تحقيق: علياء الجردانية
باتت مشكلة الإدمان تختبئ في أوساط الأسر بكل تكتم وسرية، خشية من تحمل عبء الوصمة الإجتماعية التي لا تحمل إلا العار والإجرام والعيب، مما أدى إلى ضياع شابات في مقتبل العمر يعاركن الأمواج لوحدهن حتى غرقن تماما في غياهب بحر الإدمان، ورغم انتشار الوعي حول خطورة الإدمان إلا أن المجتمع مازال يأبى أن يعترف بالإدمان ويفضل كتمانه وتجاهله، فإلى متى سنظل نتكتم على هذه القضية! وهل التكتم حلا لردم المشكلة أم أنها ستتفاقم أكثرما لم يتم تداركها منذ البداية! (المرأة) سلطت الضوء على هذه القضية فكانت كالآتي..
قصة متعافية
نورة، هي احدى المتعافيات من الإدمان تقول:”مشيت في درب الإدمان بعد أن اكتشفت وأنا بعمر ١٦ عاما أنني ابنة متبناة، فكانت صدمة كبيرة بالنسبة لي، وبسبب سخرية الآخرين مني بدأت أتعاطى الحشيش وأشرب الخمر، إلى أن وصلت عمر 21 سنة حيث بدأت أتعاطى مواداً أكثر خطورة وبشكل يومي، مما أثر على دراستي فانسحبت منها وتزوجت وأنا في عمر صغير، وللأسف زوجي كان يشجعني على تعاطي الهيروين، الأمر الذي أثر وللمرة الثانية على فرصتي في العمل، فبسبب تغيبي المستمر خسرت وظيفتي، وفي هذه الفترة وصلت إلى مرحلة متقدمة من الادمان حيث أشعر بالألم الشديد والرغبة بالاستفراغ والحمى وعدم القدرة على التحرك من السرير إن لم أتعاطى جرعتي اليومية، وبما أن زوجي لا يستطيع توفير هذه الجرعة تفاقم الخلاف وتم الانفصال».
وتكمل:”تعاطيت الهيروين لمدة 7 سنوات بجرعات تزداد يوماً بعد يوم، ومعها تزداد المشاكل في حياتي، ولأني خسرت وظيفتي كنت أسرق من أمي، وأعمل على تزوير توقيعها وفعلا سحبت مبالغ هائلة من حسابها، حتى أني كنت أبيع بعضا من الحشيش لأستطيع توفير ما يلزمني من المخدرات، ولكن كان مصيري السجن، في هذه المرحلة حاولت كثيرا أن أغير من طريقة حياتي فذهبت لأداء العمرة وسافرت للخارج بحثا عن عمل وللأسف بدون فائدة».
وتكمل:”تعبت كثيرا من السرقة والمذلة لكي أحصل على المخدر، وأدركت أنني خسرت كل شيء بسبب المخدر، خسرت عائلتي التي تبنتني وحاولت توفير حياة كريمة لي، حتى أن أمي لم تتركني بل استمرت بمساعدتني من خلال السفر من بلد لبلد من أجل التعافي من الإدمان».
وتضيف:” الأمر الذي شكل عندي حافز قوي للتعافي هو أني أدركت أني لا أستحق هذه الحياة المزرية التي أعيشها مع الإدمان، وأمي التي ربتني لا تستحق المعاناة التي سببتها لها، والذي آلمني أكثر هو إذلال نفسي لأي أحد في سبيل الحصول على جرعة مخدرات، ورغم أني دخلت السجن عدة مرات إلا أني لم أستسلم أبدا، فأي انسان له الحق وله القدرة بأن يغفر له ويغير حياته ويبدأ من جديد إذا كان يملك الإرادة».
وتكمل حديثها:” قدمت أمي لي كل الدعم طوال الوقت، فدخلت مصحة متخصصة في التخلص من آفة الإدمان في إحدى الدول العربية، وبعد علاج دام ٨ أشهر عدت إلى البيت وشعرت بقيمة الأهل والعائلة، وأصبحت حياتي أفضل مع صباح خال من التعب والارهاق، ولا يوجد في حياتي الآن سبب يدفعني إلى السرقة أو الكذب أو الهرب من الشرطة ومن الأهل. أستطيع أن أقول أني تعلمت من الألم، كان عندي كل شيء والآن لا شيء! ولكن ربي أنعم علي بالتعافي والقدرة على مساعدة الآخرين».
وتضيف قائلة:” ولله الحمد بعد أن تعافيت أشعر بأني أقدر كل لحظة من حياتي، وشخصيتي تغيرت وأصبحت أكثر شجاعة وصبرا، بل أصبحت عندي قدرة في المساهمة في تقديم العون والمساندة لمن يحتاجها وهو مرحلة التعافي ومحاربة الإدمان».
وتختم:” كنت في ظلام تعاطي المخدرات والإدمان، لذلك لم أستطع أن أرى جمال الحياة، فالإدمان مرض وعلاجه الإرادة والأمل والثقة برب العالمين، وحاليا أجد نفسي أعيش حياة جديدة ومليئة بالمفاجئات، لا أستطيع أن أقولأنها سهلة ولكن أسوأ أيامي في التعافي أفضل بمئة مرة من يوم لي في التعاطي، للأسف عشت في وهم نشوة التعاطي للمخدر، ولكنها لا تقارن مع السعادة التي أجدها حاليا في حياتي الجديدة، ولله الحمد أنا على وشك الزواج بمدمن متعافي وهذه أجمل هدايا التعافي”.
