كورونا مصطلح يطلق على مجموعة من الفايروسات التي تسبب أعراضا مشابهة للزكام والالتهاب التنفسي، وفي نهايات 2019 سجلت الصين عددا من حالات فيروس كورونا مسببا إعتلالا حادا في الجهاز التنفسي ثم بدء بعدها الفايروس في الإنتشار في مختلف دول العالم بسرعة لا مثيل لها وبأعداد مهولة حتى قامت منظمة الصحة العالمية في مارس 2020ميلادية فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) كجائحة على مستوى العالم بدأت على إثرها دول العالم بإتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية للحد من سرعة الإنتشار.
رغم حداثة الفيروس وسرعة إنتشارة ومانتج عنه من آثار لم تطل الجانب الصحي فحسب بل وإجتازت حتى شملت الجانب الإقتصادي والجانب الإجتماعي على حد سواء، يعكف العلماء والمختصين في شتى أصقاع الأرض على دراسة وتفنيد ماهية الفيروس وكيفية تفادية والحد من إنتشاره وصولاً للرغبة في التوصل إلى لقاح يساعد على الشفاء وأجمعت أغلب الأبحاث أن الأعراض الشائعة لفيروس كورونا (كوفيد-19) تتضمن الحمى ، السعال ، التعب وصولا إلى آلام العضلات ، إلتهاب الحلق ، الصداع وألم في الصدر وقد توصلت بعض الدراسات لأعراض أخرى كثيرة ولكنها أقل شيوعا مما سلف ، كما وتتراوح شدة الأعراض من مريض لآخر بين خفيفة جدا إلى حادة تتطلب تنويم المصاب في جناح العناية الحرجة والحاجة لمساعدات التنفس الاصطناعي بمختلف درجاتها وأنواعها.
تقوم اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن إنتشار فيروس كورونا بدور فعال في الحد من إنتشار المرض وتثقيف المواطن والمقيم على حد سواء إلا أن الأعداد في إزدياد متواصل ليس على الصعيد المحلي فحسب بل وعلى الصعيد العالمي كذلك، حيث أشارت الإحصائيات إلى تخطي عدد الإصابات 99 مليونا على مستوى العالم كما وصل عدد الوفيات إلى 2 مليون و مائتين ألف والأرقام في إزدياد يومي، كما أشارت الإحصائيات على المستوى المحلي في السلطنة إصابة 132 ألفا من المواطنين والمقيمين وتخطى عدد الوفيات أكثر من 1500 وفاة.
إن الإحساس بصعوبة الواقع وفظاعة الموقف أسفا لايكون إلا من خلال الإصابة بالفيروس والإحساس بصعوبة الأعراض أو من خلال كونك أحد أفراد الكادر الطبي المجاهد كالبنيان المرصوص بمختلف التخصصات، عاملين بلا كلل ولا ملل كطاقم سفينة في وسط بحر يحاول جاهدا تخطي جائحة كورونا (كوفيد-19) والوصول بها إلى شاطيء الأمان،يحاول لمس الآباء والأمهات المصابين والتخفيف من روعهم ويناضل لطمأنة الشباب منهم مبتهلين أن تمر تلك الأيام بسلام ويعود كل مصاب منهم إلى أهله وبيته وملاذه، ليس من السهل أن تسمع أنات المصابين أو شهقاتهم وهم يجاهدون كالمخنوق للحصول على نفس آخر يمكنهم من العيش للحظة القادمة، لست هنا بصدد أن أكبر الجهود الجبارة التي يقوم بها الكادر الطبي فهي لن تحصى أبدا ، وكما قيل أن لكل حرب جنودها وهم جنود هذه الحرب وهم أجدر وأقدر بمعية الله على أن يثبتو جدارتهم وأهليتهم وقدراتهم ، ولكن يجب على الشارع أن يعي ويجب أن تصل الرسالة بشكل أو بآخر أنهم يناضلون ويكافحون وأن الأيام لاتمر عليهم سراعا وأن الساعات لاتنقضي بسهولة وأن التنفس من خلال الأطقم المصممه والكمامات المتراكمة فوق بعضها ليس هينا أيضا وليس سهلا أبدا إذ أنهم يكابدون أيضا شهيقا وزفيرا من أجل كل مصاب ،وكما أن لهم آباء وأمهات أطفالا وأزواج يخافون عليهم ويأملون أن لايصيبهم أذى وأن لايطالهم مكروه.
كما أسلفت في مقالي هذا أن الكادر الطبي يعمل معا صفا واحدا لمجابهة الوباء والأخذ بأيدي المرضى والمصابين على حد سواء ليس لأحدهم فضلا على الآخر ف كل واحد منهم له تضحيه ويقدم نفسه فداء لكي يخدم المريض في مجاله وتخصصه، في مقالي هذا سأتحدث عن فئة معينة من جنود هذه المعركة الأشاوس ، يقفون مع إخوانهم وأخواتهم ممرضين وأطباء وفنيين ومضمدين ألا وهم (أخصائيو العلاج الطبيعي) ، لقد أثبتو واجبهم ووطنيتهم على حد سواء فكان لهم السبق في التواجد بين الصفوف وكان لهم الأثر في رسم الإبتسامة على المرضى ولهم بعد الله الفضل في إستعادة المريض لنمط حياته والعودة إلى المجتمع كفرد منتج معطاء مكملا بذلك اللحمة الوطنية والرسالة الساميه التي يقدمها هذا الشعب الأبي.
