شراكة المرأة في صناعة المستقبل
إعداد : أميرة الشكيلية – رضية الهاشمية
احتفالاً بالعيد الوطني للبلاد، تستعرض قصة العدد شخصيات نسائية يتحدثن عن مسيرتهن في المشاركة في بناء النهضة المباركة، شخصيات كانت لهن أدوار بارزة في صناعة القرار والمشاركة في عملية التنمية.
في خطاب السلطان هيثم بن طارق في 23 فبراير/ 2020، بعد نحو شهر من توليه مقاليد الحكم، أكد على الاهتمام بالمرأة العُمانية ودورها الحيوي في بناء الوطن أسوة بأخيها الرجل على مختلف الأصعدة.
حيث قال: إن شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون وأن تعمل مع الرجل جنبا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية التي لا نحيد عنها ولا نتساهل بشأنها”. ومن هذا المنطق نحن حريصون جداً على إبراز دور المرأة في المشاركة في صناعة مستقبل عمان وفيما يلي مجموعة من النساء التي قابلتهن المرأة للحديث عن دور المرأة العمانية ومساهمتها في صناعة المستقبل كونها شريكة رئيسة في بناء نهضة عمان الحديثة.
المكرمة د. بدرية بنت ابراهيم الشحية
نائبة رئيس مجلس الدولة منذ 2019 وعضوة في المجلس على فترتين منذ 2015
ألتقينا بالمكرمة الدكتورة بدرية بنت إبراهيم بن خلفان الشحية، أستاذة مساعدة في الكيمياء التطبيقية بكلية العلوم بجامعة السلطان قابوس ومديرة مركز الدراسات التحضيرية المسؤول عن تدريس مقررات السنة التأسيسية لجميع طلاب الجامعة وغيرها من المقررات منذ 2016 وكذلك هي نائبة رئيس مجلس الدولة منذ 2019 وعضوة في المجلس على فترتين منذ 2015، وفي سؤالنا لها عن دور المرأة في صناعة:
أن المرأة العمانية، ويشهد بذلك المجتمع بأسره، شريكة الرجل في مسيرة التنمية الحثيثة وقوة لا تتجزأ في استقرار المجتمع وصياغة قيمة وانتماءاته. فهي تقوم بدورها في البيت على أكمل وجه ويخرج من تحت يدها أجيال قوية متميزة وفي نفس الوقت هي ترفع راية البناء والعمل لرفعة الوطن. وهذا ليس بجديد على المرأة في مجتمعنا فهي تعمل منذ أزمان طويلة في الحقل وحلقات العلم وترسم وتخطط لسياسات أسرتها واقتصادها. فطبيعة المجتمع العماني تدور على تماسك افراده وعملهم جنبا لجنب كما يشدد عليه النظام الأساسي للدولة والذي ساوى المرأة في أحقيتها للعمل والرعاية الصحية والاجتماعية وكذلك حفظ لها التشريع حقوقها في مختلف الجوانب. وهي تعمل مع زملائها على ضمان تكامل التشريعات ورتق الفجوات إن وجدت.
المرأة والسياسة
وتوضح د. بدرية بأن العمل السياسي ليس مقتصرا على الانتخابات ودخول المجالس التشريعية إنما هو بالمشاركة في جميع جوانب عملية التنمية بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وعلينا أن نفرق بين المشاركة السياسية والمشاركة في صنع القرار السياسي، والتفرقة ليست من أجل الفصل بينهما، فهما متداخلان يكملان بعضهما البعض.
فالمشاركة السياسية تشمل المشاركة في صناعة القرار السياسي وهي المشاركة في صنع القرارات التي تصنع السياسات أو التي تؤثر فيها من خلال المؤسسات الدستورية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية التي تصدر هذه القرارات. وهذه المشاركة في صنع القرار السياسي لا تقتصر على المجالس النيابية إنما تشمل سائر الوظائف التي تساهم في تشكيل المجتمع.
وتضيف: التشريعات العمانية لم تحجم المرأة عن المشاركة السياسية وهي موجودة كوزيرة ووكيلة وسفيرة وعضوة في مجلس عمان وفي مختلف الوظائف الإدارية. ويتاح لها الانتخاب وترشيح نفسها في مجلس الشورى وقد شهدت السنوات الماضية زخما أكبر في الترشيحات ولكننا بحاجة لجهد أعلى نحو كسب ثقة المصوتين وإعطائها المجال في ذلك. كما أننا نحتاج أن نعمل نحو تمكينها في بعض الوظائف التي لم تتمكن للوصول لها لسبب أو لآخر.
