إعداد : رضية الهاشمية
تواصل المرأة العمانية إنجازاتها وعطاءاتها في مختلف المجالات، وتشارك في كل ما يخدم الوطن و يمنحها شعوراً بالمسؤولية فضلاً عن تحقيق طموحاتها الشخصية، شاقة بذلك طريقاً للنجاح ترسمه بخطى ثابتة.
أسهمت المرأة طوال الأعوام الخمسين الماضية بكل إخلاص وثقة في المشاركة في إعلاء صروح البناء والتقدم، ووضعت بصمة لها على كل صعيد سلكت سُبله.
تحظى المرأة اليوم وفي ظل القيادة الحكيمة لمولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظه الله – بحرص واهتمام كبير من لدن جلالته، وما هو إلا تأكيدُ على دورها الفاعل والمهم في المشاركة في عملية التنمية والمساهمة في بناء عمان المستقبل.
وخير قدوة لبنات عمان اليوم، هي السيدة الجليلة عهد بنت عبدالله حرم جلالته، والتي برزت في الساحة العمانية في العديد من المواقف التي يلمسها القاصي والداني، دليلاً حرص جلالته على مشاركة المرأة في القضايا الاجتماعية والمجتمعية وغيرها.
في السطور التالية، نبرز لكم 18 شخصية عمانية كانت وما زالت لهن إنجازات حافلة و أدواراً بناءة وما هن إلا نماذج مختارة لنساء عمان المجادات، احتفالاً من مجلة المرأة بعامها الـ 18 والذي تحتفل فيه بكن ومعكن .
السيدة روان بنت أحمد
نشأت السيدة روان في أسرة تقليدية محافظة حظيت فيها بالرعاية والعناية والتوجيه في بلوغ الأهداف والاعتماد على النفس وتحقيق الذات، و تربت منذ نعومة أظافرها على قيم الجدية و المثابرة و الإنجاز . وقد أنعكست هذه القيم – بفضل الله – في جميع أعمالها الحالية والسابقة مما يشعرها دائما بالرضى. بدايتها العملية كانت في الصندوق الاحتياطي العام للدولة الذي أصبح الآن جهاز الاستثمار العماني. و قد حرصت عن وعي خلال سنوات التدرج الوظيفي على تنمية مهاراتها الإدارية و والقيادية مما كان له الأثر الإيجابي في حياتها العملية و تطور مسارها الوظيفي وصولاً إلى منصب نائب رئيس الصندوق لشؤون الاستثمار إلى أن انتقلت للعمل في القطاع الخاص حيث شغلت منصب الرئيس التنفيذي لشركة اونك القابضة. تشغل السيدة روان حالياً منصب الرئيس التنفيذي في شركة تكافل عُمان للتأمين ش.م.ع.ع . والرئيس التنفيذي كما هو معلوم تتمحور مهامه حول التوجيه و الإشراف إضافة إلى الدور المحوري الذي يقوم به في الربط بين الإستراتيجيات التي يقرها مجلس الإدارة و بين الخطط التي تنفذها إدارة الشركة وفق الإستراتيجيات المقررة . بمعنى أخر، للرئيس التنفيذي مهمتان؛ تتعلق الأولى بهيكل الحوكمة و الربط بين الإدارة التنفيذية و مجلس الإدارة، بينما تتعلق الثانية بأداء الأعمال اليومية للشركة و حل ما يعترضها من مشكلات وما يواجهها من تحديات.
في سؤالنا عن كيف تنظرون إلى واقع المرأة العمانية في السلطنة؟ وهل حظيت بما تستحقه من اهتمام ورعاية تجيبنا السيدة روان:
واقع المرأة العمانية بخير ومطمئن بل ومبشر أيضاً كما أراه. فهي حظيت باهتمام خاص في مسيرة التنمية حيث كانت البداية مع المغفور له بإذن الله صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه وذلك بإتاحة الفرصة كاملة لها في المشاركة جنباً إلى جنب مع الرجل وكُفِل لها من الناحية القانونية حقوقها و واجباتها. وتشير معطيات عهد السلطان هيثم بن طارق أعزه الله وأبقاه بمستقبل مبشر لصالح المرأة وتمكينها وتحقيق مكاسب أكبر.
أما عن إسهامات المرأة العمانية طوال الخمسين عاماً الماضية وفي مجال دعم التنمية تقول: نعم، مضت خمسون عاماً على إنطلاق مسيرة التنمية في عمان و ستزداد المسيرة بحول الله وتوفيقه زخماً و نجاحاً في تحقيق الأفضل لعمان حاضراً ومستقبلاً . ولا شك أن المرأة العمانية كانت رافداً هاماً من روافد التنمية خلال الأعوام الماضية سواء كانت في مواقع العمل والإنتاج أو كأم مربية للأجيال . أما إسهاماتها فهي حاضرة وبارزة في كافة ميادين العمل و تُعَد عنصر فاعل في مواقع الإنتاج و مشاركاتها لا تنكر في منجزات التنمية . ولن تخطئ العين مشاركة المرأة العمانية وأهمية دورها في الصحة والتعليم والسلك الدبلوماسي والمجالات العسكرية والأمنية والقطاع الخاص وكافة مناشط الحياة . ولها بصمات مشرفة في الإختراعات ، و إبداعات مميزة في الثقافة والأدب والفنون والرياضة.