وتبدأ رحلة أخصائي العلاج الطبيعي مع مريض كورونا من أول يوم يدخل فيه المريض إلى المستشفى ويبدأ بطمئنته والوقوف إلى جانبه وتعليمه طرق التنفس السليم والوضعيات التي تساعد الرئتين على العمل بشكل أفضل لكي يضمن إستقرار الحالة وكفائة الجهاز التنفسي في القيام بمهامه في الجسم ومن ثم يشرع في بعض التمارين البسيطة التي تساعد على نشاط الجسم والحركة الدموية على حد سواء، كذلك تفادي الإصابة بمضاعفات أخرى ناتجة من النوم لمدة طويلة على السرير منها على سبيل الذكر (ضمور العضلات، تصلب المفاصل، التقرحات السريرية).
وفي بعض الحالات يتفاقم الوضع الصحي للمريض مما يستدعي الإستعانة بأجهزة التنفس الإصطناعي للقيام بمهام الرئتين وضمان كفاية الجسم من الأوكسجين اللازم ، في هذه الحاله يتم تخدير المريض حتى يتفاعل إيجابيا مع جهاز التنفس وتبدأ الرئتين في التحسن، ولكن بالرغم أن جهاز التنفس الاصطناعي أثبت جدارته وفاعليته في تحسن الكثير من الحالات المصابة بكورونا (كوفيد-19) إلا أن هنالك أعراض جانبية ناتجة عن إستخدام الجهاز وكذلك بسبب تخدير المريض لأيام تمتد في بعض الحالات لتصل شهرا أو أكثر ومن هذه الأعراض (ضمور حاد وضعف في العضلات، تصلب في المفاصل، تجلط الأوردة العميقة، تقرحات السرير، إلتهاب رئوي، فقدان الإتزان، إعتلال المقدرة على المشي) من هنا يأتي الدور الحيوي لأخصائي العلاج الطبيعي في تفادي الإصابة ببعض ما سبق من أعراض وكذلك تقويم وتخطي ما ينتج منها. أثناء فترة تنويم المريض وإستخدام جهاز التنفس الإصطناعي غالبا ما يحدث إلتهاب رئوي يسبب تراكم السائل المخاطي مما يعيق عملية التبادل الأوكسجيني في الرئتين، لذا يقوم أخصائيو العلاج الطبيعي بإستخدام التقنيات اليدوية وتغيير وضعيات المريض من ثم إستخراج تلك السوائل عن طريق أجهزة الشفط مما يؤدي إلى تحسن كفاءة الرئتين.
كما يقوم الأخصائيون أيضا بتحريك أطراف المريض لتفادي تصلب المفاصل وضمان دورة دموية سلسه وتفادي الإصابة بتجلط الأوردة العميقة، وبالتعاون مع طاقم التمريض يتم تغيير وضعية المريض من وقت لآخر لتفادي الإصابة بالتقرحات السريرية.
ويقوم الأطباء في العناية الحرجة لمرضى كورونا (كوفيد -19) بمتابعة حالة المرضى بشكل دوري ومستمر ويتم تخفيض نسبة الإعتماد على الجهاز التنفسي تدريجيا من المريض وكذلك نسبة التخدير بناء على التحسن الملحوظ في كفاءة الرئتين ونسب الأوكسجين الطبيعية المنقولة عبر الدم من خلال فحص نسبة الغازات في الدم، بعدها يتم نزع جهاز التنفس الإصطناعي وإيقاف الأدوية المخدرة للمريض، تشير العديد من الدراسات إلى أن المريض المنوم في العناية الحرجة يفقد ما مقدارة 3% يوميا من كتلة العضله لذلك بعد تخطي المريض لفترة التخدير والتنفس الإصطناعي يعاني غالبية المرضى من ضمور وضعف في العضلات يتراوح بين البسيط والحاد بناء على المدة الزمنية التي قضاها المريض في وحدة العناية الحرجة وهذه النسبة كفيلة في أغلب الأحيان إلى إعتلال الإتزان والحركة لدى المريض لذا فإن دور أخصائيو العلاج الطبيعي يتضاعف في هذه المرحلة ويبدء الأخصائيون في تمارين تقوية العضلات وتمارين الإتزان في كلا من وضعيات الجلوس والوقوف وبعد تخطي هذه المرحلة تأتي مرحلة التدريب على إستعادة القدرة على المشي بالتدريج وتختلف المدة التي يحتاجها كل مريض عن آخر حسب القوة البدنية للمريض والسن وكذلك التاريخ المرضي السابق لكل مريض.
أخيرا وليس آخرا ، عندما يكون المريض قادرا على ضمان جودة تنفس بدون إستخدام الأجهزة المساعدة ويستعيد مقدرته على آداء الوظائف الحيوية اليوميه البسيطه كالإتزان والمشي بدون الإعتماد على مساعدة خارجية يقوم غالبا الطبيب المشرف على الحالة بترخيص المريض للمنزل ، لايقف دور أخصائي العلاج الطبيعي عند هذا الحد فحسب بل يحتاج المريض غالبا إلى تمارين مكثفة متواصله تكون عن طريق الوصفة المنزلية للتمارين التي يصيغها الأخصائي للمريض قبل مغادرته المستشفى أو من خلال المواعيد المستمرة من خلال منافذ العيادات الخارجية للتأهيل الطبي في مختلف محافظات السلطنة.
Categories: صحة