زُهرة ..
المرأة التي ألهمت الجميع
زُهرة العوفية، المرأة التي كان لوقع قصتها الصدى الكبير، ألهمت الكثيرين من محبي العمل الإنساني والتطوعي، وأصبحت بما تقوم به من أعمال مثالا يحتذى، وقدوة تضرب بها الامثال. لم تكن زُهرة بما تقوم به من أعمال، كتدريس كبار السن، وقراءة القرآن الكريم وحفظه، وتعاليم الدين الحنيف، وتهيئة الاطفال لمرحلة ما قبل المدرسة، في مناطق جبلية بعيدة و وعرة، وبامكانيات بسيطة، تسعى إلى الحصول على الشهرة والأضواء، بل كانت تؤمن بأن على المجتمع دور ورسالة يجب أن يؤديها بصدق، ليتم تكريمها بجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي، وبالمركز الأول ضمن أفضل المشاريع التطوعية على مستوى الوطن العربي. لترسم ببساطتها وعفويتها صورة جميلة ورائعة للمرأة العمانية التي مثلها كشجرة طيبة تؤتي أكلها كل حين بأذن ربها .. (المرأة) تلقتي زهرة للتتعرف على قصتها عن قرب.
زهرة العوافية في سطور
زهرة بنت سالم بن سنور العوفية، في 50 من عمرها، لديها من الأبناء 7 ، 4 ذكور و3 أناث وكلهم من المتميزين دراسياً بفضل الله، كرست زهرة العوفية وقتها وجهدها لتعليم الأطفال و الكبار قراءة القرآن الكريم وتعليم القراءة والكتابة، أقامت مشروعها التطوعي في منزلها الكائن بولاية الحمراء أولاً، ثم بادرت بنشر العلم وقراءة القرآن بالمناطق الجبلية والمناطق الوعرة بنيابة الجبل الأخضر، حيث أخذت على عاتقها مسؤولية نشر هذا العلم وكرست وقتها وجهدها للقيام به، أشاد الكثير بجهدها الكبير، على الرغم من تقدمها في السن إلا أنها امرأة نبض بالنشاط، والحيوية، وجدت أن العمل الخيري والتطوعي أمرُ يبعث في النفس الراحة والطمأنينة ولأنها كانت تقوم بهذا العمل لوجه الله، لم تكل يوماً أو تمل، بل واصلت واستمرت حتى تمكنت من افتتاح 22 مدرسة بمناطق الجبل الأخضر والحمراء وظفت في كل مدرسة معلمة من قرى الجبل الأخضر وهي تولت مهمة إعطائهن مكافئة مالية نظير جهدهن ولو مبلغاً بسيط من خلال قيامها بطهي الولائم والوجبات وبيعها على المدراس والراغبين في المناسبات وكان العائد المادي لتلك الطلبيات هي بمثابة الراتب للمعلمات بقرى الجبل الأخضر، في بادئ الأمر كانت تقوم بالعمل بمفردها حيث تستيقظ من قبل صلاة الفجر وتواصل بالطهي حتى التاسعة صباحا لحين قدوم الطلبة للدراسة، وهكذا استمرت إلى أن استطاعت الحصول على العون والمساعدة من قبل جاراتها التي بادرن بمساعدتها في هذا العمل، فازت زهرة العوفية بجائزة السلطان قابوس للأعمال التطوعية حيث حصدت فيه على المركز الأول ، وكانت تستحق هذا اللقب عن جدارة، وتوالى الفوز لها، فقد حصلت مؤخراً على المركز الأول عربيا في مجال التميز في أفضل المشاريع التطوعية في الوطن العربي من بين 20 مشروع مشارك، الوالدة زهرة تطمح أن تحصل على جائزة اليونيسكو في مجال الأعمال التطوعية وهذا الأمر ليس ببعيد فأمثالها يستحقون الكثير .
