تكتبها: علياء الجردانية
بعد ثمانية أشهر من الألم والمعاناة ومجابهة مرض السرطان، تأمل مروة التميمية أن تصنع التفاؤل في نفوس مرضى السرطان، بعدما مرت بتجربة مقاومة المرض الذي أنهك جسمها الضعيف فأبت إلا أن تكون بطلة تحارب وتكافح من أجل أهلها وحياتها وطموحها، فلم تدع هذا المرض يسيطر على نفسها وعقلها وفكرها.
تبتسم مروة رغم ما واجهته من آلالام ومعاناة أثناء اكتشافها لمرضها حيث تقول:”علمت بالمرض في شهر رمضان بعدما شعرت بألم في ظهري اتجهت إلى إحدى المستشفيات ودائما ما كان يقال لي بأنه هذا مجرد أعصاب لا أكثر، وتم إعطائي مسكن للألم، ولكن استمر الألم معي إلى أن ذهبت مرة أخرى لإحدى المستشفيات في السلطنة بعدما لم أستطع النوم من شدة الألم، وقيل لي نفس مقولة المستشفى الأول وهي عبارة (مجرد أعصاب)، وتم إعطائي مرة أخرى أدوية، وفي ذات اليوم بدأت أشعر بإنتفاخ في بطني حيث كان يعيقني عن الحركة، لدرجة أنني عندما أفطر في رمضان بتمر وماء أشعر بالإكتفاء ولا أستطيع تناول أي شيء آخر”.
وتكمل:”وبعدها بأسبوع اتجهت لمراجعة المستشفى ذاته، وعندما رأت الطبيبة بطني أسرعت بعمل فحص وأشعة وأبلغتني بأنها أكياس، وعندما سألتها عن السبب أجابت بأنها مجرد أكياس! ولابد من تحويلي لمستشفى آخر”.
وتستذكر مروة عندما رأت تعابير وجهة أختها-الممرضة- عندما تغيرت بعدما رأت الأشعة، وكأنها أيقنت ما بها من مرض، وتتحدث:” أجريت عدة فحوصات من طبيب إلى آخر وتم التأكد من المرض بأن لديّ أورام بأحجام كبيرة من الدرجة الرابعة وهي من أخطر الدرجات”.
انهارت عائلتها بعدما علمت بالأمر وحرصت على عدم مصارحة مروة بالمرض، تقول:”لم يخبروني أهلي بذلك كل ما أعرفه هو أنها مجرد أكياس، بدأت أقرأ عن الأكياس بنفسي ورأيت أخبار مريحة لا تستدعي الخوف الذي ظهر على عائلتي، وبينما كانت الممرضات يقمن بعمل الفحوصات لي سمعتهن يتحدثن -كوني معلمة لغة إنجليزية- بما في معناه “انظري إليها كم هي مرتاحة ومبتسمة، حينها بدأت أفهم أنها ليست مجرد أكياس!”.
وتضيف:” تم نقلي لمستشفى آخر، أمي وأختي طلبن من الدكتور التحدث معي، وكنت أرى أختي وأمي يبكين، حينها أيقنت ما عندي، بعدما جاء الدكتور للتحدث معي، كنت مدركة الموضوع وفهمت بأن الوضع ليس بالسهل، حتى لو كانت أكياس فتعتبر شيء ليس بسهل، بعدها تحدث معي الدكتور قال لي أنت تعلمين بما عندك من مرض، فأجبت بنعم، فقال لي لابد من عمل عملية اضطرارية في أقرب فرصة ممكنة، لأنه وصل إلى مرحلة خطيرة وبدأ بالإنتشار فلابد أن نعمل لك عملية لإزالة الورم، وكانت تعابير وجهه متغيرة، أجبته افعل ما تراه يناسب مصلحتي وأنا جاهزة”.
تفاجئات مروة بأنها ستسافر في اليوم نفسه بعدما حجز أهلها تذاكر سفر لإحدى الدول الآسيوية للتأكد ما عندها من مرض ليطمئن قلبهم، وفي هذا تقول:”تفاجئت بأن أهلي قد حجزوا لي للعلاج في احدى الدول الأسيوية ولم أكن أعلم بالموضوع، وبعدها قال لنا الدكتور بأن الانتفاخ في بطني سيسبب لي الإرهاق والتعب أثناء السفر، حيث أن لدي سوائل ولابد من إزالتها”.
