حوار

الكتابة للطفل بين الواقع والمأمول

لمعت أسماء عمانية عديدة في مجال الكتابة الأدبية شعراً ونثراً، وفي الوقت ذاته هناك ندرة فيمن طرق باب أدب الطفل ليكتب عن الطفل وللطفل بخصوصية تختلف عما هو مألوف في المجالات الأدبية الأخرى

وهنا تبرز عدة تساؤلات: ما هي أبرز التحديات التي تواجه أدب الطفل وخاصة فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه دور النشر؟ وما الذي يحتاج إليه هذا النوع من الأدب ليزهر وينمو؟ وماذا عن أولياء الأمور ومدى تقبلهم لفكرة شراء كتب لأطفالهم؟

قد تكون الاجابات في ثنايا هذا الحوار الذي يجمع ما بين أمامة مصطفى اللواتية، وابتهاج الحارثية، ولكل واحدة منهما تجربتها الخاصة في مجال الكتابة للطفل   DSC_0410 DSC_0379

أمامة مصطفى اللواتية

كاتبة ومصورة فوتوغرافية

حصلت أمامة اللواتية على بكالوريوس صحافة وإعلام من جامعة السلطان قابوس، وماجستير علاقات عامة واتصال من جامعة ويست منستر بلندن، وهي تهوى الكتابة والشعر بشكل عام، ولها تجارب مميزة في القصة القصيرة والنثر والمقال وقصص الأطفال، ولها قصص أطفال منشورة سابقا منها:الساندويشة،القط والبحر،حوض الأسمال،العجائب السبع في بيت خيال، أريد أن أشتري جبلا، ومؤخرا قامت بتأليف كتاب البيت الغريب العجيب، بالإضافة إلى ممارستها في مجال التصوير الضوئي.

تقول أمامة عن قصة البيت الغريب العجيب:”هذه القصة والقصة التي ألفتها سابقا «العجائب السبع في بيت الخيال»، عبارة عن جزء من سلسلة واحدة تجمع حوالي 5 إلى 6 قصص، نشرت منها قصتين فقط وهما البيت الغريب العجيب، والعجائب السبع في بيت خيال، وأطمح أن أنشر الثلاث القصص الباقيات».

أما عن سبب تأليفها تجيب: « إن كثرة أسئلة أبنائي التي يوجهونها لي هو ما دفعني إلى تأليف هذه القصة، حيث لاحظت أن الطفل عنده نزوع واضح للمقارنة بين ما يملكه وما يملكه الآخرون، لذلك حاولت من خلال أحداث هذه القصة أن يتعلم الطفل بأن يكون قنوعاً، وأن ينظر إلى الأشياء الجميلة في بيته، ويستمتع بالأشياء الإيجابية فيه».

وعن أهداف قصص الأطفال تقول: « القصة هدفها تنمية الخيال لدى الطفل وتركز على بعض الأفكار، كذلك تعلّمه القناعة وكيف ينظر بإيجابية إلى ما يملك».

وعن اختيارها للكتابة للطفل بالذات أجابت: « أنا أكتب في المجالات الأخرى، ولكني خضت تجربة الكتابة للطفل بسبب أبنائي، لأنهم هم من يلهموني الأفكار، فبالتالي أشعر من خلال تجربتي أو احتكاكي بالطفل أنه يمكن أن أوصل رسالة ولكن بطريقة مختلفة، فهناك أمور مشتركة بين الأطفال مثل الخوف من بعض الأشياء، وعدم اقتناعه بما يملك، وعدم الرغبة في الذهاب للمدرسة، وهنا يأتي الدور في  كيفية كتابة قصة بطريقة بعيدة عن النمط المباشر، فالحكيم يلجأ إلى أسلوب القصص لإيصال فكرته، فيسرد قصص كيف يعيش الناس في بيوت أخرى، وكيف أن بيوت الناس مختلفة، فمنهم من يعيش في منزل خشب والآخر في منزل من ثلج وغيرها، فاحتياجات الناس مختلفة ورغم ذلك فإنهم يوائمون هذه البيوت مع احتياجاتهم، فبدل الوعظ نعلمهم بالأشياء الجميلة الموجودة في منازلهم».

وبالحديث عن أهمية القصة توجز أمامة محتوى القصة بقولها: « هذه القصة تتحدث عن فتاة صغيرة غير مقتنعة ببيتها، لأنه صغير جدا فتذهب إلى حكيم وتسأله أو تشتكي له عن بيتها الصغير ، والحكيم بدوره يقنعها من خلال سرده لقصص أناس لديهم بيوت أفضل منها لكنهم غير سعداء، فيحكي لها قصص عن شخصيات غريبة عجيبة تعيش في قصور واسعة وكبيرة، منها شخص يعيش في برد دائم، ذلك أن الشمس لا تدخل بيته لعلو أسواره، إضافة إلى أمثله أخرى».