وتؤكد د. بدرية أن المرأة العمانية أثبتت عن جدارتها بالعمل كسفيرة وفي المنظمات الدولية وفي هذا تشهد منجزاتها حيث شغلت المرأة العُمانية مناصب مرموقة، منها انتخابها نائبة لرئيس لجنة التنسيق للنساء البرلمانيات التابعة للاتحاد البرلماني الدولي، الذي أقيم في شهر أكتوبر عام 2014. كذلك، مثلت المرأة السلطنة في عدد من المنظمات الدولية، ومنها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، ومندوبية السلطنة الدائمة لدى الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية بجنيف.
هل المرأة العمانية منصفة؟
وعن إنصاف السلطنة للمرأة ترد د. بدرية بقولها: نعم وبلا شك منصفة. ولكن ذلك لا يعني أننا نحتاج بعض التعديلات هنا وهناك ولكننا بالتأكيد منصفين ومقدرين لعمل المرأة ويؤكد على ذلك ثقة صاحب الجلالة في اعطاءها أدوارا ريادية إيمانا بها. علما بأن السلطنة قد حصلت في عام 2018 على المرتبة الأولى في تمكين حقوق المرأة، وفقاً للتقرير السنوي الصادر عن مركز دراسات مشاركة المرأة العربية التابع لمؤسسة “المرأة العربية”. كما تُعد ثاني أفضل دولة عربية في تمكين المرأة ودمجها مجتمعياً، وفق دراسة أجرتها “تومسون رويترز.
وتكمل: بلغت نسبة النساء في سوق العمل بالسلطنة 33.5% من المشتغلين بالقطاعين الحكومي والخاص حتى نهاية يوليو 2020 مقارنة بـ 17% في عام 2000، بما نسبته 41.9% في القطاع الحكومي و 26.4% في القطاع الخاص، بالإضافة إلى ما نسبته 23% من رواد الأعمال، وفق الإحصاءات الرسمية. وكما هو ملاحظ فقد تضاعفت نسبة مشاركتها في خلال العشرين عاما الماضية ونعول على الزيادة في القطاع الخاص وريادة الأعمال لتصل لنسبة قريبة من القطاع العام.
السيدة روان بنت أحمد آل سعيد
الرئيس التنفيذي لشركة تكافل عمان للتأمين
وحول هذا الموضوع أيضا ألتقينا بأحدى النساء العمانيات اللاتي لهن بصمة في تنمية عمان وهي السيدة روان بنت أحمد آل سعيد وبناتها فاطمة والدكتورة أنفال والاءالمهرية للحديث عن دور المرأة في صناعة المستقبل.
وقد تربت السيدة روان بنت أحمد منذ نعومة أظافرها على قيم الجدية و المثابرة و الإنجاز. وقد نشأت لدى أسرة حظيت فيها بالرعاية والعناية والتوجيه في بلوغ الأهداف والاعتماد على النفس وتحقيق الذات. وقد انعكست تلك القيم في جميع أعمالها الحالية والسابقة مما يشعرها دائما بالرضى.
حاصلة على ماجستير في الاقتصاد و المالية من “جامعة لوفبرا” في المملكة المتحدة، ودبلوم في تحليل الاستثمار من ” جامعة ستيرلينغ” في المملكة المتحدة، وبكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من ” الجامعة الأمريكية بالقاهرة”، كما أنها حاصلة على دكتوراة المهنية في القيادة و الإدارة من “الجامعة الاوروبية الدولية” في فرنسا. تشغل السيدة روان حالياً منصب الرئيس التنفيذي في شركة تكافل عُمان للتأمين ش.م.ع.ع .
المرأة والتنمية الشاملة.
وعن سؤالنا لها عن دور المرأة العمانية في التنمية الشاملة تقول السيدة روان: بداية، وعمان على أعتاب ذكرى نهضتها المباركة المتجددة ويوم عيدها الوطني المجيد، ولا سيما ونحن نعيش هذه الأجواء النوفمبرية بمشاعر وطنية وفعاليات احتفالية، يشرفني أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم قائد مسيرة نهضة عمان المتجددة ـ حفظه الله وأبقاه وإلى السيدة الجليلة حرم صاحب الجلالة رمز المرأة العمانية. والتهنئة موصولة إلى كل مواطن ومقيم على أرض عمان الطيبة وكل مشارك لنا فرحة هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا.