تصف لنا مروة بقولها:”أقبل الدكتور وفي يده إبرة كبيرة تم ادخالها في بطني وماكينة سحب، والماء الذي خرج منه يصل قرابة لترين-سبحان الله- وغير ذلك كان لونه أصفر، ورغم هذا يقول الدكتور لازالت هناك سوائل أخرى موجودة، فلم تنقص السوائل بعد، فكان شيء ليس بطبيعي”.
سافرت مروة في اليوم ذاته علّها ستجد حلا غير الذي قيل لها، وترافقها دموع أهلها الخائفين عليها، وقبل ذلك تسرد لنا شعور أهلها بقولها:”رأيت جميع أهلي في منزلنا والجميع منهار، أما أنا فلزمت الصمت، ومن المضحك كنت أوصي أخي بشراء أغراض لعاملة منزلنا حيث أنني وعدتها بذلك، فكنت أنا في وادٍ وأهلي في وادٍ آخر، فرأيت التعجب والاستغراب من قبل أهلي، فأجابني أخي أن لا تفكري في هذه الأشياء”.
بعدما وصلت إلى المستشفى قالت:” عملت فحوصات وكنت بطبيعتي وكان شعوري عادي جدا، بينما عائلتي كانت منهارة جدا، حيث أن الأمر ليس بالسهل، خاصة أنه من الدرجة الرابعة، والمتعارف لدينا هو ربط مرض السرطان بالموت!”.
وتكمل حديثها:”بعدما تم التأكد من المرض كنت عادية جدا وإلتزمت الصمت، ربما لأنه كان في رمضان وصيام والله تعالى يخفف عن عباده، شعور لا أدري كيف أعبر عنه، أهم ما في الأمر أن يكون الإنسان قويا في مرحلة الصدمة، حتى يستطيع أن يقاوم المرض، وكنت مقتنعة به، فماذا عساني سأفعل إذا كُتب لي المرض!”.
كانت عائلتها متفائلة بعدما قدم إليهم الطبيب، علّها ستلقى خبرا مفرحا، لكن حدث ما لم يحمد، وتعلّق مروة قائلة:” صدمنا الطبيب بشكل لا يمكن تخيله، حيث عرض لنا شاشة الأشعة في الكمبيوتر، وكان في فكرنا بأن المرض في منطقة واحدة فقط، ولكن تفاجئنا بعدما عرض لنا في الشاشة، واتضح لنا أن المرض في مناطق عدة وهي نعتقد في الظهر المكان الذي كنت أشعر فيه بالألم- وجد به ورم، وفي الرئتين والغدد اللمفاوية، واكتشف أن حجمه 12 سم –
وكنت استغرب بوجود ورم بهذا الحجم رغم أن جسمي ضعيف، وكان كل هذا في أيام وليس !”. أشهر حتى الطبيب لم يكن يستوعب الأمر أن خلال أيام قد كبر الورم إلى 12 سم
“بعدماأنهينا الأشعة رأيت أهلي يبكون، وأختي كانت كلما يؤشر الطبيب على وجود الورم تردد (يا الله) وهي منهارة، أما أنا فتحملت وكنت صامتة، وكنت أقول في داخلي هذا ما قدره الله قدره الله لي ولابد أن أقاوم، فإذا كُتب لي بأنني سأتعالج فإنني سأتعالج وإذا لا فأنا مؤمنة، ماذا عسى أن يفعل الإنسان حيال ذلك!”. هكذا أكملت حديثها بكل قناعة.
وتعود بها الذاكرة:”عندما كنت أدرس في الخارج كنت مستقلة وأول ما أشعر بأنني مريضة كنت أكابر وأقول لا يوجد بي شيء، ويمكن هذا ما ساعدني لأن بطبيعتي أكابر المرض، حتى لو كان بي صداع، ورغم إلحاح أمي لشرب الحبوب لكني لم أفعل، فحتى أمي كانت دائما ما تقول لي أنتِ عنيدة ولا تحبي الذهاب للمستشفى، فكنت أعاند المرض دائما، ويمكن هذا الشيء الذي ساعدني أكثر”.