منحرفة وعار
تقول أفراح:” ينظر المجتمع للمدمنة بنظرة احتقار، ولا يقبلون أي مبرر لفعلها هذا، لذلك يتم نبذها من المجتمع والتعامل معها بطريقة قاسية، فهي من جلبت العار إلى عائلتها ومجتمعها، وأحيانا تتعرض للضرب والقذف من قبل الأهل، دون أن يتم التعرض حتى للدوافع والأسباب التي دفعت مثل هذه المرأة إلى إدمان المخدرات، لذلك نجد أن ردة فعل الأهل والعائلة تنطلق فقط من أن المجتمع محافظ ومتمسك بالعادات والتقاليد من جانب، ومن جانب آخر أن الدين الإسلامي قد نهى وحرم تناول المخدرات وإن كان هناك دافع قوي لتناولها، متناسين أن المتعاطي للمخدرات وصل لمرحلة يكون فيها ضعيفا يحتاج إلى دعم ومساندة المحيطين به للخروج من النفق المظلم الذي سار فيه».
النظرة هي لا تتغير
وتضيف شيماء قائلة:” ينظر المجتمع للمدمنة على أنها منحرفة وغير خلوقة، وتصبح طعما سهلا لكل من تسول له نفسه المساس بعرضها، فهي من أجرمت بحقها وبحق أهلها، لذلك يبرر أفراد المجتمع لنفسهم بأن يتحدثوا عنها بالسوء ويتلذذون في مس سمعتها، وكما يقال هناك (البهارات الزائدة) على ما اقترفت، فنجدهم يتعاملون معها على أنها شاذة، وينهشون فيها كأنها ماتت وهي على قيد الحياة، كذلك يتقززون من الإقتراب منها، ويحرضون الجميع على عدم الإقتراب منها، بل يعترضون على من يحاول مواساتها أو حتى نصحها، لماذا؟ لأنهم يرون أنها قد خرجت عن العرف و العادات والتقاليد، وأن الإدمان يندرج تحته أشياء وخيمة قد لا تحمد عقباها”.
وتكمل:” لا توجد توعية كافية في المجتمع، حتى وإن قلنا أنهم يدركون ما هو الإدمان النظرة تجاه المدمن لا تتغير، وإن صلح حاله وعلا شأنه وارتقت أخلاقه، تظل هناك فئة من الناس ينبشون الماضي، وكأنهم يعلنون أن هناك أخطاء لا تغتفر في حين أن الله غفور رحيم».
الرغبة بالموت
أم طارق تقول:”من المعروف أن المخدرات آفة ونتائجها سلبية على مدمنيها، وأسباب الإدمان تتعدد منها: عدم وجود الرقابة، والصحبة السيئة، وقد ترجع إلى أسباب إجتماعية منها التفكك الأسري، وبغض النظر عن السبب فإن المجتمع ينظر إلى المدمنة على أنها فتاة غير خلوقة رغم أنها قد تكون ضحية، ونظرتهم إليها تملؤها مشاعر التشاؤم واليأس منها كانسانة، إذ أنهم يرون أن الفتاه لا يجب بتاتا أن تسلك هذا الطريق بعكس الشباب، لأنه بفعلها هذا تجلب العار على أهلها ومجتمعها، وقد تبقى هذه النظرة حتى بعد أن تتعافى من هذا مرض الإدمان وسلكت الطريق الصحيح، وأعتقد أن هذا اليأس يشكل عقبة حقيقية أمام بعض الفتيات والشباب لترك المخدرات إلى أن يصل بهم الحال إلى الرغبة بالموت!» .
مجتمعنا يرفض المدمنة
أم وسن تضيف قائلة:” يرفض مجتمعنا الفتاة المدمنة وفي أغلب الحالات يتم طردها من المنزل ولا يكترثون بها ولا يساهمون في علاجها، لأنهم ينظرون إليها على أنها عار على المجتمع فلا يتقبلونها، والمجتمع بفعله هذا يعكس عدم وعيه وإدراكه أن هذه الفتاة جزء من هذا المجتمع، وأن أصابه مرض أو علة يجب أن يتداعى له سائر المجتمع ويقدم له الدعم والمساندة، وهناك الكثير من المؤسسات المتخصصة في التخلص من الإدمان، فبدلا من نبذها خارج البيت يفضل الإسراع في علاجها».
رأي القانون:
يقول المحامي علي بن خلف الشيدي:” لقد راعى قانون المخدرات والمؤثرات العقلية وضع المدمنة بحيث يتم اعفائها من المسألة الجزائية إذا سعت للعلاج بنفسها أو عن طريق أحد أقاربها، فقد نص القانون على إعفاء المتعاطية من المحاكمة إن سعت للعلاج . كما رتب القانون السرية على كافة بيانات المدمنة، وحتى إن تمت محاكمتها بتهمة التعاطي فبدلا من حبسها يتم إيداعها إلى دار رعاية ما لم يكن قد عادت لذات الفعل أكثر من مرة».
ويختم بقوله:” أنصح كل من وقعت في خطأ التعاطي أن لا تترك نفسها لتصل إلى مرحلة الإدمان وإن وصلت لذلك، فنقول لها لم يفت الوقت فعليها التوجه لدور الرعاية ومنها مستشفى المسرة، وأن تسعى للعلاج ولتكن مطمئنة بأنه ستكون بمأمن من أية مسائلة قانونية وستكون بياناتها الشخصية سرية”.