أما عن الغلاف فتضيف: «غلاف الكتاب عبارة عن منزل غريب فنرى السرير خارج من النافذة، والملابس في اتجاه آخر وقد ربط بالشجرة،  فهذا يدل على طبيعة البيت الذي تعيش فيه تلك الطفلة الصغيرة، لكن في المقابل أنها تسكن بجوار مزرعة كبيرة، وهناك أشجار كثيرة والمكان تحيط به الخضرة، فهنا نعلم الطفل القناعة وتسليط الضوء على الأمور الرائعة الموجودة في منزله».

وعن الوقت الذي استغرقته أمامة في كتابة القصة تقول: « كتبتها بين سنتين أو 3 سنوات، فقد كتبتها عدة مرات وأرسلتها لدار النشر واستمر العمل فيها لمدة سنة، فبالتالي لا أستطيع ذكر وقت معين، فبطبيعتي أكتب القصة ومن ثم أعاود قراءتها بعد شهور حتى أعدل على الأفكار وأضيف ما ما يجعلها أفضل».

وتضيف: « بالنسبة لعنوان القصة فقد اقترحته دار النشر ووافقت عليه،  وكانت توقعاتهم جميلة واقتراحهم أفضل، وتمت طباعة الكتاب  في بيروت (دار أصالة) فهي دار جيدة وتهتم بإنتاج واخراج العمل بشكل جيد والدار نفسها فازت بعدة جوائز على مستوى الوطن العربي، وتشارك دائما في معرض مسقط للكتاب».

وتكمل: «هناك دور نشر متزمتة ولا تتقبل من الكاتب أية اقتراحات، وخاصة تلك التي تم تأسيسها لطباعة انتاج صاحبها في الدرجة الأولى، وهناك دور نشر ترحب بالأفكار الجديدة رغم أن بعضها مكلفة جدا، فيضطر الكاتب تحمل فرق السعر، وبالنسبة لتجربتي فقط راسلت دار نشر بارسالي لهما عملين أحدهما كلاسيكياً والآخر خيالياً، فوقع الاختيار على العمل الثاني مما يبعث على الأمل بأن الأفكار الجديدة تجد من يسمع لها ويتعامل معها بحرفية، وهذا ما يحتاج إليه أدب الطفل».

 وتكمل: « أنا متفائلة فيما يتعلق بأدب الطفل في سلطنة عمان فهناك حراك واضح واهتمام يتجسد بتنظيم مؤتمر عن أدب الطفل من قبل النادي الثقافي، كذلك تضمنت جائزة السلطان للآداب والفنون جانب أدب الطفل، ولكننا نفتقد إلى ريشة فنانات عمانيات يتخصصن في الرسم للطفل، ويتعاون مع دور النشر بالحرفية المطلوبة، فهناك فنانون متميزون في مجال التصوير الفوتوغرافي والرسم التشكيلي، حاصلين على جوائز رفيعة المستوى، ولكن قلما نجد منهم من يرغب التخصص في مجال الرسم للأطفال، على عكس الكتابة في مجال أدب الطفل فهناك أقلام اجتهدت ولاتزال تجتهد، وأتوقع في المستقبل أن تكون هناك مبادرات كثيرة من أجل تفعيل هذا المجال».

وتؤكد : «لابد من التغيير الجذري في مكتباتنا التي تستهدف الكبار والصغار على حد سواء، كما لا توجد مكتبات موجودة على مستوى الولايات فما بالك بمكتبات خاصة للأطفال! كما أن المكتبات العامة لابد أن تكون في المراكز التجارية بجوار السينما على سبيل المثال، أو يكون في المكتبة العامة ركن خاص بالأطفال، تكثر فيه النشاطات التي تستقطب الأطفال وأولياء أمورهم بهدف الترويج للكتب المعروضة في هذا الركن».

وتختم: «الأم الواعية هي التي تحفز الطفل على القراءة، وتهتم بمواهبه واذا كانت الأم تقرأ فالإبن سيقرأ، ومن خلال تذوق الأدب والأناشيد يكون عند الطفل مخزون لغوي، الأمر الذي يحتاج إلى قراءة مستمرة للقصص مع تخصيص مكتبة مصغرة للطفل، حتى ينصرف عن استخدام الأجهزة والألعاب الالكترونية ويتجه إلى الرسم والقراءة وغيرها من المواهب المفيدة».