لم تنام عائلة مروة في ذاك اليوم الذي سيجرى فيه عملية لمروة والتي امتدت لست ساعات، تتحدث:”دخلت إلى غرفة العملية وكانت عائلتي معي، وكنت حينها أبتسم فكانت الطبيبة متعجبة من أمري والدكتورة كانت متعجبة، وسألتها هل الإبرة تؤلم أجابت بلا،وفي الوقت ذاته نمت، وأثناء العملية تم اكتشاف ورم آخر بحجم 6 سم في القولون، وفي نفس الوقت طلبوا من طبيب القولون ليقص منه الورم وكانوا متوقعين أن القولون هو السبب الأساسي، وبعدها صحيت من العملية كنت في العناية وقتها وتحت التخدير، فبعدما صحيت قلت لأختي أريد ماي، وكما هو متعارف بأن في وقت العملية ممنوع، ورشت لي في فمي قطرات الماء”.
وعن ذلك تقول:”عندما أجريت العملية كنت أقول لو كان الإنسان مقتنع بأنه سيقاوم ويقدر يعالج فإنه بذلك سيقتنع ويقاوم فعلا، فعن تجربة أن النفسية هي أكثر من نصف العلاج”.
وتكمل حديثها:”بعدها بأيام تيسرت أمور كثيرة سبحان الله في العملية، فقد مكثت أسابيع ولم أستطع المشي، وأول 5 أيام كنت أشرب السوائل فقط عن طريق السقاية، وتم عمل تمارين لي”.
في الطابق رقم ١١ كانت غرفة مروة الخاصة، حيث كانت نصفها زجاج لتنفس عن المريض كربته، بعدما يشاهد قطرات المطر تتساقط، ودائما ما يحضرون لها وردة في كل يوم، كما ذكرت مروة.
تقول:”مكثت شهرا كاملا بعد انتهائي من العملية وتناولي للجرعة الأولى، حيث كان لابد التأكد من عدم وجود أي آثار أو جروح وأستطيع أمشي، فكنت أتناول أغذية خالية من الدهون والبهارات، وأكثر من المأكولات البحرية بحرية لأنها الخلايا السرطانية”.
بعد كل تلك المرحلة بدأت رحلة العلاج الفعلية لمروة وهي أخذ الجرعة الأولى، وعنها تقول:” قبل أن أأخذ الجرعة الأولى من الكيماوي قالي لي الطبيب هل أنتِ جاهزة؟ أجبته بنعم وأنا قادرة على مقاومة المرض،”.
ابتسم الطبيب وقال لها بأن هذه الجرعة من أقوى جرعات الكيماوي في العالم،ومئة في المئة قوية جدا، لكن إصرار مروة لم يدعها تنكسر أو تستسلم.
“أخذت أول جرعة كيماوي وكنت دائما ما أسمع الرقية الشريعة وقراءة سورة البقرة يوميا بنية الشفاء، فتمتد الجرعة لثلاثة أيام وتكون الفترة بين كل الجرعات هي اسبوعين، حيث تمتد فترة علاج المريض لمدة ٦ أشهر، أما أنا فاستغرقت ٨ أشهر بسبب قلة مناعتي”.
وأثناء أخذها للجرعة كانت ترافقها دعوات أهلها وأبناء وطنها في المساجد وجيرانها ودائما ما كانت تقام جلسات دعاء لمروة خصوصا في شهر رمضان.
تكمل قولها:” كنت متخيلة بأنني سأقاوم علاج قاسي ونارا في جسمي، فعندما رأيت أول جرعة للكيماوي اتضح لي بأنها عادية جدا لونها شفاف مثل باقي(السقايات) وكان الطبيب يزودني بإبر ضد الغثيان وضد الأعراض التي من الممكن أن تخلفها جرعة الكيماوي”.
في الوقت ذاته كانت تجاور مروة امرأة كويتية مصاحبة لابنتها المريضة بنفس مرض مروة ونفس الأعراض تماما، وكانت حينها أخت مروة تتحدث معها، وسردت قصة ابنتها وأحبطتها بالكثير من الكلام وما سيحدث لمروة لاحقا، أسرعت أخت مروة لتخبرها عن قصة الفتاة التي بجانبها فأجابت مروة قائلة:” فتيات (دلوعات) ولا يتحملن شيء، رغم أنني كنت في بداية الجرعة، فلم أشعر بشيء حينها، كنت أفكر أن بعد دخول الكيماوي سأشعر بالألم، لأنني كنت أقرأ سورة البقرة والرقية الشرعية”.