رأي الإعلام
د.صباح الخيشني تقول:” إن تأثير وسائل الإعلام كبير على المراهقات لما تتضمنه من قيم تناقض التربية الأسرية وقيم المجتمع، وبالنظر إلى العادات التي تمارسها الفتيات المراهقات يتضح حجم التأثير فمثلا : طريقة اللبس ونوع الملابس، المكياج والتجمل الزائد عن حده، وطريقة التعبير عن الذات بالصراخ على الأكبر سنا وتجاوز نصائحهم وقلة احترام المدرسات والمدرسين والتقليل من شأنهم، الأمر الذي يؤدي إلى تجربة الممنوعات مثل المخدرات، العلاقات المحرمة… وغيرها الكثير من السلوكيات الدخيلة على المجتمع”.
وتكمل:” الإعلام يؤثر عبر مضامينه التي قد تحمل أهدافا واضحة وأحيانا أهدافا ضمنية تحمل قيما سلبية، وتدعو إلى سلوكيات غير سوية وعبر المشاهدة المستمرة لنمط معين من هذه المضامين مثلا الأغاني التي تركز على الشهوة والمتعة الجنسية مع ما يرافقها من رقص وتعري، وأيضا التعرض المستمر للمسلسلات الأجنبية التي تقدم نماذج سيئة في العلاقات المحرمة أو في تناول المخدرات أو سلوكيات التعامل اليومي من كذب وخداع وغش، كلها في الأخير تصنع تأثيرا متفاوت النسبة على المراهقات، إضافة إلى الصحبة والتي لها دور كبير في التأثير على الفتاة بتجربة المخدرات مثلا بإعتبار أنه أمر عادي “وخلنا نجرب”، فلم تعد المسألة مرتبطة بأن الفتاة من أسرة محترمة وتربيتها جيدة، بل أصبح الأمر سارياً بأن تكون الفتاة من أسرة جيدة وتنخرط في سلوكيات سيئة نتيجة تأثير الصديقات، وهنا أريد أن أؤكد على ضرورة متابعة الفتاة والحرص على وجود جو عائلي قريب منها بدلا أن يكون آمرا عليها”.
وعن الرقابة الأسرية تقول د. صباح:«عدم وجود رقابة من قبل أولياء الأمور مع توفر أجهزة إلكترونية تعتبر واحدة من المشاكل الأساسية، إن الأسرة تعتمد على التربية التي قدمتها دونما اهتمام بشخص الفتاة أو الفتى، هل فعلا تشرب القيم التربوية وترسخت لديه القيم الإيجابية، أم أن عملية التربية تنحصر في مرحلة عمرية محددة ثم يترك المراهق من الجنسين ليتأثر بقيم أخرى، وعامل الصداقة داخل البيت والإعتماد على مبدأ الحوار والمناقشة وتقويم المعوج أثناء ذلك يوسع من مدارك المراهق ويساعده على الإنتماء أكثر لأسرته وقيمها السامية”.
وتضيف بقولها:”الآن ما يحدث أن المراهق يعطى له تلفون أو آيباد أو كمبيوتر أو الكل مع اشتراك في النت دون رقابة أو متابعة، فيستقبل سيل هائل من المواد والمضامين ومقاطع الفيديو التي تشوش على ما تربى عليه وبخاصة في وجود صحبة تساعده على ذلك”.
وتكمل:” الإعلام يقدم رسائل إعلامية متنوعة بالإمكان أن تساعد المراهقة أو المراهق على محاربة الإدمان، لكن هل فعلا هذه الفئة حريصة على الدخول على هذه الرسائل، وبالإمكان تفعيل هذه الرسائل عبر المدرسة فمثلا لو خصصت كل مدرسة ساعة من كل أسبوع لعرض مضامين إعلامية تحارب الإدمان وتعرف بأضراره، سيكون لهذا الأمر تأثيرا على المتعاطين، أيضا في مجال الأنشطة تنظم مسابقة بين الطلاب بنين أو بنات في تقديم أي مضامين مرتبطة بموضوع المخدرات من أعمالهم”.
وتختم:”موضوع تعاطي المخدرات من الموضوعات الحرجة جدا والتي تحتاج لتكاتف الحاضنات التربوية وهي الأسرة والمدرسة والإعلام والمجتمع للحفاظ على أبنائنا وقيم المجتمع”.
جمعية الحياة
يتحدث فيصل الحنشي وهو رئيس مجلس إدارة جمعية الحياة لمكافحة المخدرات عن الدور الذي تقدمه الجمعية للمدمنات:”توفر الجمعية المكان المناسب للمتعافيات وتهتم بالجانبين الإرشادي والترفيهي، والأنشطة التي تقام في الجمعية مناسبة لكل من المتعافيات والمتعافين، فعلى صعيد الجانب الإرشادي يركز على استمرارية التعافي لديهن من خلال الجلسات الإرشادية المستمرة ومتابعة حالاتهن وتوفير المعالجين والمعالجات لهن، أما الجانب الترفيهي فيركز على اكتشاف وتنمية مواهبهن وقدراتهن بهدف إعادة ادماجهن في المجتمع كعضو فعال فيه، وتعزيز ثقتهن بنفسهن للنهوض من جديد”.
