عفاف الإسماعيلية، قصة إصرار و أمل ، تروي أن الإرادة هي مفتاح للنجاح وتحقيق الحلم، رائدة أعمال شابة لم توقفها إعاقتها السمعية عن إيجاد بصمة لها في عالم التصميم والخياطة. بدأت رحلة “عفاف” الحقيقية بعد أربع سنوات قضتها في مدرسة الأمل للصم والبكم، في عالمٍ كانت “الاشارة” فيه سيدة الموقف.. لتذهب مع والدها إلى المملكة المتحدة للعلاج.
كانت نتيجة العلاج ايجابية ومبشرة، بعد أن أكد الطبيب أن “عفاف” يمكنها أن تسمع وتستطيع التحدث أيضاً ليرسم بذلك خطاً جديداً لحياتها وبصيص أمل غمرها وعائلتها بالسعادة.
عادت عفاف من بريطانيا بروحٍ أخرى، كشخصٍ آخر.. فبعد أن لفّ السكون عالمها وغمر الصمت أيامها، صار بإمكانها أن تسمع وأن تتمتم بالكلمات.
الخطوات الأولى
لم تعد عفاف الى مدرسة الأمل كما كانت، بل في هذه المرة أصر والدها أن تلتحق بالمدارس العامة، العالم الذي كان غريباً جداً عليها، فبعد أن اعتادت عالم “الاشارة” والصمت، دخلت فجأة الى عالم يضج بالأصوات المختلفة، أصواتُ الضحك، البكاء، الصراخ والهمسات وكل ما يثير الجلبة ويدعو للاندهاش، للطفلة التي كانت تحتضن الصمت منذ بداية أعوامها.
لم يتركها الأهل ولا الاصدقاء لحظة واحدة، فقد أحيطت عفاف بمن قدم لها الدعم الكامل لتتلقى تعليمها بشكل طبيعي وتدرس وتجتهد وتنمي مهاراتها وتشق طريقها في الحياة تغمرها الآمال لمستقبلٍ باهر.
لطالما رافقها حلم قيادة الطائرة كواحد من الأمور المحببة التي دارت في خلدها، ولكن حين انتهت من المدرسة وبدأ مشوار الجامعة الحقيقي، قررت عفاف دراسة الفنون نظراً لحبها واتقانها للعمل بيديها.
الطريق نحو المستقبل
في بريطانيا، البلدة ذاتها التي شهدت علاجها، خاضت عفاف غمار الدراسة الجامعية للحصول على الشهادة وتعود إلى وطنها وتبذل جهدها في إعماره وبناء ذاتها.
وحين عادت، حاولت أن تقدم في أماكن مختلفة، لتتدرب وتتعلم وتبدأ وظيفتها، ولكنها دائما ما كانت تقابل بالرفض حاولت عفاف بشتى الطرق أن تجد لنفسها مقعداً في إحدى المؤسسات، ولكن لم يمنحها أحد هذا الحق البسيط الذي تستحقه.
فكان لابد لها من خوض تجربة أخرى دون البقاء مكتوفة الأيدي بانتظار عطف أحدهم، فابتدأت عفاف بتدريب نفسها على الخياطة والحياكة وتصميم الأزياء مستفيدة من المهارات والأمور التي تعلمتها في دراستها، وبدى الإعجاب يرتسم على وجوه العائلة لنتاجها وسرعة تمرسّها.
الدخول إلى عالم التصميم
قررت عفاف بعد أن نالت قطعها إعجاب من حولها، أن تبدأ جدياً بتصميم الأزياء التقليدية العمانية للعائلة، وبدت قطعها متقنة وجميلة! فأخذت تتوسع وتبدأ بتصميم الأزياء للنساء والتي تحوي لمسات تقليدية وأيضاً لمسات حديثة راقية وكان لهذا صداه وزبائنه مما جعلها تخطو خطى كبيرة نحو مشروعها الخاص وتفتتح محلها الأول والذي يحمل اسم “عفاف كوتور”.
تحديات
واجهت عفاف الكثير من التحديات كانت تكمن أغلبها في مرحلة تنفيذ المشروع والإجراءات في المؤسسات الحكومية، حيث كانت تواجه مشكلة صعوبة فهمها (تقصد صعوبتها النطقية) وتوصيل المعلومة للاشخاص عندما تواجههم إذا كانت دائما تضطر يرافقها شخص من أفراد عائلتها إلى الأماكن التي ترغب في إنهاء معاملات بها، ولكن مع مرور الأيام أصبح الصعب سهلا؛ لتفهم الموظفين ومعرفتهم بها وتسهيل مهمتها.
” عفاف كوتور”
لا تزال عفاف تشرف بنفسها على خياطة القطع التي يحويها محلها، فقد عملت طويلاً لوحدها وأتقنت كل التفاصيل الصغيرة في الحياكة، وهي في الفترة الصباحية تختار وتنتقي وتشتري الاقمشة والخامات والخرزات وتشرف على حياكتها وبعد ذلك تتفرغ في الفترة المسائية للمحل وزواره ومتطلباتهم وقد اتسعت رقعة تصاميمها لتشمل ألبسة الفتيات الصغار، العباءات النسائية، الجلابيات وكذلك الألبسة العمانية التقليدية.
تطلعات
تطمح عفاف إلى أن تساند من يعانون الإعاقة وذلك عبر تعليمهم وفتح معهد خاص بالإضافة لطموحها إلى العالمية، والتوسع القادم بدراسة المنطقة المحيطة لفتح أفرع لمشروعها على مستوى الخليج مؤكدة أنها سوف تستطيح تحقيق ذلك بالمساندة والإرادة.
Categories: مناسبات وفعاليات