ثم أود الإشارة، إلى أن المرأة العمانية كانت ولا تزال في دائرة الضوء ومحط الأنظار في مسيرة التنمية الشاملة وتحظى باهتمام بالغ يتناسب وأدوارها الإيجابية الفاعلة في مسيرة النهضة المتجددة. أما عن مساهمتها فلا يمكن تجاهلها فهي دوماً حاضرة في مختلف ميادين العمل – فمثلا وليس على سبيل الحصر – السياسية منها والاقتصادية والأمنية والعسكرية والادعاء العام وفي مجالات التربية والتعليم والصحة وفي قطاع الصناعة والخدمات والأعمال الخاصة والتطوعية والإبداع الأدبي والفني بل أن أداءها دائماً محل إشادة وتقدير أينما وُجِدت أو شاركت في مواقع العمل والإنتاج. وهذا يعني أن أنها شريك فاعل في عملية التنمية الشاملة وما تحقق من مكاسب وإنجازات في مسيرة نهضة عمان المباركة.
وظيفتين في هيكلين تنظيميين متباينين
وتكمل السيدة روان حديثها عن كيفية تحقيقها للتوازن بين حياتها الاجتماعية وبين مهامها الوظيفية كسيدة أعمال قائلة: لدي قناعة راسخة بأن المرأة فُطرت على العطاء والرعاية والعناية، مما يكسبها القدرة على التكيف مع الظروف ومتغيراتها والتعامل مع المواقف وصعوباتها بغض النظر عن الفروق الفردية بين المرأة و الأخرى.
أما بالنسبة لي فأنا أرى الأمر في مجمله يتوقف على معرفة المفاهيم الأساسية للإدارة وتطبيقها؛ من تخطيط وترتيب للأولويات والمتابعة والالتزام. وبالتأكيد لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لي في البداية بل كان تحديا؛ فإما النجاح والاستمرار في تحقيق الطموحات وإما خسارة الرهان. ولكنني اعترف بفضل الله عليّ فللّه الحمد والشكر وما توفيقي إلاّ بالله. في الحقيقة، المواءمة بين الأدوار الأسرية وتكاليفها كتربية الأطفال، الاهتمام بالزوج، تدبير المنزل والارتباطات الاجتماعية، وبين الأدوار المهنية كالوظيفية ومسؤوليتها والمهام المختلفة وارتباطاتها، تعتبر معادلة صعبة بكل المقاييس في حياة المرأة العاملة تستنزف طاقتها طوال اليوم لأنها تتعامل مع مهام مختلفة أشبه ما تكون بشغل وظيفتين في هيكلين تنظيميين متباينين في طبيعتهما الوظيفية والقوانين التي تحكم كل منهما والظروف المحيطة بهما وهذا تحدٍ من الصعوبة بمكان يتطلب كثيراً من الجهد والوقت والقدرة في الاستمرار على كسب وتوظيف معارف نوعية ومهارات متعددة لإنجاز المهام وتحقيق الذات. ثم أن الوعي التام وممارسته لتلبية ضرورات الحياة الأسرية ومتطلبات الوظيفة المهنية من الأهمية بمكان هو الأخر لتنشيط الاستعداد النفسي والحفاظ على قدرة التحمل لمواجهة ضغوطات العمل. وأنا أعتبر نفسي أوفر حظاً من غيري لما أحظى به من دعم ومساندة في محيط أسرتي وهو من أهم عوامل النجاح في نظري لتحقيق التوازن بين الحياة الأسرية والمهنية بالإضافة إلى الاستقرار النفسي.