وعن تجاوب المتعافيات مع الجمعية يقول:” هناك القليل فقط المتعافيات من يتجاوبن مع الجمعية، لذلك نسعى إلى ضم هؤلاء المتعافيات للحملات الإعلامية بشكل أكبر للترويج عن أهداف وأنشطة الجمعية، مما ساعد في ارتفاع الاقبال رغم عدم وجود احصائيات دقيقة في الجمعية».
ويكمل:” معظم الفتيات يأتين برغبة منهن، رغم أن هناك أسباب تمنع المدمنات المتعافيات من الإقبال على الجمعية بسبب نظرة المجتمع المتعسفة، والحرص على التحفظ والسرية، بالإضافة إلى عدم الإلمام الكافي بأنشطة الجمعية، ولكن يبقى هناك أثر تتركه الجمعية في المتعافيات مما يدل ذلك على استمرارية ترددهن للجمعية”.
ويضيف بقوله:” بعد الإنضمام للجمعية تتاح لهن الفرصة من خلال الجلسات الفردية للتعبير عن حاجاتهن واهتماماتهن بأنشطة الجمعية المختلفة، واذا ما استمرت الفتاة بالتردد إلى الجمعية والالتزام بالخطوات الإثني عشر من البرنامج، فإن هذا الأمر يدل على تعافيها”.
وعن أبرز التحديات يقول:” هناك فكرة خاطئة عن الجمعية موجودة في ذهن بعض فئات المجتمع مما يؤدي إلى العزوف عن المشاركة والإقبال على الأنشطة، كما أن الجمعية تعتمد على الهبات والتبرعات الخيرية، وفي كثير من الأحيان تمر بأزمات مالية لقلة التبرعات”.
ويختم قوله:” تسعى جمعية الحياة إلى أن تكون البيت الأول لاحتواء المتعافيات والوقوف معهن والدفاع عن حقوقهن، ونحرص على أن لن نتخلى عن المدمنة والمتعافية وإن تخلت عن نفسها”.
زمالة المدمن المجهول
يقول أحد مقرري لجنة العلاقات العامة من زمالة المدمن المجهول:” زمالة المدمنين المجهولين، هي زمالة غير ربحية وتتكون من رجال ونساء أصبحت المخدرات مشكلة كبيرة بالنسبة لهم، فنحن مدمنين متعافين نجتمع بشكل منتظم لنساعد بعضنا البعض كي نبقى ممتنعين، وبرنامجنا هو برنامج امتناع كامل عن جميع أنواع المخدرات، الشرط الوحيد للإنضمام للزمالة هو الرغبة في الإمتناع عن التعاطي، وبرنامجنا مبني على مبادئ مكتوبة ببساطة بحيث أننا نستطيع اتباعها في حياتنا اليومية”.
ويكمل:”تقدم الزمالة وعداً واحدًا للمدمن وهو الحرية من إلادمان، وهذا يعني بأننا مسؤولون عن تأمين بيئة مناسبة للمدمن لكي يتعافى، وهذا ينطبق على الرجال والنساء، لأننا لا نفرق بين الذكور والإناث، وبالتالي لا توجد زمالة مستقلة للنساء، ولكن يمكن للفتيات فتح مجموعة مستقلة بهن، فإقبال الفتيات على الزمالة في تقدم مستمر”.
ويضيف بقوله:”في زمالة المدمنين لا نقدم أية خدمات لأسر المدمنين ولكن تجمعنا معهم علاقة طيبة يسودها الإحترام والتقدير”.
وعن التحديات التي تعيق زمالة الفتيات يقول:” من التحديات هي لا توجد زمالة لجنس معين، فالفتيات بالزمالة يحظين بكامل الدعم من جميع أفراد الزمالة، والمجال مفتوح لهن دائما لفتح مجموعات خاصة بهن، وحسب الإحصائية الحالية فإنه لدينا 8 عضوات”.
ويختم :” لا أعتقد أن هناك أسباب واقعية قد تمنع أية فتاة من الحصول على حقها في التعافي، فالزمالة تسعى دائما لترك أثر إيجابي في حياة أي مدمن يأتي للزمالة».
رأي الأخصائية المهنية
ابتهال كمال اللواتية-وهي اخصائية علاج مهني- بمستشفى المسرة تقول:” من الأسباب التي تدفع الفتيات للإدمان قد تكون أسباب اجتماعية ونفسية وبيئية، فالمجتمع العماني مجتمع محافظ وكثيرا ما يشدد الرقابة على المرأة أنها تمثل العفة وشرف العائلة، فبمجرد أن المرأة تخرج من البيت إلى المستشفى فإن ذلك يثير التساؤل لماذا؟ فما بالنا إذا كانت المشكلة هي الإدمان!”.
وتكمل:” إن إدمان المرأة يؤثر على أدوارها الأساسية في الحياة كونها أما مربية، وزوجة، وأخت، فالعائلة إذا علمت بإدمان الفتاة فإنها تفضل إخفاءه حتى تحافظ على سمعة وشرف المرأة، خوفا من الطلاق اذا كانت متزوجة، أو من عدم الإقبال على الزواج بها”.
تكمل:”أستطيع أن أقول أنه طوال الخمس سنوات الماضية عالجت عدد قليل جدا من المدمنات، والسبب يعود لنظرة المجتمع التي تشعرها بالعار والخزي والذنب وأنها أساءت لشرف العائلة، فهي تفضل التكتم عن الإقبال على العلاج، كما أن فترة العلاج طويلة فتضطر المرأة إلى أن تغيب عدة أشهر أو أسابيع عن المنزل، وفي مجتمعنا يصعب تبرير غياب المرأة لفترات طويلة».
