يحظى القطاع الحرفي باهتمام واسع ، في إطار جهود منسقة تبذل لدعم العمل الحرفي في السلطنة للإسهام في خلق سوق تسهم في اجتذاب الشباب لحرف الآباء حفظا لها من الضياع وصونا لها من الاندثار، وفي الوقت نفسه إيجاد مصدر دخل اقتصادي مهم ، الا أن نساء حرفيات التقتهن (المرأة) لا يزلن يتحدثن عن العديد من التحديات والمعوقات التي تواجههن .. اقتربنا منهن أكثر .
في البداية تقول فاطمة بنت علي الكعبية وهي حرفية تعمل في مجال النحاسيات « المرأة العمانية متمكنة وقادرة على خوض جميع المجالات، فعلى سبيل المثال حرفة النحاس كانت سابقا مقتصرة على الرجال لأنها تحتاج للقوة في استخدام المطارق، وأيضا تحمل طابع هندسي دقيق، ولكن ذلك لم يمنع المرأة من الخوض فيها».
«لله الحمد الهيئة العامة للصناعات الحرفية قدمت لنا الكثير من الآلآت والمتطلبات التي نحتاجها لممارسة هذه الحرفة، وتقدم لنا الدعم المادي والمعنوي، حتى يصبح لكل واحد منا مشروعه الخاص بعد الإنتهاء من التدريب، حيث يعتبر هذا النوع من المشاريع ناجحاً وله إقبال كبير من قبل المواطنين والسياح».
وعن التحديات تقول «الصعوبات تكمن في اللحام لأنه يحتاج إلى تركيز أكبر وإذا حصل خطأ فيه فإنه يتطلب إعادة العمل مرة أخرى، كذلك الحال بالنسبة إلى التلميع فمن الممكن أن يحدث أي خلل فنضطر إلى أن نعيد لحامه مرة اخرى ».
وتضيف: «اكتسبت من هذه الحرفة خبرة ثرية وهي أن الحرفة لابد أن نطورها وننميها ونحييها من أجل الأجيال القادمة، كما أنها تتطلب الدقة والإتقان، إضافة إلى ابتكار أفكار جديدة قد نستلهمها من البيئة المحيطة أو من خلال اللجوء للإنترنت لتطوير الأفكار وجعلها صالحة للإستخدام العصري».
وتؤكد الكعبية على ضرورة أن تحافظ المرأة العمانية على الحرف وتنميها وتطورها فلا توجد صعوبات الآن، فالتكنولوجيا موجودة والجهات المختصة لم تقصر في ذلك ».
المنحة لا تكفي
تقية بنت سعيد الصخبورية وهي ايضا حرفية تشتغل في مجال السعفيات تقول « هناك الكثير من الفتيات ممن لديهن حماس كبير ويطلبن الأدوات من قبل الجهة المختصة لينجزن أكثر، علماً بأن المرأة العمانية في السابق هي نفسها في الحاضر ولكن بروح مبدعة ومبتكرة رغبة منها لمواكبة التطور في إنتاج الحرفيات بشكل يتناسب مع هذا العصر، فدائما ما ينطلقن بشيء جديد وغير تقليدي».
وتضيف « الصعوبات موجودة فلا يوجد شيء سهل، فمثلا أدوات الخام أحيانا تتأخر فنضطر أن نتوقف عن العمل، وكذلك المنحة التي تصرف لنا لا تكفي مقارنة بالجهد الذي نبذله لعمل الطلبيات، ونفضل أن يتم تعييننا كمدربات لأننا نتمتع بالقدرة على اكتساب المعارف اللازمة، فكل ما عليهم هو تدريبنا وتأهلينا وأن تكون الأولية لنا، لأننا لا نعرف ما هو مصيرنا بعد التدريب! ».
