أكملت الدراسات العليا في المملكة المتحدة، حيث أنهيت الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف، وكانت مرحلة تحدي واثبات ذات ، حيث عينت رئيسة قسم الجودة في المديرية العامة للخدمات الصحية ومن بعدها أصبحت مديرة دائرة التخطيط والتدريب في المديرية ذاتها وكنت أمارس عملي الاكلينكي، ومن ثم تم تعييني كمديرة تنفيذية لمستشفى النهضة. كأول طبيبة عمانية تتقلد هذا المنصب ،وانا حاصلة ايضا على شهادة ادارة الجودة من الولايات المتحدة الأمريكية، ودرجة الدكتوراه في الإدارة الصحية وسياسة البحوث من المملكة المتحدة تخصص ادارة جودة الخدمات الصحية ، وايضا حاصلة على جائزة المرأة للاجادة في الخدمات الصحية عام 2012.
كيف تقيمين تجربتكِ كأول امراة في هذا المنصب؟
مجرد تقبل فكرة توليّ قيادة مستشفى حكومي كان يمثل تحدياً خاصاً، فإدارة المستشفى تحديداً ليس بالأمر السهل، اذ أن المستشفى يحوي تخصصات متنوعة وجوانب طبية وإدارية وفنية ، فتكويناته معقدة جداً ولكن المؤهلات الدراسية التي أملكها والتدرج الوظيفي وبتوفيق من الله ، أهلني وساعدني في هذه المهمة، اضافة الى أنني طبيبة ً فجمعت بين الجانب الاداري والجانب الطبي. والتحدي يكمن في إدارة الموارد البشرية ، اضافة الى أن عليكِ استيعاب الثقافات المتنوعة وإجادة فن التعامل مع المرضى والمراجعين .
وأيضاً لما تحظى به مهنة الطب من مكانة كونها مهنة انسانية في المقام الأول وما تحمله هذه المهنة من تفان وأمانة وانضباط ودقة وشغف لتعلم المزيد،والإطلاع المستمر لكل ما هو جديد في المجال الطبي ، فما أروع أن يكون هناك طبيب في العائلة يخدم عائلته وأصدقائه ومجتمعه ككل .
كيف تعايشتِ مع مهنة الطب باعتبارها من المهن الشاقة؟
مهنة الطب من المهن الشاقة والمجهدة والتي تتطلب مرور الطبيب بمراحل طويلة من الاختبارات العملية والنظرية والمهنية ، وتعد شاقة لكونها تتطلب أمانة وأخلاقيات العمل بدء من القسم الطبي الذي يحدد أخلاقيات أداء المهنة ، وأن تقوم بتقديم المهنة بكل شفافية وأخلاص. يقول الله تعالى : “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” الحمدلله على ما وصلت اليه وهذه نعمة من الله سبحانه وتعالى ورضا الوالدين وتشجيعهم الدائم لي ولإخوتي على التعليم. وهذا المنصب لم يأت من فراغ ولكن بجهد وصبر وكفاح وغربة خارج الوطن.
كيف كانت نظرة الآخرين لامرأة تقود مستشفى حكومي؟
لم أشعر أن ثمة مشكلة واجهتني كـ امرأة حين استلمت المنصب، فالوزارة والمؤسسات الأخرى كانت قد بدأت مشاريعها لتمكين المرأة، ولدّي زميلات تولين مناصب ادارية كمديري دوائر وعموم وغيرها، لذلك كان هناك ترحيب بالفكرة ولله الحمد.
ما هي أبرز المشاريع والتغييرات التي أحدثتها في المستشفى؟
أقوم بإدارة مستشفى النهضة من الناحية الطبية والأكلينيكية والفنية بالإضافة إلى إدارة الموارد البشرية وتطوير وتأهيل الكادر الطبي والفني والإداري ليواكب التطور السريع في الحقل الطبي .
وتحسين وتطوير جودة الخدمات الصحية المقدمة بالمستشفى هو من أساسيات توجهنا الذي يهدف بشكل عام إلى أهداف تطويرية ، حيث قمنا بعمل دراسة شاملة للإحتياجات الخدمية بالمستشفى .
وكما تعلمون هناك تحديات أخرى منها تقليل قوائم الإنتظار والخاصة بالعمليات الجراحية وأيضاً قوائم إنتظار المواعيد في العيادات ، حيث أن المستشفى تخصصي في جراحات وأمراض العيون والأنف والأذن والحنجرة والأمراض الجلدية والتناسلية وطب وجراحة الأسنان والوجه والفك، ولا يخفى عليكم أن المستشفى وطني ويستقبل جميع الحالات في التخصصات المذكورة من جميع أنحاء السلطنة.
ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتها وكيف تغلبتِ عليها؟
أبرز التحديات هي التعامل المباشر مع المراجعين، وخصوصا من هم أكبر مني سناً وتعلمت منهم ولا أزال أتعلم، ولكن ولله الحمد استطعت أن أكسبهم واكسب ثقتهم ، وحاولت أن اقرأ بشكل متواصل حول التخصصات الطبية المختلفة للدراية باخر المستجدات العلمية.
كرّست أول ستة أشهر لتحليل المستشفى ومعرفة نقاط القوة، والضعف ، ونقاط التهديد وفرص التحسين وحاولت فهم من حولي والتعرف عليهم والتأقلم معهم.، والحمد لله نحن الآن نعمل كفريق وأسرة واحدة في بيئة عمل مريحة ومنظمة، وهناك قرب بيني وبين الموظفين ولا توجد أية حواجز بيننا.