القوانين والسياسات تدعم المرأة
وترى السيدة روان بأن القوانين والسياسات في السلطنة كانت دائما داعمة لها حيث تقول: باستعراض مراحل النهضة من خلال الأقوال والتوجيهات السامية للمغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه، التي كانت بمثابة حجر الزاوية لإزالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ودعوتها إلى المشاركة في الشئون العامة للبلاد والحرص على أهمية تأهيلها وتشجيعها على ممارسة كافة حقوقها، مروراً باهتمام السلطنة في تشريعاتها بقضايا المساواة وقضايا النوع الاجتماعي وعدم التمييز بين الرجل والمرأة و من ثم التطورات اللاحقة في المصادقة على التدابير التشريعية والقضائية وغيرها المتعلقة بأحكام وبنود الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن إضافة إلى الجهود الرسمية المستمرة في تحقيق تكافؤ الفرص والشراكة بين الجنسين وتمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في مختلف المجالات بما يكفل مساهمتها الإيجابية في التنمية المستدامة، وتخصيص يوماً من كل عام للمرأة العمانية، و ندوة التمكين الاقتصادي للمرأة وإبراز مكانتها عربيا ودوليا، يمكنني القول بناء على ما سبق وبلا تردد إلى أن السياسات والقوانين والجهود الرسمية هي إلى جانب المرأة وداعمة لها و تعمل على تمكينها. وإذا كان ثمة هاجس يشعرنا بأن المرأة لا تزال بحاجة إلى دعم أكبر ففي اعتقادي أن هناك مسؤولية أكبر تقع على المجتمع والأطراف الفاعلة فيه للنهوض بحالة الوعي إلى مستوى يسمح بإحداث التغيير في أنماطنا الثقافية من خلال إعادة صياغة مفاهيمنا الاجتماعية لدعم المشاركات الإيجابية للمرأة في بناء التنمية المستدامة.
وباعتبار السيدة روان هي شخصية قيادية فكيف لها أن تخلق روح القيادة في نفوس أبنائها؟ تجيب علينا: أنا أولاً وأخيراً أم، ولا أظن أنني أختلف كثيراً عن بقية الأمهات في التعامل مع أبنائهن. ما أريد أن قوله هو أنني لا أمارس سلوكيات النمط القيادي في العمل مع أفراد أسرتي بتاتاً. وهذا لا يعني أنني لا استفيد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من المهارات والعلاقات والخبرات التي اكتسبتها في العمل وتوظيفها حسب الموقف مع أبنائي وفي الحياة اليومية أيضا. أن مسؤوليتي مع أبنائي تحتم علي ّ أن أقدم لهم العون والمساندة عندما يكون أحدهم بحاجة إلي ذلك. وأحرص على أن أغرس فيهم عدة مفاهيم أراها مهمة لهم في حياتهم وقد تكون سبب نجاحهم مستقبلاً بعد توفيق الله عز وجل. ومن هذه المفاهيم هي أن يكون لكل واحد منهم شخصيته المستقلة ويعتمد على نفسه. وأن يكون الفرد منهم لديه القدرة على التفاعل مع الآخرين ومشاركتهم. ثم الحفاظ على السلوكيات المنضبطة والأخلاق الحسنة.
وتختم حديثها: في تقديري، عدم الثقة بالنفس مشكلة عامة تعيق المرأة عن التعبير عن نفسها أمام الآخرين وتقديم أفضل ما لديها في العمل حتى وإن كانت متفوقة في أدائها على زملائها من الرجال. وربما ينقص البعض منهن الوعي الذاتي في تطوير قدراتهن والاستفادة من الموارد والفرص المتاحة لإبراز أنفسهن على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. أما نصيحة للشباب هي أن يتسلحوا بالمعرفة والمهارات النوعية لمواكبة المتغيرات ومستجدات التقنية وليعلموا أن طريق النجاح لا يخلو من الصعوبات. كما أن عليهم أن يفكروا خارج الصندوق في البحث عن الرزق وفرص الكسب.
فاطمة عبدالله الخطيب المهري
وكان لنا لقاء آخر مع فاطمة عبدالله الخطيب المهري حاصلة على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة Heriot watt باسكتلندا. وتعمل مديرة لإدارة العلاقات التجاریة في بنك العز الإسلامي.
وترى فاطمة أن المرأة العمانية هي نصف المجتمع وقد حظيت بمكانة خاصة ولقيت دعماً واسعاً منذ النھضة الحدیثة للسلطنة تتمثل بسن القوانين التي أكدت أھمیة إتباع الشرع في تأدية كافة حقوق المرأة؛ وينص النظام الأساسي للدولة على المساواة بين المرأة والرجل. وظھرت الإرادة السیاسیة جلية في قرارات السلطان قابوس رحمھ الله في تعیین عضوات بمجلس الدولة عند إنشائه، ونحن نرى الیوم إقبال الفتيات على التعلیم؛ ففي التعلیم العالي ارتفعت نسبة الإناث، وتسھم الخريجات بدور كبير في بناء المجتمع. وفي مجال العمل ترى المشاركة الواسعة للمرأة في مختلف المجالات وتقلد المرأة العديد من المناصب الھامة مثل وزارات التعليم والتعليم العالي والسياحة. نعتقد أننا لا نحتاج سوى استمرار ھذا الدعم وھو ما ظھر في رؤیة صاحب الجلالة السلطان ھیثم حفظھ الله.