حدثينا عن فكرة مشروع ” محو أمية قريتي مسؤوليتي ” ، وكيف كانت البداية ؟
فكرة المشروع جاءت عندما طلبت مني مديرة مدرسة الأبرار الذهاب للعمل كمتطوعة في المدرسة بحيث أقوم بتعليم الطلاب عندما يكون لديهم حصص فارغة، وبدأت أذهب للمدرسة بشكل يومي وتعجبت من بعض الطلاب من حيث عدم المشاركة مثل زملائهم من سكان المدينة وسألتهم أين مقر سكنهم فقيل لي إنهم من قرى الجبل وكانوا لايشاركون في الصف ولايعرفون الصلاة ولا قراءة القرآن بشكل جيد وذهبت لمكتب المديرة وطلبت منها أن أذهب لزيارة قراهم وأستأجرت سائق من تلك المدرسة لأن الطريق فيه وعورة شديدة وعندما وصلت لتلك القرية وجدت الأمهات بإنتظاري وبدأت فورا اسألهن عن حفظهن للقرآن الكريم منهن من تحفظ بضع آيات ومنهن من تحفظ القليل من سورة الفاتحة ومنهن من لاتحفظ شئ وبدأت أذهب بشكل يومي لمدة سنتين كاملتين حتى أرهقني المشوار مسافة تبعد 25 كيلو عن بيتي وبعد ذلك فكرت أن أجمع البنات الآتي أنهين الثانوية العامة وطلبت منهن أن يقمن بتعليم أمهاتهن وأنا أصرف لهن مكافئة مالية وشراء الكتب ومستلزمات الدراسة وأن أحاول أن أكثف عملي في المنزل لكي أحصل على العائد المادي لتوفير كل المستلزمات مع المكافآة الشهرية للمعلمات وعندما رأيت النتائج ممتازة في تلك القرية إنتقلت إلى قرية أخرى وهكذا حتى أصبح عدد المدارس 12 مدرسة وبعد ذلك قمت بإفتتاح رياض أطفال لتعليم الأطفال من سن الخامسة وحتى دخولهم المدرسة روضة وتمهيدي لكي يتعود الأطفال في الجبل لجو المدرسة ويصبح لدينا مخرجات تعرف أساسيات القراءة والكتابة ويذهب عنهم الخجل من المعلمة ولله الحمد منذ سنتين ونحن في مشروع تعليم الأطفال وقمت بمتابعتهم في المدارس وكما عرفت من معلمات الصف الأول النتائج جيدة ومتوسطة عكس النتائج السابقة في التقارير الوصفية للطلاب، وأنا شهريا أذهب لمتابعتهم من المدارس وهنا عرفت أن المشروع أكثر من ممتاز لأنه حقق الأهداف المطلوبة قمت بإفتتاح 10 مدارس أخرى بعد فوزي بجائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي وأصبحت أدير 22 مدرسة وأنفق عليها من عائدات الطبخ حيث وظفت في مجال الطبخ 4 أفراد من جيراني وأهلي وهكذا أصبح العائد أفضل ولله الفضل.
ما هو الهدف أو الدافع الأول الذي دفعك للقيام بعمل هذا المشروع ؟
الهدف هو أنني لا أريد أن أرى جهلاً بالدين وأحب أن أرى جيلاً من هؤلاء الأطفال وقد أصبحوا في مناصب مثل مناصب أبنائي لأني أعتبر كل أبناء ولايتي هم أبنائي وحق علي مساعدتهم حتى ولو أصبحت أمشي على قدم واحدة سأعمل لأحقق هدفي وهو أن أراهم في حفلات التخرج في أرقى الجامعات بإذن الله تعالى.
فكرة الطبخ لماذا نشأت ومن يعينك عليها؟
السؤال الخامس فكرة الطبخ جاءت عندما أصبحت غير قادرة على توفير جوائز لطلابي في البيت فأنا منذ 10 أعوام وأنا أعلم القرآن الكريم في بيتي وكان عدد طلابي قبل 5 أعوام لايتجاوز العشرون طالب وطالبة ولكن ذاع صيتي بين الناس بأن أبنائم يحفظون بشكل سريع عند المعلمة زهرة العوفية وفي السنة الخامسة من مشروعي التعليمي زاد عدد الطلاب إلى حوالي 80 طالب وطالبة وأصبحت غير قادرة على توفير المبالغ لشراء جوائز للحفظة لأني كنت أقتطع من مصروف البيت وعندما زاد عدد الطلاب جاءت فكرة الطبخ وبدأت أطبخ لأحصل على المبالغ لتكريم الحفظة .