في بداية الجرعة الأولى لم تشعر مروة بأية أعراض، وهذا ما جعل أمها وأختها يفرحن وكأن في اعتقادهن أنها ستتحسن بذلك، إلا أن الطبيب قد أكد لهن لو أن الأعراض لم تظهر فهي بذلك لم تتحسن وجسمها لن يقاوم، وأخبرها بأن الأعراض ستظهر في اليوم السابع.
وفعلا ظهرت الأعراض في مروة توصف لنا قائلة:” فقدت الشهية تماما، ناهيك عن وجود جروح في فمي والحنجرة واللسان، كذلك تقرحات ونزيف في فمي، أيضا إمساك وإسهال بشكل غير طبيعي، فبمجرد أمسك أي شيء يجرحني والكثير من الأعراض التي تصل أحيانا إلي فقد البصر والسمع لساعات”.
“فقدت القدرة على النوم لمدة ٥ أيام، طلبت من الطبيب أن يعطيني منوم، وفعل ذلك إلا أنني كنت أنهض بدون وعي وأمشي، كذلك كنت أفرز من فمي وكنت أعاني نفسيا، لدرجة عند مرضت بالزكام انشقن شفتاي بالنصف، وأيضا أتتني لحظات فقدت فيها التركيز والذاكرة”.
” لا شيء أصعب عند الفتاة من فقدها لشعرها حتى وإن كانت قوية” قالتها مروة.
تضيف:” طلبت من أختي أن تأتي بالمقص وتخبر احدى الممرضات بقصه، وعندما شاهدت شعري وهو يتساقط، بكيت وكنت منهارة جدا، فلا شيء أصعب من أن تفقد الفتاة شعرها خصوصا إن كان طويل، فكنت أبكي وأردد(الله يعوضني خير)، فذكر الله كان يريحني نفسيا”.
بعد الجرعة الأولى رغم كل التعب أخبرها الطبيب بأن نتيجة الجرعة الأولى كانت ممتازة جدا، فأجابته:” هذا بفضل الله ثم بفضلكم وفضل القرآن، فالقرآن شفاء للناس”.
كانت تقوي نفسها حتى لا ترى أهلها في حالة بكاء وانهيار وكانت تستنكر وجود أي ألم فيها عندما تسألها أمها، تقول:” كلما أشاهد أهلي يبكون كنت أتعب، فالأهل لهم دور كبير، ولكنني كنت مقتنعة وواثقة بأن الله على كل شيء قدير، وأنني قادرة على مقاومة المرض”.
عندما يسألها الطبيب عن الجرعة تجيبه:”كنت أتوقع أكثر من ذلك”، فقد كانت في أشد تعبها إلا أن الطبيب كان يبتسم عندما يأتي إليها ليبشرها بأن الكيماوي قد أدى واجبه واستجاب للمقاومة.
“طالت فترة الجرعة الأولى إلى الثانية بعدما كان من المفترض أن تكون بعد اسبوعين، لكنني تعبت جدا نظرا لجسمي الهزيل، وعدم استطاعتي لتناول الطعام بسبب فقدي للشهية والشعور بالجروح أثناء تناول الطعام، فكان يقال لي كلما تناولتي الطعام المخصص لك كلما قاومتي المرض أكثر وتقل الأعراض”.
لم تفقد مروة الأمل بربها فقد كانت دائما ما تردد آية (وبشر الصابرين) وكانت تثق بأن الله سيأجرها على كل وغزة إبرة، فليس من السهل أبدا أن يتلقى المريض الإبر يوميا، ناهيك عن وجوده في المستشفى مما يسبب له تعب نفسي وجسدي.
رغم ما مرت فيه مروة من أعراض متعبة بعد الجرعة الأولى إلا أنها رفضت أن تستسلم ولم ترضى أن يكسرها المرض، تقول:” أخذت الجرعة الثانية وقد قلت الأعراض عن السابق، وأصبحت لدي خبرة أنه كلما أكلت بشكل جيد كلما سأقاوم المرض وستقل الأعراض بإذن الله”.