وتتابع « استفدت الكثير من هذه التجربة، ففي المستقبل سأعتمد على ذاتي وأكون حرفية وأعمل على مشروعي الخاص، فالمجالات جميعها مفتوحة، فكل ما علينا هو السعي، وكذلك أطمح أن أكمل دراستي في كلية الأجيال، فهناك أناس يقبلون على الحرفيات ويقدرونها حتى الأطفال، فأصبحوا منفتحين أكثر للسعفيات، ومما لاشك فيه أن الفائدة تعود على الفرد والبلد، لأن السياح يقبلون على شرائها كذكرى صنعت بأيدي امرأة عمانية، وأستطيع القول أن الإقبال الأكبر هو من قبل المواطنين والمدارس والمعاهد، فمنهم لا يهمهم السعر لأنهم يعرفون الحرفة ويقدرون قيمتها».
وتختم: « المرأة مستمرة في ذلك وكل ما تحتاجه هو الدعم والمساندة وكذلك التشجيع، وأوجه شكري للفتيات المهتمات بهذه الحرفة والهيئة».
طاقات لا حدود لها
بدورها تقول كريمة سالم الربيعية ، وهي حرفية تعمل في مجال المنسوجات: « نحن نشتغل في السجاد والبسط والتي كانت سابقا مقتصرة على الرجال، ولكن هناك عائلات فقدت رب الأسرة وهي بأمس الحاجة لإيجاد دخل لها، فما كان للمرأة إلا أن تمارس هذه الحرفة رغم الصعوبات التي تواجهها، ومنها تقبل المجتمع للمرأة التي تمارس هذه المهنة، ولكن مع تزايد عدد النساء اللآتي احترفن حرفة المنسوجات إلى أن أصبحن جماعات ولهن أماكن تجمع، عندها أصبحت مهنة تدر دخلا على المرأة وعائلتها، فالمرأة تملك طاقات لا حدود لها».
وتكمل حديثها « من أشكال الدعم الذي نتلقاه من الهيئة هو فتح مراكز متنوعة تخص جميع الحرف والموروثات التقليدية، بهدف الحفاظ عليها من الاندثار، إضافة إلى الدورات المجانية ومبلغ تشجيعي يساعدنا على اكتساب المهارة اللازمة للبدء بمشروع خاص يعود علينا بدخل مادي مستقل».
« أملك روح حب التجربة والفضول في التعرف وممارسة الحرف وخاصة العمل على السجاد، فهناك اقبال وسوق لهذه الحرفة، فعندما نعمل على شيء لابد أن يناسب المجتمع وأن تكون الأسعار في متناول أصحاب الدخل المحدود».
« من التحديات هو توفير الخامة فنحن نستخدم خامات طبيبعة 100% لا يشوبها أي شائبة فالهيئة متعاملة مع شركات تضمن لنا بأنها تأتي بأفضل الأنواع، حتى لو أردنا أن ننشئ مشروع خاص بنا، فنحن بذلك نعرف الشركات التي تنتج الخامات، فالأمر بات سهلا علينا ولكن الإستمرار في النجاح يعتمد على الشخص نفسه».
« تعلمت أشياء جديدة منها صناعة السجاد الذي لم أكن أتوقع أنها موجودة في السلطنة، فقد كنت أتوقع أن السجاد لا يمكن صنعه إلا في ثلاث بلدان وهي إيران وتركيا ومصر كونها دول مشهورة في هذا الجانب، وتعجبت أن في السلطنة مراكز تهتم بهذه الأمور عندها تعلمت كيف يصنع السجاد».
« نحن الآن في فترة تدريب وبعد الإنتهاء منه تأمل الهيئة العامة للصناعات الحرفية في أن نفتح مشروعا خاصا بنا ولكننا غير مكتفيين لأن التدريب سيكون لمدة سنتين وسنة للإنتاج، ونتمنى لو أنهم يمددوا سنة الإنتاج على أساس التوسع والتعمق خاصة في مجال السجاد، فنحن لازلنا في الأساسيات البسيطة، أما بالنسبة للتدريب لا نحصل من خلاله على شهادة جامعية وإنما هو كحرفة، ونتمنى التوسع فيه بشكل لا حدود له فنحن لازلنا في الأساسيات. وفيما يتعلق بكلية الأجيال لا نعرف عنها شيء هل سيكون التسجيل من المدارس أو كرغبة لمن يريد الانضمام لها».