وتتابع السيدة روان حديثها حول الرضى عن ما حققته المرأة العمانية على مختلف الأصعدة أم أنها كانت من الممكن أن تحقق أفضل مما حققت حيث تقول : لم تدخر المرأة العمانية وسعاً في العطاء، و عطاءها مستمر ومنقطع النظير في مختلف الميادين . و يمكنني القول بكل ثقة أنها عبرت عن نفسها وأثبتت جدارتها و أظهرت قدرات تنافسية حققت بها نجاحات نالت الرضا و استحقت الثناء. و أؤمن بأن لديها من الإمكانات والطاقات لأداءٍ أفضلٍ في قادم الأيام ، هذا من جانب . ومن جانب أخر ، فأن المرأة العمانية تعتبر سبّاقة من ناحية المبادرة والمشاركة والإنجاز قياساً مع نظيرتها في بلدان المنطقة الأخرى و حتى مع البلدان التي لها باع طويل في تمكين المرأة ومشاركتها في الحياة العامة .
أما عن التحديات التي تواجه المرأة وما الذي تحتاجه لتمكينها تقول: التحدي الذي تواجهه المرأة العمانية في نظري، هو تحدي في الأصل كامِن في الثقافة المحلية لمجتمعنا ولا يتعلق كلياً بالجانب الرسمي الذي هو داعم للمرأة في مجمل سياساته وتشريعاته بما يضمن تكافؤ الفرص مع الرجل وليس أدلُّ على ذلك من تبوئها مناصب وزارية وحكومية رفيعة، ولكن التحدي الثقافي الذي أعنيه هنا هو عدم ثقة المجتمع في إعطاء المرأة الدور الذي يتناسب و قدرتها لخدمة المجتمع وتمثيل أنسَاقِه الثقافية وأُطِره المجتمعية. ويظهر ذلك جلياً على سبيل المثال عند ممارسة الاستحقاق الانتخابي لمجلس الشورى الذي تأتي نتائجه عادة مخيبة لآمال المرأة وتطلعاتها في المشاركة البرلمانية. وهذا يعود أولاً؛ إلى تدّرُج التجربة الانتخابية وتطورها، وثانياً؛ إلى قيم الثقافة المحلية وتحديداً الممارسات من قبل النُخَب والمكونات المجتمعية وفق الهامش المتاح للاستحقاق الانتخابي وهو أمر فرضه واقع المجتمع وتعاطيه مع التجربة وأنا أتفهم ذلك من الناحية المرحلية. و حتى لا أُفْهَم خطأ من البعض، أود أن أوضح بأنني لست ضد ثقافة المجتمع وقيمه ولا أحب أن أكون طرفاً في الخصومة فيما يثار من جدل حول ذلك . وفي الوقت نفسه، ليس من طبعي استعجال الأمور وحرق المراحل . فأنا أدرك أن التغيير في الأنساق الثقافية و الأطر المجتمعية يحتاج إلى وقت ويسبقه التغيير في طرق التفكير وأسلوب الحياة لأنه تطور طبيعي في بُنى المجتمع وتحولاته، ولا بأس في ذلك التغيير كلما كان إلى الأفضل. وأنا من خلال هذا المنبر المرموق والمعبر عن المرأة و اهتماماتها، اعتبر حديثي معكم بمثابة دعوة إلى المعنيين من الرسميين والفاعلين في المجتمع للتعاون والتحرك الهادف لرفع مستوى الوعي الاجتماعي لما هو مأمول. لأن المسؤولية تقع على الجميع في إحداث الوعي حتى لا تحرم المرأة من تكافؤ الفرص في خدمة المجتمع وليس لدي شك أننا في عمان نسعى دوماً إلى الأفضل وبما أننا نعيش تطلعات مرحلة جديدة من التنمية المستدامة تنعم فيها عمان بمشيئة الله بالخير وتتألق أمجادها بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق أعزه الله . كما أننا جميعاً نستبشر خيراً باهتمامات السيدة الجليلة ورعايتها لشؤون المرأة والطفل.
وفي سؤالنا لها عن كيف يمكن أن تشارك المرأة العمانية في عمان المستقبل من خلال الرؤية الجديدة عمان 2040 تقول السيدة روان: حالياً، تستعد السلطنة لخوض غمار تغيير جذري سيطال البنى الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و قد جرى تأطير ذلك التغيير الشامل ضمن إطار محكم لإستراتيجية 2040 و السلطنة اليوم في سباق مع الزمن لإجراء التغييرات المأمولة بمشاركة جميع الفئات المجتمعية و بمختلف المواقع بهدف نقل السلطنة من موقعها الحالي إلى موقع جديد و متميز ، و بالتأكيد لن يكون دور المرأة دون الطموح بل أتوقع أن تكون فرصتها أكبر في تحقيق اهداف المرحلة التي سيتكاتف فيها العمانيون جميعاً رجالاً و نساءً ويكون لهم فضل الإنجاز و النجاح معاً .
النجاح في حياة المرأة
تؤمن السيدة روان أن طبيعة المرأة مجبولة على النجاح ولا تعترف بالفشل وهي مبرمجة بحكم تكوينها و طبيعتها الحيوية على العطاء، و لأنها فطرت على إعطاء الحياة و رعايتها و العناية بها، فهي قادرة على التعامل مع أي وضع أو ظرف مهما كان صعباً أو قاسياً ومؤلماً بنفس القدر من العناية لتحقيق النجاح ومن هنا يكتسب النجاح لدى المرأة أهميته وحيويته.
كلمة أخيرة بمناسبة الذكرى الـ18
ختاماً لا يسعني سوى أن أشكر مجلة المرأة على إتاحتها هذه الفرصة لي للتواصل مع المرأة العمانية وقراء هذا المنبر الراقي و المتميز و المتجدد قلباً و قالباً على الدوام، راجية لكم دوام التوفيق و النجاح
Categories: حوار