المجتمع

الفلسطينية زينب حمارشة تُسائِل العالم الافتراضي

قامت زينب حمارشة، وهي إحدى خريجات قسم الإعلام والتلفزة في جامعة بيرزيت في فلسطين، بعمل بحث عن الفيس بوك يحمل عنوان «الفيسبوك فجوة في الواقع IMG_4219وإشباع في الافتراض»، حيث يبحث في أسباب زيادة النشاط الإفتراضي للناشطين والأشخاص على الفيسبوك في حين لا يوجد لهذا النشاط أي انعكاس على أرض الواقع. حول أهمية هذا البحث ونتائجه حاورتها مجلة المرأة:

ما الهدف من إجراء مثل هذا البحث؟

في الحقيقة أنا مهتمة كثيرًا بمجال الإعلام الجديد، كما أن المستقبل لم يعد للوسائل التقليدية كالصحف والراديو، بل أصبح هناك علم جديد وهو الإعلام الاجتماعي، ورأيت بالضرورة أن ندرس هذا المجال وأن نكوّن قاعدة جيدة من الأبحاث في هذا المجال حتى يتسنى لنا فهمهُ ومعرفة أبعاده وتأثيراته القادمة .

كما أن الفيسبوك يشكل في الوقت الحالي منبرًا تسويقيًا ودعائيًا وإعلانيًا تعتمد عليه معظم المؤسسات والأشخاص في تسويق منتجاتهم أو أفكارهم أو خدماتهم أو الدعوة لأنشطتهم واحتفالاتهم، ومن هنا جاءت ضرورة دراسة مدى تفاعل الناشطين وإقبالهم واستجابتهم لمضمون الفيسبوك.

  • ما هي أبرز النقاط التي يركز عليها البحث؟

كما ذكرت أعلاه، البحث بشكل عام حاول أن يبين أسباب عدم انعكاس الأنشطة الافتراضية التي تملأ ساحات العالم الافتراضي “الفيسبوك نموذجًا” على أرض الواقع، وأن نبحث فيما إذا هذه المشاركات الافترضية تشعر الناشطين بالإشباع أم أنها تعتبر بديلاً للواقع، إضافةً إلى معرفة مدى قدرة الفيسبوك على التغيير وقيادة حملات الدعم والمناصرة وغيرها خاصة بعد أن تم استخدامه في الثورات العربية.

  • برأيك ما هي الأسباب التي جعلت الشعب الفلسطيني يكون في عالم الافتراض أكثر من الواقع؟

في الحقيقة الحالة الفلسطينية تختلف قليلًا عن الوطن العربي في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على اعتبار أن فلسطين لا تزال ومنذ قرون تعيش تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي، لذلك لم يثمر كثيرًا الفيسبوك كما أظهرت نتائج بحثي في الحالة الفلسطينية ولم يساهم كثيرًا في التغيير، بل على العكس من ذلك وجدت أنه عزز ما وجد على أرض الواقع والانقسام بين حزبي فتح وحماس نموذجًا، حيث وجدت أثناء الدراسة الكثير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء حزبية مثل صفحة “فتح أولًا”، “محبي اسماعيل هنية” وغيرها، وفي كثير من الأحيان نرى هناك حشد كبير على الفيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي لقضية سياسية معينة ولكن على أرض الواقع لا نجد إلا القلائل من المشجعين لها، وأظهر البحث أسباب عدة فمنهم من رأى ان الفيسبوك لا يعبر عن الواقع ومنهم من أظهر أن النية للمشاركة قائمة وتمنعه انشغالات الحياة، بينما أظهر الكثير من الخبراء أن غياب التنظيم الجيد والحقيقي هو السبب وراء عدم الانعكاس الافتراضي على أرض الواقع.

ومن جانب آخر نجحت وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين بشكل كبير في  ايصال جرائم المحتل ليصل إلى رقم واحد في الهاشتاغ، قد يعجز الشعب عن تحركات فعلية على الأرض نتيجة الظروف المحيطة به وعوامل الحصار التي يعيشها لكنه تصدر في الهاشتاغ موقعًا جيدًا بين دول العالم.

 كيف ترين النشطاء في الافتراض والواقع؟

في الافتراض النشطاء يحتاجون وقت وجهد وتكلفة أقل، وبالتالي هناك سهولة في المشاركات وحشد حضور افتراضي كبير يشاركون من خلالهِ بتعليق أو بمشاركة رأي، بينما في الواقع لا نجد مشاركات فعلية على الأرض كما هو في العالم الافتراضي.

وما هو دورهم في الفعاليات؟

لا بد أن يكون لهم دور حقيقي في الحراك على الأرض ولكن الواقع لا يحاكي ذلك ولا نجد لهم مشاركات حقيقة كما هو في الافتراض.

أخبرينا عن أهم التوصيات لهذا البحث؟

يشكل هذا البحث ركيزة للأبحاث القادمة التي تختص في مجال الإعلام الاجتماعي وشبكات التواصل، وعليه فإن الباحثين سيعتمدون على نتائجه في بناء ما هو جديد وقادم في هذا المجال.

نوصي بشكل خاص المنظمين للفعاليات والأنشطة، الذين يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل أساسي لدعوة الحضور سواء للفعاليات الثقافية أو الاعتصامات التضامنية السياسية أو في قيادة الحملات التضامنية، بالإنتباه إلى أن الفيسبوك كجزء من شبكات التواصل الاجتماعي التي تعمل ضمن حدود العالم الافتراضي والتي لم تصل إلى مرحلة أن يتم التعامل معها بشكل جدي، والإعتماد عليها بشكل أساسي في حصر عدد المشاركين، ولكن يمكن أن تكون هذه الشبكات هي جزء من الخطة التنظيمية والفعلية التي يعتمدها المنظمون للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الناشطين.