« الحرفة تتغير لتواكب العصر، فمثلا البساط سابقا كان يضع على الأرض أما الآن فأصبح يستعمل في الأثاث المنزلي، وأصبحت المهنة تواكب العصر فكل شيء يتطور، والإقبال أكثر من العمانيين، وكذلك من الأجانب والدول العربية».
” أتمنى من كل امرأة أن تتجاوز الصعوبات وتعتبر مثل هذه الحرف مصدر دخل مهم لا يقل عن غيرها من المهن”.
لا نتلقى التشجيع
وتقول ليلى اليعقوبية وهي تعمل ايضا في مجال المنسوجات «هذه الحرفة تمارسها النساء في منطقتنا ولديهن خبرة وهن مبدعات في دقة الألوان واختيار التشكيلات ولكن المشكلة تكمن في التصاميم الجديدة والمبتكرة، بمعنى أن بعد الإنتهاء من القطعة لا يعلمن ما يفعلن بها، وخاصة فيما يتعلق بكيفية تسويقها والإستفادة منها».
« صحيح أن الإنتاجية ضعيفة ولكننا ننتج شيء مميز، فنحن نتدرب ستة أشهر في تعلم الأساسيات وبعدها نمارس ونبدع بأنفسنا، والهيئة لم تقصر في توفير المواد فعلينا الإنتاج فقط، ولكننا نحتاج إلى تشجيع أكبر من قبل الهيئة والمجتمع».
وتضيف: « الإقبال من المواطنين أكثر من السياح، فالسياح يأخذون الأشياء العتيقة والمميزة، وأسعارنا رمزية وفي متناول الجميع».
« يجب على المرأة أن لا تتخاذل فالذي يملك الحرفة كمن لديه ذهب، فيجب أن يتم تطويرها لتواكب العصر الحالي، ونحمد الله حتى لو كان المردود المالي قليل، لأن المردود المعنوي أكبر فكل واحدة منا عندما تنتهي من عملها تراه مميزاً وتفتخر به».
سحب المنحة
أثير جميل الراشدية تعمل في مجال النحت على العظام: « تعتبر حرفة النحت على العظام شيء غريب بالنسبة للبعض، فهي حرفة تتطلب الدقة وتحتاج إلى تركيز وأنا مازلت مبتدئة، وبعد أن تقوم بالهيئة بتوفير العظام لنا نقوم بكل العمليات اللازمة لتشكيلها، ولكن الأمر لا يخلو من الخطورة وخاصة عند استخدام آلات السنفرة والقص والتي تستلزم قفازات أسمك من التي نستخدمها الآن، إضافة إلى استنشاق الغبار الناتج عن السنفرة والذي تسبب بالأذى لبعض الفتيات اللاتي آثرن الإنسحاب عن الإستمرار».
«يوجد الاقبال كبير على ما ننتجه وخاصة من قبل السواح، رغم أن الهيئة سحبت المنحة التي كانت مخصصة لنا والتي تقدر بـ ١٥٠ ريال بحجة أن المنحة أكثر من الإنتاجية».
« نأمل من الهيئة أن توفر لنا مكان قريب لنا لعرض المنتوجات بعد الإنتهاء من التدريب، علماً بأن الإقبال الأكبر يكون من قبل السواح لأن المواطنين يقارنون السعر المطلوب بسعر العظم دون الإلتفات إلى الجهد المبذول في الإبتكار والتنفيذ».
« هناك أناس شجعونا لنستمر في الفكرة وأن نفتح مشروع خاص بنا ،وبعض النساء يعتقدن أن النحت على العظام للرجال فقط ولكن نحن نقول لا يوجد شيء للرجال والنساء، فإذا أحببتِ الحرفة فإنك ستبدعين فيها، فأية امرأة تريد أن تمارس هذه الحرفة أقول لها افعلي ذلك ولا تسمعي كلام الناس، وأشكر مدربتنا لأنها علمتني كل شيء وكذلك زميلاتي».