“النفسية لها دور في علاج المريض، فكنت أتشجع لأخذ العلاج من أجل أهلي وطموحي في الحياة، وأقول لابد أن أكون قوية ليكون أهلي أقوياء، وكنت مؤمنة بأن الله قادر، كنت أحافظ على تناول الأغذية التي تقاوم المرض منها فاكهة المستعفل والشمندر والفواكة الحمراء والسوداء، وكنت عندما أتناول أي شيء أردد(اللهم اجعله شفاءا لي) ودائما ما أتناول الأغذية المذكورة في القرآن منها العسل وحبة البركة وشرب ماء زمزم، وكنت أكثر من الاستغفار لدرجة أنني لا أشعر بالإبرة، فالمرض يقوي صلة الإنسان بربه”.
في عز ألمها ومرضها لم تنسى مروة ممارسة هوايتها وحبها للتصوير، فكانت كلما شعرت بالفراغ تمسك بكاميرتها وتبدأ بالتصوير، كذلك كانت تشارك في مسابقات دولية، فالعزيمة والإصرار تجعلها تقاوم مرضها وتتناساه أثناء ممارستها لهوايتها، كل ذلك من أجل كسر المرض.
تقول التميمية:”لم أترك هوايتي قط، فقد كانت الدافع الأساسي لعلاجي وأنصح كل مريض أن يمارس هوايته لأنها ستغير من نفسيته، فكنت أقرأ في وقت فراغي وأكتب يومياتي
لم تكن مروة تشعر بالوحدة في غربتها فعائلتها كانت تتناوب لزيارتها، حتى أن احدى أخواتها زارتها هي وأبنائها في العيد ومكثت معها أسبوع كامل.
واصلت مروة في نشر منشوراتها عبر الفيس بوك حيث كانت تتفاعل مع متابعينها وهي فترة علاجها مما أدى إلى تعجب المتابعين لها بسبب تفاؤولها مما استدعى التواصل معها تقول:” تواصل معي الكثيرين عن طريق الفيس بوك لمساعدتهم في بث روح التفاؤول في أنفس المرضى فكنت أتحدث معهم لأشجعهم للعلاج، ولله الحمد بأنني أستطيع أن أفيد بتجربتي”.
“كنت مقتنعة من أنني سأتعالج سأتعالج، فكنت أقول للطبيب بأنني سأكمل العلاج رغم انه قال لي بأنك تعافيتي من الجرعة الرابعة، وأكملت باقي الجرعات، وكان الكثير من الناس يقولون لي بأن شفائك يعتبر معجزة”.
كانت مؤمنة بأن أساس علاجها هي سورة البقرة بعد النفسية، لأنها كانت تقرأها يوميا بنية الشفاء.
في آخر جرعات العلاج بدأت مروة تخرج من المستشفى بعد ٦ أشهر من العلاج وكانت تخرج في أوقات لا تكون السماء ماطرة، لأن المطر ينقل البكتيريا ويسبب أمراض لمرضى السرطان نظرا لضعف مناعتهم.
تتحدث قائلة:” قبل الجرعة الاخيرة شعرت بصداع في رأسي وأخبرت الطبيب بذلك واكتشف أن لدي تجلط في الشرايين، فمريض السرطان اذا شعر بأي ألم كان، لابد أن يسرع في اخبار الطبيب بذلك، فقام بإعطائي ابر مسيلة للدم وإلى الآن أأخذها”.
حان الآن معرفة نتيجة اختبار لعلاج استغرق ٨ أشهر، شعرت مروة بتوتر لمعرفة نتيجته، ليس ليش وإنما شوقها وحنينها لوطنها هو ما جعلها تكون متوترة، وكانت قد طلبت من أخيها تحديد مكان للإسترخاء بعد طول ومعاناة العلاج.
عندما أقبلت مروة إلى الدكتور لمعرفة النتيجة، تقول:” كنت متوترة لمعرفة النتيجة فقال لي الطبيب: هل أنتِ جاهزة للعودة إلى موطنك؟ فقد انتهيتي من العلاج”. كان شعور لا يوصف أبدا فغمرت الفرحة في وجوه عائلتها وكانت والدتها تقول للطبيب هذا بفضل الله وبفضلكم.
من شدة فرح مروة طلبت من أخيها أن ينسى أمر المكان الذي أخبرته للإسترخاء فيه، وأن يحجز تذاكر للسفر والعودة إلى موطنها، فكانت تقول:” كنت أنتظر بلهفة للعودة إلى بلدي الحبيبة فقد كان أطول أسبوع يمر في حياتي، كنت أحسب الأيام وأشعر بأنها طويلة جدا، وكنت دائما ما اشتري ملابس جديدة لكي أرتديها للسفر”.