 ابتهاج الحارثية:

كاتبة ورسامة عمانية

 تخرجت ابتهاج الحارثية بتخصص تربية انجليزية وتوظفت كمعيدة في مركز اللغات بجامعة السلطان قابوس وظلّت في مجال التدريس لمدة 8 سنوات، كما أنها خريجة ماجستير من استراليا، وبعدها استقالت من عملها لتخوض تجربة الرسم لكتب الأطفال كما أنها تملك مشروع دهاليز للفنون بعدما حصلت على ماجستير في تخصص رسم كتب مصورة للأطفال من جامعة أكاديمية الفنون سان فراسسكو.

اعتادت الحارثية على رسم كتب الكاتبة أزهار أحمد كأول تجربة لها، ومن ثم قررت الخوض في هذا المجال كمحترفة ومتخصصة في الرسم للطفل، فألفت كتاب(أنا وماه) باللغتين العربية والإنجليزية وعن سبب تأليفها لهذا الكتاب تقول: « عندما توفيت جدتي كانت بمثابة صدمة كبيرة لما كان لها من تأثير كبير في حياتي، فقد كان بينها وبين ابني علاقة حميمة، وعندما توفت تفقدها ابني كثيرا ودائما يسألني عنها، فقررت أن أكتب عنها، وهذا هو الدافع الرئيسي، فلم تكن عندي دراية فيما يتعلق بالرسم، لذلك قررت أن أدرس ماجستير في الفنون الجميلة وأن أرسم بالطريقة التي أراها».

وعن عنوان الكتاب تقول ابتهاج: « (أنا) يعني ابني و(ماه) هي الجدة، فهذه كلمة محلية اعتدنا أن نقولها لجدتنا».

وتضيف: « الهدف من كتابة هذا العمل هو أن أعلم ابني أن يتعامل مع  فكرة أن يفقد شخص عزيز، بالإضافة إلى أنه كان عندي شغف يجمع ما بين قراءة قصص الأطفال وممارسة الرسم».

وعن محتوى الكتاب حيث تقول: «تدور القصة حول طفل صغير يمر بفترة عصيبة فقد فيها جدته العزيزة، ومن خلال أحداث القصة تبرز ثلاثة أسئلة تدور في ذهن كل الأطفال وهي: هل جدتي في السماء؟ هل جدتي نائمة؟ هل جدتي تحت الأرض؟ فتجيبه أمه من خلال دفع الطفل إلى أن يقوم بما كانت تفعله الجدة في الحياة، مثل  زرع الأرض مثلما كانت تعمل جدته، والكثير من الأعمال التي كانت تقوم بها جدته».

أما عن مدة استغراق كتابة المشروع تجيب: « المشروع استغرق 5 سنوات، فالعمل الفعلي على الرسم أخذ 3 سنوات، لأنه كان عبارة عن  رسالة ماجستير وفيها الكثير من المناقشات والتعديل المستمر».

وعن دور دار النشر تقول: «تمت طباعة الكتاب في دار بلومزبري مؤسسة قطر للنشر، وهو متوفر باللغتين العربية والإنجليزية، وقد كنت محظوظة في معرفة كيفية الحصول على ناشر وكيفية ارسال العمل، فعندما تواصلت مع دار النشر كانت الرد بالإيجاب، فهي دار نشر عالمية وتنشر باللغتين».

وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا العمل قد تنافس مع  62 كتاباً في جائزة اتصالات لكتاب الطفل وتأهلت 4 كتب للقائمة القصيرة من ضمنها كتاب (أنا وماه)، حيث تم تصنيفه ككتاب العام وأفضل نص.

 أما عن أدب الطفل في السلطنة تعلق ابتهاج: « أدب الطفل في بلادنا لازال في بداياته، ولكن هناك كتّاب قد بدؤا فيه مثل: فاطمة أنور وجوخة الحارثية وأمامة اللواتية وأزهار أحمد، فتشجعنا لنكتب ونمضي معهم، رغم أن أدب الطفل لازال متواضعاً في بلادنا، ولا يوجد اهتمام فيه».

وتضيف قائلة: « التمويل هو من أكبر التحديات التي قد يواجهها الكاتب، كذلك عدم تقدير الرسام وعدم السماح له لكتابة اسمه في دور النشر، والإمكانيات أيضا قليلة ناهيك عن التكلفة العالية، واقبال الناس على الكتاب ضعيف، ويحتاج الأمر إلى خلق وعي لشراء كتب للأطفال».

 وتختم ابتهاج حديثها :«أوجه كلمتي لكل المبدعين أن لا يستسلموا، فالطريق لا يكون سهلا، بل هو صعب وقد لا أحد يشجعكم فيه، لكن كل انسان يجب أن يحقق ما يريد ويتبع حلمه، فقط اعملوا الشيء الذي تريدينه، واتبعوا أحلامكم وثقوا فيها، فستحصلون على الأفضل لا محال».

Categories: حوار, عمانيات

أضف تعليقاً