وتتحدث:”لقد تعاملت مع مدمنات من مختلف الأعمار، أصغرهن كانت بعمر 18 عاماً وأكبرهن في الخمسينيات، وبدى لي أن من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإدمان هي المشاكل العائلية والعنفي الأسري والاعتداء الجنسي من قبل أحد أفراد العائلة، وهناك بعض الحالات نشأت بتشجيع من الزوج المدمن».
وتضيف:”إن خصوصية المرأة الفسيولوجية تجعلها معرضة أكثر لمخاطر الإدمان، فتركيبة دماغها التي تميل إلى التخفيف من الآلام والضغوطات التي تواجهها تجعل الإدمان يتطور معها بشكل أسرع من الرجل، كما أن الإدمان بشكل عام يؤدي إلى اضطرابات نفسية وعقلية، والمرأة بطبيعتها الهرمونية مؤهلة بأن يتطور إدمانها إلى أمراض نفسية مصاحبة مثل الأكتئاب والهوس والانفصام».
وعن دورها كأخصائية في رحلة العلاج تقول:” دوري هو العلاج من خلال تنظيم أنشطة معينة، فبعد التعافي يكون لدى المدمنة الخوف الاجتماعي، لذلك بعد أن ينتهي العلاج الطبي نقوم بإعادة التأهيل حتى يتعافى تماما، أي عندما يتم سحب السموم من جسد المدمنة نبدأ ببرامج التأهيل النفسي والإجتماعي والمهني، وهناك ممرضين لديهم خبرة واسعة في مجال الإدمان والصحة النفسية».
وتفصّل فيما يتعلق برحلة العلاج:« إن علاج مرض الإدمان له شقان، أولهما متعلق بمهارات التعامل مع حالات الشوق للرجوع للإدمان، وذلك من خلال استراتيجات نفسية وعلمية، يتم فيها تنظيف الماضي من الأشخاص والأدوات والأماكن المرتبطة بحالة الإدمان، فتستطيع المدمنة التي تخضع للعلاج رفض أي عرض لخوض عملية التعاطي مرة أخرى، بالإضافة إلى التعامل مع المشاكل النفسية المصاحبة للإدمان منها النفسية والعقلية. أما الشق الثاني فهو متعلق بمهارات الحياه العامة مهنياً واجتماعياً ونفسياً واكاديمياً، حيث نقوم بتعليم المدمنة التي تخضع للعلاج مهارات الحياة التي تساعدها على العودة لأسرتها وتندمج معها، وزيادة الدافعية عندها لتصبح عنصرا فعالا في المجتمع، عن طريق البحث عن وظيفة أو نشاط، فهذا هو دور التأهيل في تعليم المتعافية كيف تبني حياة جديدة وصحية بعيدا عن الإدمان، وكيف تتغلب على الظروف والإحباطات والعوائق، ومنها رفض المجتمع والأسرة لها، وهنا يجب التأكيد أن عملية التعافي هي عملية طويلة ومستمرة، لذلك المدمن يحتاج إلى فترات طويلة جدا يحتاج فيها إلى دعم ومراجعة وتعلم مهارات وهذا هو دورنا”.
وتكمل قائلة:”إن نفسية المدمن بعد التعافي تظل تلاحقه وصمة العار بالذات إذا كانت شابة غير متزوجة فاحتمال أن تتزوج ضئيلة جداً، لأن المجتمع لا يغفر هذه الخطيئة، والبعض يضطر إلى طلب الطلاق والإنفصال حتى يبقين متعافيات اذا كان زوجها مدمن فتضطر إلى أن تنفصل وتحمل عبء تربية أولادها وحدها، مما يزيد الضغط عليها، ونحن نعلم أن الضغوط واحدة من عوامل الإنتكاسة، وهنا يبرز دور الأسرة في تقديم الدعم اللازم».
وتضيف:” نحن في مجتمع مسلم وإذا الفتاة فعلا سعت إلى العلاج والصلاح، فمن واجب الأسرة أن يعينوها، ونحن كمستشفى أو بيوت تعافي مستعدين دائما أن نتعامل المتعافيات لقضاء جلسة لمدة ساعة في اليوم نشجعهن ونقويهن ونناقش مشاكلهن ليتم حلّها بطريقة أفضل، وهذا الباب مفتوح لجميع المرضى المتعافين أو القادمين من العيادات”.
وتختم:”أعتقد أنه لو فهمنا الإدمان كمرض، فسنتعامل معه بطريقة أفضل، والسؤال الذي يطرح نفسه، هل طرد الفتاة وعدم احتوائها سيحل المشكلة؟ أم أنه سيعقد المشكلة؟، لذلك لابد من توعية المجتمع في هذا الصدد، ووسائل الإعلام بدأت تلعب دور كبير، ونحن نلاحظ الفرق بين الإعلام السابق والإعلام اليوم خصوصا حول التوعية حول موضوع المخدرات حيث بدأت في حملات توعية في المدارس من قبل وزاة التربية والتعليم مع اللجنة الوطنية، كذلك هناك مبادرات لتدريب المدربين حول موضوع الإدمان، وأيضا نحن كأخصائيين في المستشفيات نعلب دور لأننا نقابل الأسر، ومنذ فترة بدأنا ولازلنا نقابل الأسر ونحاول أن نفهمهم ونقويهم لأن الأسرة هي شريك في وقوع ابنهم أو ابنتهم في الإدمان مما يجعلهم شريك في التعافي”.
