حوار: علياء الجردانية
وما العيش الطيب يكتمل إلا بالتوازن الروحي والنفسي، هذا ما اعتقدت به السيدة بسمة بنت فخري آل سعيد لذلك قامت بتأسيس عيادة (همسات السكون)، لأنها أرادت أن يكون للمرأة العمانية متنفساً لها، تجد فيه الخبرة اللازمة، والإستشارة الصحيحة، والمعارف المفيدة لتحصل على صحة نفسية سليمة تلزمها في بناء مجتمع متوازن.
ولأهمية هذا الجانب إلتقت مجلة (المرأة) بها وكان الحوار التالي:
بدأت حديثها عن البرامج التي تقدمها عيادة (همسات السكون) فقالت:” دائما ما أسمع نساء يشتكين من قلة الوقت وأنه لا يوجد وقت لأنفسهن ليمارسن هواياتهن السابقة، وأنهن قد فقدن الثقة والمرح والتفكير بعمق، بسبب انشغالهن بالأمور اليومية، فمن هذا المنطلق أطلقنا البرنامج الأول فكان الهدف منه تجميع النساء، للترفيه عن أنفسهن وتلقي طرق الإسترخاء والإستمتاع بالأشياء التي فقدنها في الماضي، ويبحثن عن ذاتهن وثقتهن بأنفسهن، وقد كان في جزر الديناميات”.
وتكمل:”أما البرنامج الثاني كان يركز على النساء العاملات وأسميناها (أكثر من امرأة) فهي امرأة عاملة وربة منزل ولها مسؤوليات وواجبات ولها دورها في المجتمع، فالبرنامجين قد تضمنا نفس المضمون ولكن بأفكار مختلفة، وفي الآخر يهمنا أن نوفر مكان للنساء يكن فيه على طبيعتهن في جو مريح وترفيهي، والبرنامج يشمل جميع النساء من مختلف الأعمار والأجناس، فالأعمار التي تشاركنا من عمر 18 وحتى 60 سنة، من الدول الخليجية والأجنبية، سواء للمتزوجات أو غير المتزوجات، وعندما قررنا أن نخوص هذه التجربة كان الإقبال عالٍ، فأول مجموعة كانت 30 امراة وكذلك ثاني مجموعة، والجميل هو من كل الأعمار والأجناس لتتعلم النساء من بعضهن”.
أما بالنسبة لأهمية هذه البرامج فتقول: “هذه البرامج تسلط الضوء على الثقة بالنفس والقدرة على التعبير والتحدث وبناء الشخصية، ونذكر النساء بالأشياء اللاتي كن يمارسنها في الماضي وتجاهلنها الآن بحجة ظروف الحياة، وكذلك كيفية عمل محاضرات وكيف يكون لديهن تواصل جيد بينهن وبين الناس، وأيضا غرس مفهوم الإيجابية والتفكير بإيجابية، بالمختصر إنها أمور حياتية مهمة تجعل المرأة ناجحة، وكذلك نوفر لها جوا ينسيها الضغوطات التي لديها، وكذلك كيفية التعامل مع القلق والتوتر، فجو البرنامج جميل ومشوق لأنه يحتوي على جملة من النشاطات التي تساعد في تحقيق الهدف منه مثل جلسات نقاشية، وجلسات يوجا وجلسات تأمل وحتى الإشتراك برقصة الزومبا للوصول إلى البهجة التي يسهل معها تكوين علاقات جديدة”.
إن لهذه البرامج وقعاً طيباً في نفوس المشاركات، وردود الأفعال لا تؤكد إلا على ذلك، وهذا ما يشير إليه قولها:” بعد أن ينتهي البرنامج نتلقى ردود أفعال جميلة من قبل المشاركات يعبرن فيها عن فرحتهن وشعورهن بالراحة، وهذه التجربة ضرورية لكل امرأة لأنها تمر بمراحل وضغوطات عديدة يحدث فيها تغير في الهرمونات منها الدورة الشهرية، فضلا عن فترة الحمل والولادة وغيرها، لذلك برزت فكرة هذين البرنامجين للمحافظة على صحة المرأة النفسية وتدريبها على كيفية التعامل مع الضغوطات اليومية التي تواجهها”.
السيدة بسمة لها اهتمامات متعددة منذ فترة في مجال الصحة النفسية لذلك لها ملاحظات على المرأة منها:” ألاحظ أن هناك ضعف ونقص في مسألة الإهتمام بالصحة النفسية للمرأة، بالرغم من حملات التوعية في وسائل الإعلام، ولا أستطيع إلقاء اللوم على أحد غير المرأة نفسها لأنها أحيان تنسى نفسها! رغم أن طبيعتها تمنحها القدرة على التحدث عن مشاعرها بسهولة، مما يساعدها على تحديد المشكلة والحل، لذلك يرد إلى العيادة حالات أصحابها نساء ورجال ولكن كما ذكرت النساء أكثر من الرجال لأنهن أكثر قدرة على التعبير ولا يشعرن باحراج كبير حيال ذلك”.