ادارة الوقت احدى اهم الأمور التي تعلمتها لتفادي الصعوبات وتنظيم الأمور بالاضافة الى أنني أشكل فرق عمل لأي صعوبة أو مشكلة تواجهنا لنخرج بحلول مناسبة، فمثلاً بالنسبة لمشكلة التأخر في المواعيد شكلنا فريق عمل وشارك فيه أعضاء من مختلف التخصصات وعقدنا عدة اجتماعات لتدارس الموضوع ومعرفة الاسباب الرئيسية، والحلول والتوصيات المقترحة وذلك لأبث روح المشاركة في اتخاذ القرارات، وقد تعلمت جيداً كيف أكون حازمة في الوقت المناسب ومرنة أيضاً ولي بصيرة في المواضيع حيث أدرك قيمة القرار ومقدرتي على تنفيذه وفي النهاية “رضا الناس غاية لا تدرك”.
بفضل من الله تعالى قمنا بإلكثير من الانجازات بإدارة تختلف عن الإدارة التقليدية وذلك بالتركيز على العمل بروح الفريق وتبني سياسة الباب المفتوح حيث أن هذه السياسة تفتح مجالاً أوسع للتعرف على فريق العمل وقدراتهم ومهاراتهم ،ادارتي تتصف بالتروي والصبر والأستماع وإتخاذ القرارات والمصداقية في العمل ولا أجد أي معارضة من زملائي الرجال على ادارتي ، حيث تقف المرأة في عمان جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل حيث أن مشاركة المرأة العمانية في مسيرة البناء الوطني مستمدة من الفرص والمساحة التي منحها لها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.
كيف أمكنكِ التوازن بين مسؤولياتكِ المختلفة؟
حين بدأت عملي كنت أعمل في المنزل أيضاً لأنتهي من بعض الأمور والمسؤوليات التي عليّ ولكن بدأ ذلك يستنزف طاقتي ولم أجد وقتاً خاصاً أقضيه مع أسرتي وعائلتي حيث اقوم برعاية والدي المسنين واقوم بغسيل كلوي بروتوني لوالدتي يوميا ورافقتها في رحلة زراعة الكلى خارج السلطنة ولذلك اتخذت قراراً بأن لا اخذ العمل في المنزل، بل أحاول قدر الامكان الانتهاء من المسؤوليات وقت العمل فقط ، واذا احتجت أن أبقى وقتاً أكثر فلا بأس لأستطيع الموازنة بين العائلة والعمل بالشكل الصحيح وأعطي لكل حق حقه.
كيف كان تأثير المنصب عليكِ سلباً وايجاباً؟
التأثيرات الايجابية عليّ كثيرة حيث أن شخصيتي تبلورت وتغيرت وانصقلت وأصبحت أقوى في العديد من المواقف التي قد تمر عليّ نظراً لطبيعة عملي، وتعلمت أن أتعامل مع الآخرين بشفافية وصدق وبصراحة وأيضاً تعرفت على العديد من الأشخاص من مختلف التخصصات مما وسّع دائرة معارفي ومداركي واستطعت الانغماس في عالم الطب بشكل أكبر وعرفت عن التخصصات أكثر نظراً لقراءتي المستمرة.
وقد تنحصر التأثيرات السلبية في كثرة النقد من المستفيدين من الخدمة ومن المجتمع، وذلك لأن مجال عملنا هو مجال خدمي مقدم لشريحة كبيرة من المجتمع، وللاسف فإن الامور السلبية هي ما يتم تداولها بينما لا تُعطى الأمور الايجابية أهمية تُذكر رغم وجودها بكثرة، ولكنني تعلمت الاستفادة من النقد البناء وأن الشجرة المثمرة هي من تُقذف ، لذا أحاول التأكد من النقد الموجه لي فإن كان المقصد خيراً فإنني أحاول تقبله وتحسينه .
نصيحة أخيرة توجهينها للنساء في المجتمع العماني عبر المرأة.
نحن فخورات كوننا نشارك في مسيرة بناء هذا الوطن الغالي فقد أثبتت المرأة العمانية جدارتها وبأنها أهل للمكانة التي أعطيت لها ، وأنا أعتقد بأن المرأة العمانية وصلت إلى مجالات كثيرة وحققت كل ما كانت تصبو إليه ، ونحن فخورات بما وصلت إليه المرأة العمانية في الوقت الحالي كون المرأة العمانية ليست أما ً أو زوجةً فحسب ، بل أصبح لها دورها الفعال في المجتمع ، وقد أصبح لها أيضاً صوت في مجلس الشورى والمجلس البلدي ، وبذلك فقد أثبتت جدارتها وبأنها أهل للمكانة التي أعطيت لها وأنا أعتقد بأن المرأة العمانية وصلت إلى مجالات كثيرة وحققت كل ما كانت تصبو إليه، وأتمنى من أخواتي العمانيات مواصلة مسيرة بناء هذا الوطن بكل أخلاص وتفاني وهذا قليل مقابل ما قدمه هذا الوطن لنا.
أتوجه بالشكر للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه على ما قدمه للمراة وعلى ان منحها الفرصة لتثبت ذاتها وتخدم وطنها الى جانب الرجل واسال الله له دوام الصحة والعافية لمواصلة قيادة مسيرة الخير والنماء للوطن العزيز وتحقيق المزيد لهذا الوطن وشعبه ، واهدي نجاحي لوالدي ولبلدي الحبيب عمان وعلى ثقته الغالية التي منحت لنا ، وشكرا لمجلة المراة على هذه المساحة.
Categories: حوار