جيل شغوف بالابتكار
ولخلق جيل شغوف بالابتكار والتطوير تقول فاطمة: الابتكار حجر الأساس للتطور والتعلیم القائم على التساؤل والبحث والاكتشاف والمبادرة إلى العمل ھو الطریق لغرس روح الإبداع والابتكار في نفوس شبابنا. فالشباب یجب أن يشعر بحريته في التفكير والمجازفة ودعم المجتمع له. وأرى أنه یجب تعويد الشباب على تولي أدوار القيادة منذ الصغر مع القيام بسلسلة من المبادرات الوطنية لتنمية مھارات البحث والاكتشاف مع زيادة فرص الاحتكاك والتبادل العلمي والثقافي مع المجتمعات المتطورة. ونشر وسائل التكنولوجيا في كل مجالات الحياة مما یعین الشباب على الابتكار.
وتوضح لنا فاطمة أن أمها سيدة الأعمال المعروفة السيدة روان قد استطاعت الموازنة بين عملها وحياتها الشخصية وأنه لم تؤثر التزاماتھا العملیة على الجانب الأسري فقد أخلصت في كلا الجانبين وأحسنت تنظیم وقتھ . وقد علمها ذلك أھمیة تنظیم الوقت. وتعلمت من أمها الرغبة الدائمة في التطور والنجاح مما أعطاها دفعة الایجابیة في حیاتها وأكسبها الرغبة بتطوير الذات وكسر النظرة النمطية للمرأة العاملة فھي القدوة الأولى لها ولأخواتها.
وتضيف: في رأيي أن المرأة العمانية لا ینقصھا شيء سوى الثقة في قدراتھا والرغبة في المجازفة واكتشاف آفاق جدیدة، بالإضافة إلى ُحسن تنظیم الوقت.
الدكتورة أنفال عبدالله الخطيب المهري
وبعدها التقينا بأختها الدكتورة أنفال عبدالله الخطيب المهري وهي أم لطفلين توأم في عمر الثالثة، تعمل كطبيبة مقيمة في تخصص جراحة النساء والولادة. درست في كلية عمان الطبية والآن ملتحقة في برنامج تخصص جراحة النساء والولادة التابعة للمجلس العماني للاختصاصات الطبية.
وفي حديثها عن سياسات السلطنة للمرأة تقول: من وجهة نظري فإن السياسات المعمول بها في السلطنة منذ بداية النهضة في ظل والدنا الراحل السلطان قابوس طيب الله ثراه، قد أنصفت المرأة وأعطاها كامل حقوقها من الصحة والتعليم والفرص في العمل والقانون وشتى المجالات، فقد أولى -طيب الله ثراه- اهتمامًا خاصا بالمرأة العمانية وبما يخدم مصلحتها كونها نصف المجتمع فاهتم بتعليمها منذ الصغر بدايةً، وتوّج اهتمامه بأن جعل ١٧ من أكتوبر يومًا للاحتفال بالمرأة العمانية وما قدمته لهذا المجتمع. كما أن هذا ما نعهده من حكومة النهضة المتجددة في ظل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم -حفظه الله – وأبقاه ذخراً لهذا البلد.
وعن كيفية خلق جيل شغوف بالابتكار تقول د. أنفال: دائمًا ما يحتاج لخلق جيل شغوف بالابتكار والتطوير هو غرس المبادئ من الصغر ، بدايةً، وانتهاءاً بالدعم الكامل ثم تعزيزها بالتقدير، كما إنه من المهم تسهيل السبل التي بها يمكن للشباب الابتكار والتطوير لرفعة اسم بلدنا عُمان لأعلى المراتب دوليًا
والدتها بين العمل والأسرة
ولكن هل استطاعت والدتها سيدة الأعمال أن توازن بين عملها وأسرتها؟ تجيب د. أنفال: لم تمر لحظة احتجت فيها أمي ولم أجدها! فهي خير مثال للتوازن بين العمل والأسرة، فدائما ما نجدها تتقن الموافقة والموازنة بين عملها ودورها كأم. فهي امرأة ناجحة في مجال عملها ووصلت إلى ما وصلت إليه بجهدها وشغفها لمجالها بعد توفيق من الله عز وجل . فهي تعلمت كيف تدير حياتها وتعطي كل شي وقته وحقه وهو ما جعلني أنظر إليها نظرة إعجاب من صغري، فشغفها أشعل فينا حب العطاء للعمل وعلمنا أن نكون مجتهدين لنحقق جميع أهدافنا ونسعى لها ولم أعلم صعوبة الأمر حتى أصبحت أم تحاول الموازنة بين دراستها وأسرتها وشغلها.
