خاص: المرأة
لم تثنها جُل المسؤوليات الملقاة على عاتقها كـ رئيسة مجلس إدارة البنية التحتية والتكنولوجيا والحلول الصناعية والاستهلاكية ( ITICS ) في شركة محسن حيدر درويش ش.م.م، عن الاهتمام بعائلتها الصغيرة التي تصفها كوقود استمدت منه طاقتها للسير نحو طموحها ورغبتها الكبيرة في النجاح وإدارة الأعمال، شخصية قيادية فذة وضعت استراتيجية واضحة وصارمة للفصل بين الحياة العملية والأسرية، حتى لا تتوغل أي منها على الأخرى.
لجينة محسن درويش، والتي نشأت في أسرة انخرطت في الأعمال التجارية، فقد تربت بين أكناف عائلة لم تشغلهم التجارة عن الاهتمام بتربية أبنائها والعمل على تأهيلهم وصقل مهاراتهم، فقد كانوا المحفز الأقوى لهم في كل مراحل حياتهم .
هي زوجة وأم لثلاث فتيات، ترى أن الأسرة عنوان للاستقرار و الطموح وأن النجاح لا يتحقق بدون وجود الدعم والتحفيز من المحيط الأسري.
مجلة المرأة التقت بالمكرمة لجينة للحديث عن الأسرة وما الذي تعنيه لها؟ وكيف استطاعت الموازنة بين العمل والتزاماتها الكثيرة وبين الأسرة والبيت و الأبناء؟ وما هو روتينها اليومي؟ وحديث عن تجربتها في التعليم عن بعد وما هي نصائحها للأمهات الطامحات اللاتي يرغبن في تحقيق النجاح دون أن يؤثر ذلك على الأسرة؟ وغيرها الكثير من الأسئلة:
في البداية حدثينا كيف استطعتِ الموازنة بين العمل والتزاماتك الكثيرة والكبيرة وبين الأسرة والبيت والأبناء؟
في البدء و نحن على مشارف الاحتفال العالمي بعيد الأم ؛ يطيب لي ان أزجي اطيب التهاني و التبريكات للسيدة الجليلة عهد بنت عبد الله البوسعيدية حفظها الله وإلى كافة الأمهات في بلادي الحبيبة سلطنة عمان؛ سائلة المولى عز وجل أن يحفظهن جميعا من كل مكروه و بلاء؛متمنية لهن موفور الصحة و الرخاء و الازدهار؛ و تمتد التهاني لتشمل الامهات في كافة الأقطار العربية والإسلامية والعالم أجمع.
أما عن السؤال حول الموازنة بين الاعباء الوظيفية و مشاغل الاعمال التجارية و التوفيق بينها و بين الاهتمام ورعاية أفراد الاسرة هو سؤال يتردد كثيراً خاصة مع زيادة اعباء الحياة العملية و مشاغلها و تعقيدات الأعمال التجارية التي أطلع بها . لكن و الحمد لله أقول و بكل صدق بأنني قد وفقت في وضع استراتيجية واضحة وصارمة منذ البداية للفصل ما بين الحياة العملية و الحياة الاسرية؛ بحيث لا تتوغل أي منهما على الأخرى.
لذا فقد خصصت جزءاً كبيراً و مقدراً من وقتي للاهتمام بأسرتي الصغيرة والكبيرة معا؛ فرعاية الأبناء والزوج هي بالتأكيد محل اهتمام و أفرد لها حيزاً و مساحة كبيرة من وقتي ولا يؤثر ذلك على مهامي و اعبائي الوظيفية في قيادة وإدارة الأعمال التجارية؛ إذ أن سر النجاح يكمن في الموازنة بين الأسرة و الأعمال التجارية بتنظيم الوقت و التخطيط السليم
ماذا تعني لك الأسرة والأبناء كسيدة أعمال مرموقة، ناجحة ومعروفة؟
الأسرة تعني لي الإستقرار و الطموح و سر النجاح؛ فالبيئة الأسرية المستقرة هي محفز أساسي للنجاح في الحياة العملية سواء على مستوى العمل الوظيفي أو الأعمال التجارية؛ فالنشأة كانت في أسرة تعمل بالتجارة فوالدي عليهما رحمة الله تعالى قد أسسا مجموعة تجارية تعد من المجموعات التجارية الرائدة في سلطنة عمان و منطقة الخليج ولم تشغلهم الأعمال التجارية في الاهتمام بنا و بتعليمنا وتأهيلنا و صقل مهاراتنا في كافة الجوانب؛ وقد كانت الأسرة محفز قوي علينا في النجاح الأكاديمي و حياتنا العملية؛ و عند انخراطي للعمل في المجموعة تلقيت كامل الدعم من الأسرة مما ساعدني في تقلد زمام الأعمال التجارية بنجاح و قيادة دفة المجموعة التجارية وتطويرها؛ و أجد كل الدعم و التحفيز من أسرتي الصغيرة لتحقيق كافة الطموحات التي أصبو إليها.