ما هي آلية الإبتكار في المشروع؟
آلية الإبتكار في مشروعي هي في آلية الحصول على المبالغ لأنني لم أعتمد في الحصول على المال من خلال حملات التبرعات وإرسال الرسائل عبر مواقع التواصل الإجتماعي كما يفعل أغلب المتطوعين فأنا ولله الحمد ليس معروف عني بجمع المال من الجمهور بطريقة أو بأخرى كل مافعلته هو إرسال رسالة في مواقع التواصل الإجتماعي مفادها إني أقوم بإعداد مأكولات كذا وكذا لصالح مدارس القرآن الكريم في مناطق كذا وكذا هذا ما أرسلته والكل يعرف في ولاية الحمراء.
حدثينا عن طريقة أو أسلوب التعليم الذي تتبعينه ؟
أسلوبي هو أسلوب أم وليس معلمة أعاملهم بأني أنا محتاجة لهم لأخذ الأجر منهم وهم أيضا أحبوا المعلمة زهرة العوفية اليوم عدد من طلابي في الجامعات والكليات ومازاوا يتواصلون معي، فطريقتي هي بالتلقين كل يوم أنا أقرأ وهم يرددون خلفي حتى يحفظوا كل ما نقرأ من سور وهذه الطريقة متبعة سابقاً من قبل معلمي القرآن وهذه الطريقة تعلمهم النطق الصحيح للآيات وتجعلهم يستخدمون 4 من حواسهم حاسة البصر بالنظر في القرآن وحاسة السمع بالإستماع لما تقرأه المعلمة وحاسة اللمس بحيث يضع كل طالب إصبعه على الآية التي تتلى وحاسة اللسان من خلال نطق الأحرف ومعرفة مخارج الحروف.
متى أفتتحتي أول مدرسة ؟
أول مدرسة كانت في البيت منذ 10 أعوام وأما بالنسبة لأول مدرسة في الجبل كانت عام 2013 في شهر 2 من عام 2013
هل واجهتي أي صعوبات خلال رحلتك مع مشروع محو الأمية ؟
نعم واجهت عراقيل وتهديدات وغيرها ونقص في المبالغ بعد أن أصبح عدد النساء الآتي يمارسن مهنة الطبخ في تزايد وفي تلك السنة إستدنت مبلغ لكي أوفر المستلزمات ولكن فكرت أن أرسل رسالة مفادها بأني أطبخ كذا وكذا والعائد لصالح مدارس القرآن الكريم ومنذ ذلك اليوم لم أواجه أي مشكلة مادية قط .
ما هو المحرك الذي يدفعك دائما للمواصلة ؟
المحرك الذي يدفعني هو عندما أرى الأطفال يتسابقون ليطلعوني على ما تعلموه عندما أذهب لمتابعة المدارس في القرى الجبلية، فأنا أذهب شهريا للإشراف والمتابعة، و أتمنى أن يمد الله تعالى في عمري وأراهم في الجامعات والكليات.
أكثر اللحظات السعيدة خلال عملك ؟
السعادة عندما أرى الأمهات وقد تقدمن في الحفظ والأطفال وهم يتراكضون لأفتح حقائبهم لكي أرى ماذا كتبوا وماذا حفظوا .
كيف استطعتي الموازنة بين عملك بين مسؤوليتك كأم ؟
الحمد لله استطعت الموازنة من خلال التحكم بالوقت فأنا أقوم لعملي قبل أذان الفجر وأنتهي في الساعة التاسعة صباحا وأذهب للإشراف مدة 3 ساعات ثم أرجع قبل الظهر وأقوم بالإعداد لطلبات العشاء وهكذا مستمرة وأجلس مع بناتي ونناقش بعض الأمور لكي لا أفرط في مسؤوليات البيت.
رسالتك للنساء في عمان ؟
رسالتي لكل النساء : بإمكانك أيتها الأم أن تصبحي أم لأبنائك وأم لفكرة فالأفكار لاتحتاج لشهادات عالية ولا تحتاج لمبالغ طائلة وإنما تحتاج لعزيمة ونية صادقة فقط.
Categories: Home Slider, المجتمع, حوار