“عند عودتي لموظني كنت متشوقة جدا حتى أنني نسيت أمي وأخي-تقولها وهي تضحك- حتى أن العاملين في المطار كانوا يشاهدون الفرحة في وجهي لدرجة أنه احد الفتيات سألتني فأجبتها بأنني مكثت في السفر ٨ أشهر، وبعدها تحمدت على سلامتي، وبعدما أخذت شنطتي اتجهت للخارج فإذا بي أسمع صراخ ولوحات تحمل اسمي وباقات ورد، رأيت جميع فتيات عائلتنا وجميع صديقاتي من المعلمات ومديرة المدرسة وأبناء أخواني وأخواتي جميعهم لم يذهبوا للعمل وأتوا لاستقبالي، فكان موقف لا ينسى أبدا ولم أكن أستوعبه، رغم أنني عندما أخبرت زوجة أخي عن من سيستقبلنا في المطار أجابت بأن الجميع مشغول وأنه أخي سيأتي لأخذنا، فكانت مفاجئة رائعة جدا”.
لم يكتفي أهل مروة بتلك المفاجأة فعندما اتجهت للمنزل وجدت لوحات استقبال لها وفي المساء تزين الجميع وارتدى قميص يحمل عبارة(طهور مروة) مع هدايا ووجبات عشاء فكانت مفاجأة أخرى لها”.
وأرادت مروة من تجربتها مع المرض أن تنصح جميع المصابين بالمرض أن:” لابد أن يحافظ المريض على تناول أغذية صحية كالسمك والفواكه والابتعاد عن الزيوت والسكريات، كذلك النفسية مهمة جدا فكلما كانت نفسية المريض قوية كلما استطاع أن يقاوم المرض”.
تكمل:” لدينا مشكلة ربط مرض السرطان بالموت، فهذا المرض حاله كحال أي مرض آخر إلا أن الفرق يكمن في علاجه الصعب، حيث أن علاجه يحتاج إلى تحدي والقدرة على العلاج”.
وتضيف:” أنصح أي فتاة منكسرة أن تقتنع بالقضاء والقدر أولا، ثانيا لابذ أن تكون واثقة بقدرة الله، فعندما تحط كامل ثقتها بالله فإنه سيعطيها على قد نيتها، ولابد أن تقاوم وتتحدى وأنا لا أقول بأن المرض سهلا، لكن كل انسان قادر على أن يتحدى المرض ويقاومه بالتفاؤل وذكر الله والثقه فيه، وأن تداوم على قراءة سورة البقرة والإكثار من الإستغفار والرقية الشرعية، وإذا كان لديها هواية لابد أن تمارسها فالحياة لا تتوقف وأن لا تدع أي شيء يكسرها”.
بعد تلك الرحلة التي مرت بها مروة بين معاناة وأمل وإصرار وتحدي تطمح في أن تترك بصمتها من خلال قولها:” لدي خطة في المستقبل بعمل فريق تطوعي لأطفال مرضى السرطان، كذلك عمل أعمال تصويرية تحفيزية لمرضى السرطان، وأن أزور مرضى السرطان وأقوي من عزيمتهم لتحدي المرض والتغلب عليه”.
تختم:” الله يبعد هذا المرض عن جميع المسلمين ويشفي جميع المسلمين وأنا مازلت أعتبر مرضى السرطان أبطال ليسوا مجرد مرضى، لأنه ليس الجميع قادر على أن يقاوم المرض خصوصا وأن الفكرة السائدة لدينا هو ارتباط المرض بالموت، فكل إنسان قادر على أن يقاوم ويقتنع بقضاء وقدر الله، ويعلم بأن الله قادر على أن يشفيه، هم فعلا أبطال”.
مروة في سطور
مروة التميمية معلمة ومصورة فوتوغرافية، خريجة جمهورية مصر كلية التربية من جامعة 6 أكتوبر في عام 2009م، معلمة حلقة أولى في مدرسة (سيح الظبي) بولاية العامرات/محافظة مسقط، تحب الموسيقى والرسم والتصوير يأتي في المرتبة الأولى
Categories: عمانيات