وتختم حديثها: لا ينقص المرأة سوى إيمانها بنفسها وقدراتها والدعم الأسري من المحيطين بها لتسهم بدور أكبر في المجتمع العماني كون سياسة الحكومة العمانية الرشيدة كانت وما زالت تقدم كل سبل الدعم للمرأة العمانية لتشارك في المجتمع وتثبت مكانها وتصل إلى المناصب العليا.
آلاء عبدالله الخطيب المهري
وتشاركنا هذا الموضوع أيضا آلاء عبدالله الخطيب المهري وهي الأبنة الثالثة للسيدة روان، حاصلة على درجة جامعية في إدارة الأعمال في بريطانيا من جامعة UCLAN، وقد عملت في شركة فرنسية تعمل عمان؛ تصمم وتبني الأنظمة الكهربائية وتقدم خدمات لأسواق الطيران والدفاع . تروي لنا عن فترة حياتها العملية والتي وصفتها بـ المثمرة حيث اكتسبت خلالها العديد من الخبرات. وهي تشغل حالياً وظيفة محلل مالي في إحدى الشركات الحكومية.
تتنوع اهتماماتها بين المساهمة في الأعمال الخيرية وممارسة العمل الاجتماعي، ويأتي على رأس اهتماماتها مجال تصميم الأزياء الذي شغفت به منذ الصغر وكان جزءً مهماً من عالمها وقد نمته ليصبح لديها مشروعها الخاص اليوم، والذي يحمل اسم Embellished by Alaa AMahri،حيث شاركتها والدتها هذا الشغف في عالم التصميم الذي اكتسبته منها.
دعم و إنصاف
وعن رأيها حول السياسات المعمول بها في السلطنة هل أنصفت المرأة أم تحتاج إلى مزيد من الدعم للمرأة في المرحلة المقبلة تقول آلاء: أنظر إلى السياسات المعمول بها في السلطنة على أنها سياسات رائدة أنصفت المرأة وأرست دعائم التطور المجتمعي مما مكن المرأة من المشاركة بقوة في مختلف المجالات وساهمت في بناء سلطنة عمان ورفع اسمها عالياً.
وتضيف: قد دعا جلالة السلطان قابوس – رحمه الله – المرأة للمشاركة الفاعلة في التنمية الوطنية فلبت نداء جلالته، ومع نشر التعليم حرصت على التعلم ونزلت مجالات العمل المختلفة، حتى أصبح منها الوزيرات والسفيرات ورائدات الخدمة المجتمعية. وجمعيات المرأة العمانية تقوم بدور هائل في كافة ولايات السلطنة. وكل هذا نابع من الإرادة السياسية التي صاغت القانون العماني الذي نص على حقوق المرأة كحق التملك والانتخاب، والرعاية والضمان الاجتماعي والتعليم. والمرأة العمانية بدورها أثبتت جدارتها. وما زالت تتلقى الدعم من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله الذي أكد على اهتمامه الكامل بمشاركة المرأة في جميع مجالات التنمية وتوفير فرص العمل والتدريب لها دعماً لدورها ومكانتها في المجتمع.
ماذا نحتاج لخلق جيل شغوف بالابتكار والتطوي، وكيف نعزز مثل هذه القيم في روح الشباب؟ تجيبنا آلاء عن هذا بقولها: الابتكار والتطوير هو ما يمكن أن ينهض بعمان في السنوات القادمة لتستمر في أداء دورها الريادي . والحاجة إلى الابتكار والتطوير ظهرت بوضوح في أزمة كورونا حيث ظهر أثر العلم وأهمية البحث والابتكار. وأرى أننا يجب أن نغرس في نفوس الشباب منذ الصغر حب العلم الذي دعا إليه ديننا الحنيف. ويجب أن نقدم لهم البرامج الدراسية التي تجعلهم ينفتحون على آفاق العلم والتكنولوجيا. وهناك برامج بالفعل تتبناها الدولة لنشر التكنولوجيا بين الشباب وترغيبهم في تعلمها وأرى أن الإعلام يجب أن يهتم بالتعريف بها ودعوة الشباب إليها ليكتسبوا عادات الاستكشاف وتجربة كل جديد وإعلاء قيمة البحث العلمي في نفوسهم.