رأي الأخصائية الإجتماعية
تتحدث دعاء بنت حسين اللواتية- أخصائية اجتماعية بمستشفى المسرة-عن التأثير السلبي لعدم تعاون المجتمع على تعافي المدمنة بقولها:« هناك الكثير من الأسر ممن تفضل أن تدع الفتاة تعاني في مرضها علي أن تأتي للمستشفى خوفا من أن أحد يراها ويعرفها! فاسمها سيكون مسجلا، وبالتالي هناك احتمال أن ينكشف سرها ويضر بسمعتها وسمعة العائلة، لذلك يرفض الأهل من أن يتم علاجها، وأحيانا من باب التكتم والنكران يرددون طوال الوقت ليس لدينا مشكلة! وهذا ما يجعل العدد يزداد، فطالما لديّ مشكلة وأن الابنة تتعاطى ولم أعالجها، فغدا ستتعلم منها صديقاتها ويتأثرن بها، فالنكران لا يجعلنا نسيطر على المشكلة وإنما بهذه الطريقة يجعلنا نساهم في نشر المشكلة».
وتقول:” إن الفتاة المدمنة تظهر عليها أعراض جسدية تبين للأهل أن ابنتهم تعاني من الإدمان، وإذا تركت فهناك احتمال كبير بأن تؤذي نفسها بسبب تعاطيها جرعة زائدة، لذلك فترة الخفاء هي دائما مدة بسيطة، وبالنهاية الإدمان يفضح نفسه”.
وتتحدث بقولها:” من الأسباب التي تدفع الفتيات للإدمان هي الظروف الإجتماعية كأن تكون بعض الأسر مفككة أو علاقة الأم والأب سطحية، فلا ينشأن في بيئة حاضنة بشكل صحي، كذلك عندما تكون هناك حرية إلى حد كبير أو تزمت شديد».
وعن الآثار الاجتماعية تضيف قائلة:”على المستوى الاجتماعي تبقى الفتاة المدمنة وأهلها ملامين على هذا السلوك، وقد تكون فرصتها في تكوين حياة اجتماعية جديدة قليلة جداً، فالناس لديهم خوف من هذه الأمور فتبتعد، كذلك سيؤثر ذلك على عملها ودراستها حتى في بعض الحالات تبقى المتعافيات يعانين من هذا الأمر وخاصة عند التقديم لوظائف معينة، أما بالنسبة للأهل فيتولد عندهم الخوف وتبدأ تؤثر على المنزل بأكمله وهي صعوبة الثقة بالفتاة مرة أخرى، فتبتعد الأسرة وتنعزل. أما من الناحية الاقتصادية فإن المواد المخدرة غالية جدا، وقد تضطر الفتاة المدمنة إلى التصرف بشكل مبالغ به وأحيانا قد تسرق من أهلها، أو تلجأ للديون فتدخل في مشاكل اقتصادية كثيرة».
ومن الناحية الدينية تقول:” التأثير الديني لابد أن يكون حاضراً في حياة الفتاة، فالتأثير الديني يساعد كثيرا في التوقف والتعافي، ففي فترة التعاطي كانت تغيب عن المدمنة مثل هذه الأمور، أما بعد التعافي فإن القيم الدينية قد تشكل عاملا مساعدا قويا إلى جانب العوامل الأخرى في إنجاح عملية العلاج».
وتختم:” المجتمع يحتاج إلى توعية، عن طريق وسائل الإعلام والأماكن العامة بحيث نستهدف الناس، وأيضا الإعلام له دور كبير في بث رسائل معينة غير تقليدية، وأن تكون هناك توعية في أن الفتاة ليست بمعصومة في أن تقع في هذا النوع من الأمرض، فلابد من التعامل الإيجابي مع المشكلة بدلا من أن نزيدها أو نفاقمها، فالتوعية جدا مهمة ودورنا كرعاية صحية هو أننا نقدم للمدمنة التي تخضع للعلاج الرعاية اللازمة للتخلص من الأعرض الجسدية، ومن ثم التأهيل النفسي والإجتماعي وبعد ذلك نرشدها لجهات من الممكن أن تساعدها كجمعية الحياة وزمالة المدمن المجهول، فلابد أن نستهدف الفتيات في التوعية وأتمنى من الأسر أن يعالجوا ابنتهم ولا ييأسوا».
رأي الطب
د. أميرة الرعيدان وهي رئيسة قسم الصحة النفسية بدائرة الأمراض غير المعدية- بوزارة الصحة-وطبيبة نفسية أولى في مستشفى المسرة-قسم الإدمان، تقول:”نحن كجهة حكومية نقدم الرعاية اللازمة للمدمنة ومن بعدها تعود إلى بيئتها التي يفترض أن يتم تأهيلها أيضا في تلك البيئة ولكن من يطبق التأهيل في بيئتها؟ لا أحد، فإلى الآن لا يوجد تواصل، فنحن كجهات باستطاعتنا مساعدة المدمنات ولكن وللأسف هن مختفيات عن الساحة، فتحاول الأخصائية الاجتماعية أن تتواصل مع المدمنة وأهلها وتفهمهم بأن ابنتهم تحتاج إلى دعم ومحبة وغيرها من الأمور، فنحن كجهة حكومية نقدم تأهيل للمدمنة بمعنى إذا كانت تعاني من آلام بعد التعاطي وتريد التخلص منها، فإننا نقوم بإعطائها أدوية تساعدها على التغلب على الألم والنوم، ومن بعدها ندخل في مرحلة التأهيل التي دائما ما تكون اعادة الحسابات ويتم توعيتها بالإدمان وماذا فعل بها وكم خسرت في حياتها، وأيضا الأخصائية الإجتماعية والنفسية تحاول أن تقف على جوانب القلق أو الإكتئاب بعد الإدمان، وتقوم بعمل جلسات إذا كانت لديها مشكلة أن أهلها غير متقبيلنها أو مشاكل مع الأهل، ونطلب من الأسرة الحضور لغاية توعيتهم حول دورهم في توفير جو لها وعدم تأنيبها بأنها مذنبة».