في رأيك هل يمكن أن تشكل الأسرة نواة للنجاح والتطور والازدهار للفرد أم يمكن أن تشكل في بعض الاحيان سداً أمام النجاح؟
الأسرة على الدوام هي سبب رئيسي في النجاح وتحقيق الطموحات و هي السند و الدافع الأساسي للبذل و العطاء، فالمحيط الأسري المستقر و المتوازن بالضرورة، يوفر بيئة إيجابية و محفزة للتطور و النجاح.
كيف يمكن للمرء أن يوائم بين طموحه ورغبته في النجاح وتحقيق الذات وبين أسرة تحتاج إلى اهتمام متواصل و وقت أكبر؟
لا تعارض البته، ولا توجد تقاطعات بين تحقيق الطموحات و الرغبة في النجاح وتحقيق الذات وبين الاعتناء والاهتمام باأاسرة؛ فكلاهما صنوان واحد؛ اذ لا قيمة لتحقيق الذات و النجاح في غياب الأسرة والاهتمام بها؛ فالنجاح لا يتجزأ و يتوجب الموازنة الحكيمة دوماً لتحقيق النجاح وتحقيق الذات على الصعيد الشخصي والأسري بنفس القدر من خلال النجاح في بناء أسرة مستقرة و تحظى بالاهتمام.
هل أخذك العمل والتزاماتك من أسرتك الصغيرة؟
على الإطلاق، لم ينسني العمل و الاهتمام بالاعمال التجارية أو يشغلني عن الاهتمام بأسرتي و التي تحظى مني باهتمام و أولوية دوما؛ دون أن يكون هذا الاهتمام خصماً على متابعتي للأعمال التجارية أو المجتمعية الأخرى؛ و كما ذكرت آنفا في أنني على الدوام انظم وقتي و أديره بطريقة لا يطغى فيها العمل على اهتماماتي الاسرية أو المجتمعية الأخرى؛ و خلاصة الأمر الموازنة الحكيمة و إدارة الوقت بطريقة صحيحة هي سر النجاح في الاهتمام و الاعتناء بالأسرة و في ذات الوقت الإطلاع بالأعمال التجارية
هل من مواقف يمكن الحديث عنها حول إلغاء اجتماعات أو مواعيد مهمة من أجل الأسرة؟
بالطبع أحيانا تكون هنالك ظروف أسرية اضطرارية أو استثنائية قد تجبرني على إلغاء بعض الارتباطات التجارية من اجتماعات أو مؤتمرات أو حتى زيارات مهمة؛ فمثل هذه الظروف الاستثنائية فإن الأسرة دوما تكون مقدمة على ارتباطات الأعمال التجارية؛ و لكن في الدوام تكون هنالك حلول بديلة بتكليف آخرين بحضور تلك الاجتماعات نيابة عني أو تأجيل تلك الارتباطات.
هل تواجهين اسئلة صريحة من الأسرة من أمثال تاخرتي، فقدناك … وأشعرتك بالحزن وبعض التقصير؟
بالطبع في بعض الأحيان قد اضطر إلى التأخر في العمل إما بسبب اجتماعات لساعات طويلة أو لظروف تتطلب مني ذلك؛ و متى ما تأخرت ابدأ في تلقي الإتصالات في الاطمئنان على و السؤال حول مواعيد عودتي للمنزل؛ و بالطبع فأن الأسرة تتفهم طبيعة عملي و لطالما اتلقى المساندة و الدعم منهم في هذا الأمر.
حديثنا عن روتينك العام من أجل العناية بصحتك وذاتك؟
ممارسة الرياضة تشكل جزءاً من الروتين اليومي بالنسبة لي بل وللأسرة بأكملها؛ فالعقل السليم في الجسم السليم؛ لذا نحرص دوما على ممارسة الرياضة في الصباح الباكر مما يعطينا طاقة ايجابية لمتابعة اليوم بذهن صافي و طاقة فاعلة؛ وفي المساء أحرص دوماً على القراءة و الإطلاع فغذاء الجسد الرياضة و غذاء العقل الاطلاع و القراءة.