المرأة قادرة
أشواق ثاني العلوي وهي حرفية تعمل في مجال صناعة المناديس «المرأة قادرة بالعزيمة ولا يوجد مفهوم المستحيل في قاموسها، خاصة إذا اجتمعت العزيمة والإرادة والهواية، ففي البداية بعض النساء اعتقدن أن هذه مهنة الرجال لكن عندما مارسنها أحسسن أنها حرفة ممتعة وتستطيع من خلالها التعبير عن قدرتها على الإبداع، فقد كانت نظرة المجتمع صعبة في البداية ولم يكن هناك تقبل لفكرة أن المرأة تمسك الأخشاب والمطرقة، ولكني وجدت عملية الحفر على الخشب أمرا سهلا بالنسبة لي ، وخاصة مع توفر كل المعدات والمستلزمات الضرورية لانجاز هذا العمل».
وتشرح:« هناك إقبال على هذه الحرفة، والهيئة هي من توفر لنا المواد ويكون المردود لنا، وبعد التدريب كل شخص يبني نفسه بنفسه، فيكون إما أن يفتح مشروع خاص به أو المطالبة ببيت حرفي وهو تجمع لكافة الفتيات، تتوفر فيه جميع المعدات ويحدد وقت معين للتجمع فيه، وبهذا الهيئة توفر المكان ويكون العائد لنا».
وعن التجربة تقول:« استفدت الكثير من هذه الحرفة وهي التعرف على أنواع الخشب والصناعة الأساسية وهناك أخشاب إذا صبغت تتغير قيمتها وثمنها وتضعف أحيانا، فتعرفت على الأساسيات وأدوات التنديم، والأسعار وغيرها».
وتكمل: « من التحديات في هذه الحرفة هي تقطيع الخشب، أما مواد الخام فقد تتأخر أحيانا ونحن غير قادرين على شرائها بكميات لأنها غالية، وخاصة بعض الأنواع منها».
وتضيف: «إن الإقبال كبير من قبل السياح والمواطنين كونهم يحتاجون للمناديس في الأعراس، وأنا أحرص أن لا أحدث أية تغييرات كبيرة على تصميمه التقليدي لأني أريد الحفاظ عليه من الإندثار».
« لا يوجد شيء مستحيل كوننا نعيش في عصر المساواة بين الرجل والمرأة، فيجب على المرأة أن تبرز وجودها في أي مكان فمع العزيمة والإرادة نصل لطريق النجاح».
نريد دعم مادي
وتقول سلامة خليفة الناصرية وهي حرفية في مجال خياطة الكمة العمانية « لم نكن نعلم بأساسيات تصميم الكمة العمانية ، لذلك تم تنظيم دورة متخصصة لنا تعلمنا من خلالها جميع الأساسيات ابتداء من التصميم إلى الإنتاج عدا الرسم الأولي للكمة».
« كانت الهيئة توفر لنا منحة بقيمة 50 ريال وفي المقابل يكون المردود لهم، كل ما علينا هو الخياطة الأولية للكمة دون(التنجيم)، ومن بعدها تم تخفيض المنحة لتصل إلى 20 ريال، فنحن نريد التشجيع من ناحية الدعم المادي، لأننا نكون متواجدين في الورشة من الساعة 8 صباحا وحتى 12 مساء ، وقد ناشدت وتحدثت مع المختصين بأننا بحاجة للتشجيع، وخاصة من الناحية المادية ذلك أن الكثير من النساء انسحبن عندما تم تخفيض المنحة».
« ماذا بعد الإنتهاء من التدريب؟ فليست لدينا الإمكانية لشراء الآلات التي تتطلب الكثير، لذلك نطالب الجهات المختصة الدعم وأن يساندوننا في توفير مكان رسمي، مثل المصنع، فهناك نساء لا يتجرأن أن يلجأن لصندوق الرفد خوفا من الفشل، ففي البداية كل واحدة منا تكون مبتدئة ومتوجسة في الوقت نفسه، لذلك نحتاج إلى من يشجعنا ويساندنا».