عمانيات

النجود البوسعيدية… على متن السفن بدأت قصتها

RB0_2136

تدرس نجود بنت عبيد البوسعيدية تخصصاً أكاديمياً فريداً وهو تخصص الهندسة البحرية، وهي الآن في السنة الرابعة، وتعتبر الأنثى الوحيدة في دفعتها الدراسية، وقد أبحرت على متن ثلاث سفن تابعة لشركة بحرية للشحن والنقل، كما بقيت على سطح سفينة تابعة لشركة عبارات بحرية لمدة شهرين.

فكان من المثير لنا أن نجري معها هذا الحوار للاطلاع على تفاصيل رحلاتها البحرية …

  

-كيف ترى نجود نفسها؟

 واثقة من نفسها، لديها العزيمة والإرادة لتحقيق أهدافها، قوية =، شغوفة، إستقلالية، مرحة، إجتماعية، مقبلة بكل شغف على تجارب جديدة ومغامرات كثيرة.

-هل لكِ أن تحدثينا عن مساركِ الأكاديمي؟

 بدأت دراستي في كلية عمان البحرية الدولية في عام ٢٠١١، أول سنتين من الدراسة كانت صعبة بالنسبة لي كفتاة وحيدة بين رجال، وقد كان اختياري لتخصص الهندسة البحرية صعباً وخاصة عندما كنت أناقش الأمر مع أمي وأبي، ولكن الآن عائلتي تشجعني وتساندني للمضي قدماً في هذا الطريق والعمل بجد في هذا المجال.

وفي السنة الثالثة من الدراسة إلتحقت بالشركة العمانية للنقل البحري لغايات التدريب، وأول عقد لي معهم كانت مدته ٤ أشهر، صعدت على متن سفينة نزوى (ال ان جي) وهي ناقلة غاز مسال طبيعي، وكان خط السفينة من قلهات إلى اليابان في رحلة تستغرق أسبوعين، ولا أنكر أن بدايتي مع هذه التجربة كانت صعبة جدا، ولكن المواقف التي مررت بها وثقت من عزيمتي وثقتي بنفسي، حيث كان العاملون الذين أتعامل معهم يحاولون التقليل من شأني ومن قدرتي على الإستمرار، من خلال تخويفي وتهويل الأمور، ولكني لم أعرهم بالاً، بل عدت إلى المنزل بعزيمة أكبر دفعتني إلى توقيع عقد آخر مدته ٤ أشهر للعمل على متن سفينتين أحدهما كانت ناقلة غاز مسال طبيعي ( عبري إل إن جي) والأخرى ناقلة براد حديد من صحار إلى البرازيل ( صحم ماكس)، كما عملت لمدة شهرين على متن عبّارة (هرمز) التابعة لشركة العبارات الوطنية، والآن أنا في سنتي الأخيرة في الكلية لأتخرج بشهادة بكالوريوس في تخصص الهندسة البحرية التي تهتم بالمحركات والمكائن المختلفة التي تتواجد في غرفة المحرك على متن السفن، ومثل هذا العمل يتطلب درجة عالية من التحمل والتركيز لأنه يحتاج إلى ٨ ـ ١٠ ساعات عمل في بيئة عمل درجة حرارتها عالية، وفي أحيان كثيرة تكون ضمن حالات الطوارئ.

-كيف تنظرين لما حققتيه لغاية الآن؟

 إلى الآن، فكرة إكمالي ١٠ شهور في الإبحار على متن سفن مختلفة تعتبر إنجاز كبير بالنسبة لي، ولهذا الأمر فضل كبير في تطوير ذاتي وبناء شخصيتي لأصبح أقوى وأكثر إستقلالية.

-كونكِ الفتاة الوحيدة في تخصص (هندسة بحرية)، هل شكل ذلك التحدي الأكبر بالنسبة لكِ؟

 هناك تحديات أخرى كثيرة، ففكرة وجود إمرأة في المجال البحري يسبب ضجة كبيرة في مجتمعنا، لأن الناس يعتقدون أن المرأة ليس لها مكان في هذا المجال، وأنه ليس مسموحاً لها العمل في مثل هذه الظروف، وبرأيي يعتبر هذا الإعتقاد تقليلا من شأن المرأة وقدرتها وتمكنها من خوض كافة المجالات، وهنا يجب أن أشير بأني لست الوحيدة من قبلت التحدي واستمرت في هذا المجال، فهناك العديد من الفتيات اللاتي تخرجن من هذا التخصص وحصلن على وظيفة مهندسة بحرية، ومنهن من أعتبرها أعز صديقاتي.