وتكمل:” ما بعد مرحلة العلاج فإننا فعلا نواجه مشكلة كبيرة مع الأسرة وكيف تتعامل مع الفتاة، فالأهل مهما يتم تعليمهم وتوعيتهم في المستشفى لا نعلم إن طبقوا ما قلناه أو لا! ولربما قد يؤدي بهم الأمر إلى طرد الفتاة! فمن الممكن أن بعض الأهالي لا يرغبون بأن تسكن ابنتهم معهم فيطردونها، فمن سيحتضنها؟ وهنا يأتي دور جمعية الحياة”.
أما عن الإقبال فتقول:” في السنة الواحدة تأتينا ما بين 5 إلى 6 حالات، لماذا؟ لأنه (عيب) أن تأتي فتاة وتقول بأنني مدمنة! فمعظم الفتيات يذهبن إلى الدول المجاورة لتلقي العلاج، فعلى سبيل المثال جاءني اتصال من إحدى الأمهات تريد مساعدة لعلاج ابنتها المدمنة فعندما نقترح عليها أسماء بعد الدول التي تتوفر فيها مؤسسات متخصصة للعلاج فإننا لا نعلم حقا إن ذهبت أو لم تذهب! وهل ستأتي الفتاة عندنا ؟ لا نراها أبدا فلا توجد تغذية راجعة ومن الممكن أن نخسر الفتاة ولا نعلم ماذا حلّ بها، فهذه من المشاكل والصعوبات التي تواجهنا، فلا نعلم أعداد الفتيات لأن ثلاثة أرباعهم لا يأتون عن طريقنا وإنما يسمعوا من أشخاص آخرين ومن ثم يسافرون للخارج، لذلك لا توجد احصائيات”.
أما عن أعمار المدمنات اللاتي يرغبن بالعلاج فتقول: « تأتينا من 16 إلى 17 عاماً أو من 18 إلى 30 سنة، ولكن عندما تسأل المدمنة متى بدأت بالادمان تجيب بعمر 14 سنة! فهي فتاة تحب أن تجرب، خصوصا في ظل وجود مشاكل بين والديها، فتبحث عن أحد يقول لها كلام جميل، فيمكن أن تكون العلاقة هي نوع من الهروب، وأحيانا يكون الانفتاح الزائد الانخلاط الواسع نقمة أكثر من كونها نعمة، حيث ترى الفتاة صديقاتها يدخنون(الشيشة) ليقال عنهن متطورات واستقلاليات، فالإنفتاح هو ما دفع الفتيات للاتجاه في هذا الطريق كذلك عدم وجود ضوابط أسرية ودينية، فهي الآن تستطيع أن تعمل في الخارج وتدرس، وتدخل في علاقات”.
وتكمل:” من الحالات التي عالجتها هي ثلاث حالات وجميعهن صغيرات في السن من 15 إلى 18 ، وأستطيع القول أن من أهم أسباب الإدمان هي المشاكل الأسرية منها الطلاق، فإحدى الفتيات أرادت أن تنتقم خاصة أن شخصيتها حساسة جدا، والثانية أباها متوفي وأمها وفرت لها مبالغ كثيرة (دلال زائد) فأرادت أن تجرب، أما الثالثة فهي امرأة في عمر الثلاثين تزوجت من شخص مدمن فلا تجد المفر إلا أن تماشيه ودخلت معه في الإدمان، كما أني لا أستطيع إلا أن أذكر أصغر حالة عالجتها حيث كانت بعمر ١٧ عاما ولكنها بدأت بالإدمان بعمر ١٤ عاماً ، وقد دخلت في علاقة جنسية بسبب عدم امتلاكها للمبالغ من أجل أن تشتري المخدر!”.
وتؤكد أن: « المجتمع واع ويعرف ولكنه متحفظ! ويفضل التكتم على الموضوع ، لأن الأمر فيه فتاة، لذلك أرفع صوتي وأقول ، لماذا ندع الفتاة تصل إلى مرحلة خطيرة في التعاطي قد تؤدي بها إلى الأمراض، لما لا نقدم لها العلاج! فنحن نحتاج إلى زيادة في الوعي حول أهمية عملنا كجهة حكومية تساند الأسرة في حماية بناتها.وهناك فتيات لا يقبلن بالترقيد بسبب التحفظ وماذا سيخبرن أهاليهن ان اختفين، فمعظمهن يتم تنويمهن معنا لمدة 3 أسابيع لا أكثر وتقول لأهلها عندها دورة عمل أو عذر آخر. وفي هذا الصدد لا نستطيع أن نلقي اصبع اتهام لأي شخص آخر، ففي المقام الأول هو الفتاة نفسها، شخصيتها الضعيفة الحساسة، مشاكلها في الأسرة أو لديها مفاهيم وأفكار خاطئة أو لديها أفكار خاطئة، مثال (هذا ينقص أو يزيد وزني، هذا يجعلني أسهر من أجل الإمتحان..إلخ)، وهناك اصبع اتهام على الأسرة بسبب وجود العصبية أحيانا والدلع الزائد، كذلك المجتمع عليه اصبع اتهام بسبب قلة توفرر الخدمات الترفيهية، فاللوم على الفتاة اذا لم تتعالج، ففي المقام الأول هو الشخص نفسه”.