كذلك يمكن استخدام الفيسبوك كأداة للإعلان، وكعامل جذب للناشطين ليكونوا أكثر قدرة على المعرفة والوصول السهل.

ماذا عن التحديات التي واجهتيها؟

كانت هناك صعوبات كبيرة في الاستناد إلى أبحاث سابقة في هذا الموضوع باللغة العربية حيث كانت نسبتها قليلة ولم يتطرق إليها الكثير من الباحثين فكنت بحاجة إلى بناء قاعدة معرفية من المعلومات لأستند عليها في بحثي هذا .

وكذلك كانت هناك صعوبة كبيرة في التعامل مع الناشطين على الفيسبوك حيث استند البحث على إجابات الناشطين الذين يؤكدون حضورًا افتراضيًا ولا ينعكس هذا على أرض الواقع، فالتواصل مع ما يقارب 150 ناشطاً ليقوموا بالإجابة على أسئلة الاستبانة كانت عملية في غاية الصعوبة.

 وهل لكِ أن تخبرينا بطموحك مستقبلا؟

زينب فتاة فلسطينية تعشق وبشغف مهنة الإعلام،و ترى في نفسها مشروع إعلامية قادم على الساحة الفلسطينية، تطمح لأن تكون مقدمة برامج سياسية واجتماعية وأن تعمل بالكلمة والقلم والمعلومة على خدمة شعبها ودعم قضيتها الفلسطينية وزرع روح البسمة والتفاؤل على وجوه من يستحقونها.

 كيف سيستفاد من الفيس بوك في العالم العربي بشكل عام وفلسطين بشكل خاص؟

إذا استخدم الفيسبوك لدعم القضية الفلسطينية واستخدم كجزء من الأدوات التنظيمية وكجزء من خطة مطولة للعمل الجدي والحراك الفعلي فإنه سيكون ناجحًا في رفد الأنظار إلى الشعب الفلسطيني على اعتبار أنه أداة قوية للوصول إلى كل شعوب العالم .

  ما هي الاستنتاجات التي خُرجِت بها من البحث؟

يحجم الكثيرون من ناشطي الفيسبوك عن ترجمة مشاركاتهم الافتراضية على أرض الواقع لعدة أسباب لعل أبرزها انشغالاتهم المتكررة والمفاجئة وعدم ملائمتها لبرنامجهم اليومي لذلك يظهرون على الفعاليات التي يرغبون حضورها تأكيدًا افتراضيًا ولا ينعكس ذلك واقعيًا، ولا بد من الإشارة أيضًا إلى أن تقنية الفيسبوك لا تسمح بالإطلاع على تفاصيل الدعوة إلا بعد تأكيد الحضور وهذا يعني أن عدد المشاركين افتراضيًا لا يعكس بالضرورة المشاركة الفعلية فهذه الفئة من الناشطين تحديدًا قد لا يعنيها الحضور بقدر ما يعنيها المتابعة والمعرفة.

ويرى آخرون أن الفيسبوك مكانًا مناسبًا للظهور وإبراز الذات والحضور، ويوازيه سببٌ آخر وهو السعي لإعطاء زخم للفعالية وهو أسلوب التشويق وإثارة فضول الناشط للبحث عن الفعالية والتفاعل معها بطريقة أو بأخرى.

وهنا نستنتج أن ناشطي الفيسبوك كلٌ له رؤيته ودوافعه في التفاعل مع الأنشطة والدعوات الموجهة من قبل المنظمين، ولا نغفل العلاقة الطردية بين الناشط وطبيعة الفعالية فكلما كانت الفعالية تصب في اهتمام الناشط كلما كانت الفرصة لإنعكاس مشاركته الافترضية على أرض الواقع أكثر قوة.

وبهذا نستنتج أيضًا أن شبكات التواصل الاجتماعي لا تختلف كثيرًا عن المنابر الإعلامية والدعائية كالتلفاز والمذياع وحتى اللوحات الإعلانية التي تحمل مضمونًا دعائيًا للتسويق، إذ يتكون مضمون الفيسبوك من دعوات لأنشطة وفعاليات، إضافة إلى صفحات تسوق لمنتجات وأفكار، ويبقى الخيار مفتوحًا أمام الناشطين في التفاعل على أرض الواقع مع كل هذا المضمون أم لا، بمعنى آخر يُترك للناشط حرية اختيار ما يناسبهُ من فعاليات على الفيسبوك بعد أن يكون قد اطلع على مضمون ما يُنشر، وهنا يلعب المنظمون دورًا هامًا في جذب الناشطين للحضور الواقعي خاصةً إذا استُخدم الفيسبوك كوسيلة وحيدة للدعوة كما في بعض المناسبات السياسية والثقافية المنظمة.

تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي ساحة افتراضية للتعبير عن خلجات النفس البشرية، فاعتبر الكثيرون من الناشطين أن هذا العالم الافتراضي قادر على التعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم وكل ما يعجزون عن تحقيقه في الواقع يلجأون إلى الافتراض لسد النقص والعجز.

  كلمة أخيرة؟

خلال سنواتي الدراسية تعلمت كيف أكون صحفية ولكن في عامي الأخير أدركت أهمية الأبحاث العلمية في برمجة المجتمع وكيف تكون الأبحاث الأساس الجيد للحل والبناء في المجتمعات، أتأمل في أن يكون بحثي الذي حمل عنوان” الفيسبوك فجوة في الواقع وإشباع في الإفتراض”، والذي أشرفت عليه الإعلامية والأستاذة جمان قنيص، أن يكون قاعدة أساس جيدة لبناء أبحاث أخرى من هذا النوع من العلوم الاجتماعية.

Categories: المجتمع, حوار

أضف تعليقاً