-ما هو مشروع تخرجكِ؟

 موضوع المشروع هو عن تقليل الصوت الذي تصدره المكائن في غرفة المحرك، ويشترك معي في إنجازه اثنان من زملائي، لأن مشاريع التخرج تتطلب عمل جماعي لتقديمها.

-لما اخترتِ مجال (هندسة بحرية) بالذات؟

 عندما قرأت عن هذا المجال أثار اهتمامي بشكل كبير، وخاصة عندما كنت أسعى إلى دراسة تخصص هندسة طيران، ولم أوفق في سعيي، بعدها تم قبولي في كلية عمان البحرية الدولية، فقبلت خوض التجربة لأنها ثرية بالتحديات والمغامرات والتجارب التي سأتعرض لها.

برأيكِ ما هو السبب في عدم إقبال الفتيات العمانيات على هذا التخصص؟

 السبب واضح وهو صعوبة الدراسة، إضافة إلى فكرة الإبتعاد عن المنزل والأهل لفترة ما تقارب ٤ إلى ٥ أشهر أو أكثر، وهي الفكرة غير مستحبة لمعظم الفتيات وخاصة اللاتي يرغبن بالزواج وبناء أسرة.

ماذا تقولين للفتيات اللاتي يرغبن بالمضي في هذا الطريق؟

 أنا أشجعهن كثيرا، وسوف تثري هذه التجربة شخصياتهن وسوف يكتسبن الثقة والعزيمة والإستقلالية.

بماذا تردين على من تعتقد أن هذا العمل للرجل فقط؟

في زمننا هذا ليس هناك امرأة أو رجل بالنسبة لي، لأن المرأة اقتحمت كافة المجالات، حتى المجالات التي كانت محصورة على الرجال،  فبات هناك إمرأة طيارة، وسفيرة، ووزيرة، وصاحبة نشاط تجاري، وضابطة في الجيش، والشركة، فلما لا تصبح بحارة؟!

لكل فتاة طموح..يا ترى ما هو طموح النجود؟

 طموحي أن أصبح رئيسة مهندسين يوما ما، وبذلك أثبت لنفسي أنني قادرة على الوصول للقمة.

بعيداً عن تخصصكِ ما هي هواياتكِ ومواهبكِ؟

 أحب الطبخ كثيراً، وأمي هي مصدر إلهامي في الطبخ فقد تعلمت منها أسرار إعداد أطباقها الشهية، فهذه موهبة ورثتها عنها. أما هوايتي فهي التصوير، وقد سحرني عالم التصوير عندما كنت في سنتي الثانية لأن أعز صديقاتي قامت بتعليمي أساسيات التصوير، والآن أحرص على تعليم نفسي لأتطور أكثر في هذه الهواية المثيرة.

كلمة توجهينها للمرأة العمانية؟

فرض المجتمع على المرأة أن تعمل في مجالات تمكنها من العودة للمنزل والإهتمام بأسرتها، ولكن في الوقت نفسه يجب على المرأة أن تركز على ما تريد لذاتها ولمستقبلها العملي، وأن تكون صادقة مع نفسها لتجد ما يشعرها بوجودها.

وبالنسبة لي أشعر بارتياح شديد عندما أعمل في هذا المجال الذي سلب كل اهتمامي وأشعل الشغف في داخلي، لذلك سأستمر به وأحقق النجاحات التي أتطلع إليها، وأدعو كل امرأة أن تقوم بذلك أيضا.

كلمة أخيرة؟

 أتمنى التوفيق لكل امرأة في أي مجال من المجالات، وأيضاً أتمنى من المرأة أن تكون شجاعة وتتمتع بالإستقلالية والثقة بالنفس لتصل لأهدافها، وأشكر الوالد والوالدة وأخواني وصديقاتي وزملائي والمدرسين على المساندة التي تلقيتها منهم، وأهلي بالذات، (الله يحفظهم ويطول في عمرهم)، فلولاهم ولولا تشجيعهم ما وصلت إلى ما أنا عليه الآن.

Categories: عمانيات

أضف تعليقاً