محمد أبو غزالة من مركز الهدوء للتنسيق الطبي يقول:” هناك اقبال على التعاطي بشكل كبير من الفتيات والذكور في سن 12 سنة، وهذا ما ظهر في تقرير منظمة الأمم المتحدة السنة الماضية حيث حصلت طفرة في دخول أعداد كبيرة من سن 12 سنة، والطفرة كانت في سلطنة عمان فالفتيات دخلوا بشكل كبير في هذه الدائرة من سن 12 سنة، فتجار المخدرات ترصدوا للفتيات وهن لا يملكن أية فكرة أو وعي، كون أنهن في بداية سن المراهقة وبالتالي وجود اندفاع وفضول، فيدخلن 100 فتاة في هذه الدائرة و10 فقط ممن يفكرن في العلاج وبمساعدة الأسرة، لأنها تخشى من الفضيحة، لأن المجتمعات العربية محافظة وهناك مشكلة كبيرة لابد أن نعترف بها، فالاعتراف بالموضوع هو ما يدفعنا إلى معالجة الموضوع بشكل أسرع ، لأن مشكلة التكتم هي مشكلة نواجهها في مسألة العلاج، حيث إن الأسرة خائفة من الاعتراف بابنتهم المدمنة وخاصة انها بنت!
وهناك فتيات يسعين للعلاج بأنفسهن، وبالتالي بدون مساعدة أسرية وبدون علم الأسرة وقد يلجأن لوسائل علاج غير سليمة، ويبقى العلاج بشكل مؤقت وتنتكس مرة أخرى،كأخذ المهدئات القوية لتخفيف الآلام ولكن عندما تتوقف الأعراض ستدخل في الدائرة مرة أخرى”.
ويكمل :”الإدمان هو الذي يكسر الحاجز النفسي بين الواقع والخيال ، فيعني الفتاة التي يكون واقعها صعب فإنها تميل إلى الإدمان والهروب من الواقع بسبب الضغط النفسي، ما يدفعها أن تفكر في الأحلام، فلا أحد يلجأ للإدمان إلا إذا كانت عنده خلفية سابقة ونسبة 70% تكون من الأسرة(خلافات وانفصال) “.
ويقول:” هناك نوعان من المخدرات الأول: منشط للمخ مثل الهيروين وكتاجون
يعمل على زيادة نشاط المخ، والثاني: يعمل على تثبيط خلايا المخ كالمهدئات والحشيش، حيث تشعر باللامبالاة”.
ويكمل:” تأتي الفتيات إلينا عن طريق الاهل، فالبنت ضعيفة نوعا ما فإذا ضغطوا عليها الأهل فإنها تستجيب بعكس الشاب، فمثلا مسألة المقاومة عند الشباب بنسبة 30% من الحالات التي تأتي تقاوم العلاج بشكل شرس وتقاوم فكرة العلاج، أما الفتيات فتتجاوز 5% بالمئة، خوفا من الأسرة وطبيعة الفتاة مستكينة للأب والأم فتستجيب للأمر الواقع ، غير ذلك فإن هناك غزوف من قبل الفتيات لأنه يرد إلينا 20 اتصال ولكن لا تأتينا إلا حالة واحدة فقط، بسبب مسألة التخوف أن يراهن الآخرين، علما بأننا نعطي كل مريض فترة محددة بحيث لا يتعارض مع الأخر، فالجميع يصبح في حالة خوف حتى فالأسرة، فقد يتصل بي أحد الآباء لاحضار ابنته وبسبب الخوف يأتي أحد أقاربه ويتحدث معنا عن سرية العلاج حتى يثق ويطمئن ومن ثم يأتي الأب وابنته، وقد يصل الأمر إلى اعطائنا أسماء مستعارة”.
ويكمل:” ومن أحد المواقف أن أحد أولياء الأمور أخذ ابنته المدمنة وأدخلها في مزرعة ليعزلها عن العالم، فهي مختلة المشاعر والأحاسيس ولديها اكتئاب حاد فيا ترى ما هو التفكير الذي ستفكر فيه إلا الإنتحار!
وعن أبرز العوائق يقول:”عدم اعتراف المجتمع بالموضوع هي المشكلة الرئيسة، وهناك تكتم من قبل الجهات والخجل من الفكرة ونكرانها، فهذه مشكلة كبيرة، فلابد من الإعتراف بالإدمان على أنه مرض”.
ويكمل عن مرحلة التعافي بقوله:” بعد تعافي المدمنة تأتي مرحلة الإلتحاق بالزمالة وهي التأكد من نسبة تعافيها، فالعلاج يحتاج إلى ثلاثة أضلع وهي القاعدة(رغبة المريض) الضلع الثاني(علاج جيد) الضلع الثالث(متابعة ما بعد العلاج) فلو توفرت هذه الأضلاع لأي مريض سيتخلص من الإدمان، فالمسألة لا تتوقف على نوعية العلاج وإنما على المريض نفسه، وبعدها يأتي دور الأهل في الرعاية والإهتمام”.