أمي سيدة عظيمة
وتشيد آلاء بوالدتها سيدة الأعمال المعروفة، السيدة روان، فيما يخص قدرتها على الموازنة ما بين أمور العمل والأسرة حيث تقول: العمل لم يأخذ أمي منا، فقد حرصت على أن توازن بين عملها وطموحها وبين احتياجاتنا. فلم نشعر يوماً أنها بعيدة عنا. وهي حقاً سيدة عظيمة استطاعت التفوق في حياتها العملية كما ربت بناتها وتابعت كل شئون أسرتها. لقد شاركتنا أمي اهتماماتنا ونمت فينا حب الخير وطلب العلم والحرص على أن يكون لنا دور في المجتمع . وهذه فرصة لأحييها وأدعو لها . كون أمي كانت تعلمنا الحرص على النجاح والاهتمام بكافة التفاصيل.
وفي حديثها عن ماذا ينقص المرأة العمانية حتى تضطلع بدورها وتسهم في دور إيجابي أكبر في محيطها؟ تقول آلاء: المرأة العمانية تضطلع بدورها بالفعل ولها إسهامات كبيرة في محيطها . جمعية المرأة العمانية تعمل بجد لمساعدة المجتمع العماني في كافة أرجاء السلطنة . والبنات يقبلن على التعليم بجد ، وربما يفيدنا الاحتكاك بالعالم الخارجي بشكل أكبر وإظهار النماذج الرائدة التي تؤثر في المجتمع بشكل كبير حتى يكون ذلك حافزاً على مواصلة المرأة العمانية للسعي إلى مكانة متميزة لها أو لوطنها.
إبتسام بنت عبدالعزيز بن محمد الصالحي حرم سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين
تعرفنا إبتسام بنت عبدالعزيز بن محمد الصالحي حرم سعادة عبد الله بن سعود العنزي، سفير خادم الحرمين الشريفين المعتمد، الفاضلة إبتسام بنت عبدالعزيز بن محمد الصالحي عن نفسها أنها امرأة سعودية تحرص على الاهتمام بأمورها وأمور أسرتها، محافظة على تقاليدها وعاداتها، ومواكبة لكل ما هو جديد وحول اهتماماتها و على الصعيد العملي والشخصي ترى أنها معنية أولا مثل أغلب الأمهات العربيات بالاهتمام بشؤون أسرتها ومنزلها فهي كـ امرأة عربية ترى بل وتؤمن أن نجاح الأسرة نجاح للجميع – وهذا ما يطابق صحیح الشرع والدين والعادات والتقاليد ولكن في نفس الوقت فهي تحرص على التوازن ما بين ذلك وما بين حياتها الشخصية وحريصة على الاهتمام بالقراءة و ممارسة الرياضة والإطلاع على التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي التي أصبح الجميع ليس بمعزل عنها لنكون بجانب أولادنا وبناتنا.