حدثينا عن تجربتك مع تعليم الابناء عن بعد في ظل أزمة كورونا والتي دفعت العديد من المدارس والجامعات إلى اللجوء إلى التعليم عبر المنصات أو التعليم المدمج؟
من المؤكد بأن جائحة كورونا كوفيد 19، والتي نسالأ الله أن يحفظ الجميع ويسلمهم منها، قد فرضت واقعا جديداً في كافة مناحي الحياة سواءاً الاقتصادية أو الاجتماعية، و حتى على مستوى التعليم؛ فقد تغيرت الكثير من أساليب مزاولة الأعمال التجارية و كذلك على التعليم باعتماد التعليم عن بُعد أو التعليم المدمج و الذي يتضمن شقي الحضور العام والتعلم عن بُعد، ومن المؤكد أن هذه التجربة الجديدة على التعليم العام قد فرضت على الأسر ضرورة المتابعة الدقيقة لابنائهم من خلال الجلوس مع الأبناء أمام شاشات الحاسوب خاصة للطلبة في الصفوف الصغرى؛ مما شكل عبئا اضافيا على الأسر؛ و لكن الجانب الايجابي فيها بأن الأسر أضحت أكثر إلتصاقاً بالأبناء ومتابعة دراستهم بصورة دقيقة؛ على العموم فان هذه التجربة لها الكثير من الايجابيات؛ أما السلبيات فمثل ما اسلفت الحديث عنها فأنها تتمثل في التعاطي معها من قبل المعلميين و الطلبة و أسرهم؛ بحكم أنها تجربة جديدة فكل أطرافها العملية والتعليمية من المعلم للمتلقي قدواجه صعوبة في بداية التجربة في التعامل مع الاجهزة الإلكترونية و طريقة و أسلوب التدريس عبرها و أيضا التركيز من قبل الطلبة معالحصص و تعاطيعهم مع الدروس أما المسجلة او التي تقدم مباشرة؛ و لكن على العموم بدأت تستقر التجربة و تم تلافي معظم الصعوبات ويقيني بأنها سوف تترسخ و تصبح نمطا بديلاً للتعليم التقليدي مستقبلاً.
ما هي أبرز الحلول التي يجب العمل على توفيرها لجعل عملية التعليم عن بعد أكثر كفاءة وجودة؟
برسوخ التجربة خلال الفترة الأولى من جائحة كورونا؛ يقيني أن التعليم عن بعد سيضحى بديلاً عن التعليم التقليدي؛ و مع التطور الذي شهدته السلطنة في هذا المجال و المجهود العظيم في تأسيس المنصات التعليمية بصورة مميزة و تأهيل و تدريب المعلمين على استخدامها و بتوفير كافة وسائل و أجهزة التكنولوجيا المساعدة و المساندة لها؛ بالتالي فإنها ستصبح بديلاً أوسع انتشاراً جغرافيا و أكثر كفاءة و أرخص تكلفة مما قد يقود إلى تبني سياسة ونهج التعليم عن بعد كمنهج و سياسة بديلة؛ وفي تقديري فإننا بحاجة إلى استمرار التجربة حتى بعد انتهاء الجائحة بإذن الله وذلك لتوسيع قاعدة التعليم العام الجغرافية و انتشارها و للتقليل من تكلفة التعليم.
ما هي نصيحتك للأمهات الطامحات اللاتي يرغبن في تحقيق النجاح دون أن يؤثر ذلك على الأسرة؟
نصيحتي للأمهات هو إدارة وتنظيم وقتهن بحكمة بحيث لا يطغى الاهتمام بتحقيق النجاح سواء على الصعيد الوظيفي أو الأعمال أوحتى الطموح الأكاديمي على الاهتمام بالأسرة و مراعاة شؤونها؛ فلا نجاح أو طموح في ظل إهمال الأسرة ؛ ولا الاهتمام بالأسرة يعد عائقاً أمام تحقيق الطموح و الذات؛ فالأمرين يمكن أن يتحققا معا بإدارة الوقت، فالأسرة والاهتمام بها محفز للنجاح؛ و النجاح و تحقيق الذات بالضرورة ينبع من الاهتمام بالأسرة ؛ فإدارة وتنظيم الوقت هو سر النجاح في الموازنة بين الأسرة و تحقيق الذات.
Categories: حوار