وعن الحالة النفسية في المجتمع تقول: “لا أستطيع القول أن المشاكل النفسية في تزايد مستمر ولكن يمكن القول أن الوعي ازداد أكثر وهذا هو المهم، لأن المرأة باتت تشعر بالحاجة لتعزيز حالتها النفسية في جميع المراحل التي تمر بها، ونحن نهتم بالمرأة لأنها هي أساس المجتمع ومربية الأجيال، فهي إذا ربت الأجيال بطريقة صحيحة فإن المجتمع سيكبر بطريقة صحيحة، وعندما نتحدث عن المرأة لا يقتصر تركيزنا على المرأة المتزوجة فقط وإنما المرأة المقبلة على الزواج والمرأة المراهقة المقبلة على حياة تتضمن تحديات كثيرة في مجتمع ينظر إلى المرأة بأنها لابد أن تلعب دور معين”.
وكثيرا من الناس كثيرا يتساءلون هل نذهب إلى الأخصائي النفسي مثلما نذهب للطبيب العادي، فتجيب السيدة بسمة:” لما لا؟ نحن نذهب للطبيب العادي، لما لا نذهب إلى الأخصائي في الشهر مرة واحدة للتحدث عن الضغوطات على اختلاف شدتها، لذلك نتمنى لو كل شخص يطبق هذه الفكرة لأنها ستساعده كثيراً، خاصة عندما يعيش حالة قلق ويرغب بتنظيم وقته، وأحيانا يشعر أن أموره لا تجري على ما يرام ويريد أحد ثقة يشاركه هواجسه، بالإضافة إلى تعلم تقنيات الإسترخاء المختلفة، ومثل هذه الخدمات يجدها الفرد في عيادات الصحة النفسية”.
وتخاطب السيدة بسمة الزوج قائلة:”يا أيها الزوج إذا كانت الزوجة بصحة نفسية جيدة فسيصبح المنزل بصحة جيدة ومريح لك أيضا، لكن إذا وجدت الضغوطات ولم تعالج فإن هذا الأمر سيؤثر سلبا على صاحبة المنزل ويسلب منها قدرتها على إدارة أمور المنزل بشكل جيد، ويصبح في البيت خلل، ولابد للرجل أن ينتبه لهذا الموضوع لأنه مهم جدا”.
كما توجه كلمة للمرأة فتقول:” لابد أن تهتمي بنفسك ليس كأنانية وإنما اهتمي بنفسك لتستطيعي الإهتمام بالآخرين، أحبي نفسك لكي تكوني قادرة على حب الآخرين، ولا تنسي نفسك كليا، والإهتمام بالنفس لا يقتصر فقط على التزين والملابس، بل أيضا يشمل الجانب النفسي فلا تتهاوني ولا تضغطي على نفسك، وكثيرا من الأوقات أنصح النساء بأن يخصصن 5 أو 10 دقائق في اليوم للجلوس وحدهن في مكان يحبنه، لأن المرأة أحيانا تضغط على نفسها فتصل إلى نقطة لا تستطيع معها التعامل مع الأمور فتنهار، وهذه من الأمور التي دائما ما نتحدث عنها في مسألة كيفية التعامل مع المشاكل الزوجية أو الأبناء أو العمل، وهذه الجوانب تحتاج إلى التوازن بينها، ولعل هذا الجانب من أهم الجوانب التي تشتمل عليها برامجنا”.
وأخيرا توجه كلمة للمجتمع بقولها:”لا تنتظروا لآخر لحظة فأول ما تشعرون بشيء يحتاج إلى استشارة يجب التوجه مباشرة إلى خبير في إدارة الحياة، الذي يمنحك السرية التامة ويوجهك إلى الطريق الصحيح، لذلك أرجو من الجميع عدم الإهتمام بما يقوله الآخرين ومحاولة حل المشاكل أول بأول حتى لا تتضخم الأمور وتسبب الإنهيار في النهاية، وأتمنى من الجميع أن يحضروا مثل هذه البرامج لأنها ممتعة ومفيدة بدليل أننا حصلنا على اقبال كبير من خارج السلطنة وخاصة من دول الخليج (السعودية والكويت) ومن الدول الأجنبية(اليابان وبرتغال وكولومبيا والهند) فمثل هذه الأمور تكون جيدة لمجتمعنا العماني حيث أنه يعزز الدخل للسلطنة عندما نجذب أناس من الخارج ليروا جمال السلطنة وفي الوقت ذاته نعلمهم كيفية الإهتمام بصحتهم النفسية”.
وعن الخطط المستقبلية تشير السيدة بسمة إلى:” إن هناك خطة لتنظيم رحلات خارج محافظة مسقط وخارج السلطنة، ونتمنى أن تنال هذه الأمور اعجاب النساء وتساعدهم، فهمنا هو صحتهن النفسية، لأننا نؤمن إذا كانت صحة المرأة النفسية جيدة فإن المجتمع سيكون ناجحا ومتوازنا، بسبب وجود امرأة وأم وأخت تحافظ على هذا الإتزان بوجود الرجل طبعا”.
Categories: عمانيات