المرأة العمانية مثال للمرأة العربية
وتؤكد لنا حرم سعادة السفير بأن المرأة العمانية كانت وما زالت وعلى مر السنون لها دور حيوي ومهم في التنمية الشاملة في بلده ، فهي شريك أساسي في بناء وطنها،حيث أنه ومنذ فجر النهضة المباركة التي أرساها المغفور له بإذن الله تعالى المغفور له بإذن الله تعالى السلطان الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه- وطوال تلك الفترة وجدنا أن المرأة العمانية تقف بجانب شقيقها الرجل يدا بيد في البذل والعطاء والتضحية، ولم يقتصر دورها كما يظن البعض على البيت والاهتمام بالأسرة فحسب، بل كانت العمانية سباقة ورائدة في المشاركة في كافة القطاعات والأعمال، ولذا وجدنا المرأة العمانية ومنذ فترة مبكرة تعمل في كل المجالات، وليس مشاركة فحسب ، بل بكل قوة وتمكن ونجاح واقتدار ولذا كانت المرأة العمانية وبحق مضرب مثال للمرأة العربية وشريكة النجاح مع شقيقها الرجل. كما أنه ومن حسن الطالع أيضا أن المرأة العمانية نالت السبق في أعلى المناصب وهنا يمكن أن نستذكر تعيين أول وزيرة في السلطنة وكانت الشيخة عائشة بنت خلفان السيابية، رئيسة الهيئة العامة للصناعات الحرفية بدرجة وزيرة لتصبح أول امرأة تعين بدرجة وزير في تاريخ السلطنة وأيضا الدكتورة راوية بنت سعود البوسعيدية، وزيرة التعليم العالي السابقة ، والدكتورة شريفة اليحيائية، وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة، والدكتورة راجحة بنت عبد الأمير بن علي، وزيرة السياحة سابقا “رحمة الله عليها”..وحاليا ما زال هناك العديد من الوزيرات ومنهن: معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية، وزيرة التربية والتعليم، ومعالي الدكتورة رحمة المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ومعالي الدكتورة ليلى بنت أحمد بن عوض النجار، وزيرة التنمية الاجتماعية وكم هن على قدر وجودهن في هذه الوزارات الخدمية الحيوية والهامة جدا، وأنهن حققن طفرات في هذه القطاعات، وبالطبع ما كان هذا ليتحقق لهن لولا دعم جلالة السلطان شخصيا من إتاحة الفرصة لهن لتولى مثل هذه المناصب العليا والرفيعة في الدولة .
دعم السيدة الجليلة للمرأة
ولكن هل السياسات والقوانين لدى السلطنة أنصفت المرأة؟ تجيبنا حرم سعادة السفير: آن كل هذه النجاحات التي حققتها المرأة العمانية ما كان لها أن تتحقق لولا الدعم الذي اولته القيادة في عهد المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه- الذي منح المرأة كل الدعم والفرص و أمر بأن يتاح لها كل ما يمكنها من الوصول لأعلى المناصب كما جاء المرسوم الذي أصدره -رحمة الله عليه بتخصيص يوم 17 أكتوبر من كل عام ليكون يوما للمرأة العمانية ،
وفي هذه المرحلة وبقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- نجد أن المرأة العمانية قد نالت جل الاهتمام على كافة المستويات فبجانب رعاية ودعم واهتمام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- بها، نجد دعم ورعاية السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان – حفظها الله ورعاها – بالمرأة العمانية والذي جاء منذ البداية حيث قامت السيدة الجليلة العام الماضي بتكريم 50 امرأة عمانية في شتى المجالات والقطاعات.. وها هي السيدة الجليلة قد وجهت تهنئة خاصة بمناسبة يوم المرأة العمانية – الذي يصادف الى ۱۷ من أكتوبر من كل عام واستمرارا لدعم المرأة العمانية وتزامنا مع يومها جاء إطلاق قافلة عهد الخير إلى الولايات المتضررة من إعصار شاهين، والتي تسعى إلى توفير كافة المستلزمات الضرورية كدليل جلي على السعي الدؤوب من السيدة الجليلة – حفظها الله ورعاها- للمساهمة في إعادة الحياة بشكل طبيعي للأسر المتضررة.
المرأة العمانية والسلك الدبلوماسي
وتكمل حرم سعادة السفير حديثها: لا أعتقد أن المرأة العمانية ينقصها شيء بل هي رائدة ورمز للعطاء وقيادية لها دور فاعل في رؤية عمان 2040 لمكانتها والمستوى الذي وصلت إليه في كافة القطاعات والمجالات.
أضف إلى ذلك بأن المرأة العمانية بطبيعتها دبلوماسية وقد صقلت شخصيتها بالعلم والمعرفة فهي قارئة ومطلعة ومثقفة ومواكبة لكل ما هو جديد وما تبوئها لمنصب سفير ما هو إلا انعكاس لهذه الشخصية حيث تم تعيين خديجة بنت حسن اللواتي كأول سفيرة للسلطنة لدى مملكة هولندا في العام ۱۹۹۹م، والسفيرة العمانية المعتمدة لدى الولايات المتحدة الأمريكية حنينة بنت سلطان المغيرية، التي صدر مرسوم سلطاني بتعيينها في العام ۲۰۰۰ لتصبح أول عمانية سفيرة الدولة عربية في العاصمة الأمريكية واشنطن، وايضا سعادة ليوثا بنت سلطان المغيرية، المندوبة الدائمة لسلطنة عمان لدى الأمم المتحدة، وغيرهن من العمانيات في اماكن ومناصب دبلوماسية مختلفة.
Categories: Home Slider, حوار